مسرحيات اليوم الذائعة مقتبسة من أفلام الأمس الناجحة

 

هناك فترة من العرض المسرحي – الموسيقي لـ«الحارس الشخصي» The Bodyguard عندما يتوقف العمل على الخشبة المسرحية ويتم عرض مقاطع من الفيلم الذي كان

 

 

 

المخرج ميك جاكسون (أين هو اليوم؟) قد حققه سنة 1992 عن سيناريو مكتوب خصيصا من قبل المخرج الآخر لورانس كاسدان (مشترك في المستقبل الغامض ذاته) ومن بطولة وتني هيوستون في دور نجمة الغناء الشهيرة وكيفن كوستنر في دور الحارس الشخصي الذي سيحميها ممن يحاول اغتيالها.

في تلك اللحظة المسرحية، مع بدء عرض مقاطع مؤلفة من الفيلم تبدو المسرحية كما لو أنها غير واثقة من أنها تملك من يلزم من عناصر الاستقلال لعمل مسرحي كامل مما يستوجب الاستعانة بالمقاطع السينمائية.

لكن «الحارس الشخصي» ليست المسرحية الوحيدة التي تم اقتباسها حديثا من فيلم سينمائي. في الحقيقة، هناك ما لا يقل عن خمس عشرة مسرحية معروضة تم تحويلها أو اقتباسها من أفلام سابقة. ظاهرة بدأت خجولة قبل عقود واستمرت كذلك في السنوات القريبة ثم شكلت ظاهرة واضحة خلال العقد الماضي.

ما كان طبيعيا ومنتشرا بالطبع هو نقل المسرحية إلى فيلم سينمائي. تطالعنا المصادر التاريخية باعتماد السينما على المسرحيات كواحد من مصادر أخرى كونت الصرح الكبير من الأفلام التي تم إطلاقها منذ العقد الأول من السينما وحتى الآن.

هذه المصادر محددة – وعلاوة على المصدر المسرحي – بالروايات المنشورة، والكتب غير الروائية (مثل السير الخاصة والبيوغرافيات)، والأخبار الصحافية وشخصيات ومجلات الكوميكس وبالمسلسلات التلفزيونية. هذا بالطبع إلى جانب الغالبية من الأفلام المكتوبة خصيصا للسينما والتي تشكل الآن رصيدا لا بأس بحجمه من بين الأعمال المسرحية المتوفرة.

فإلى جانب «الحارس الشخصي» نجد هناك «تشارلي ومصنع الشوكولا» الذي كانت السينما قدمته أكثر من مرة على الشاشة آخرها نسخة تيم بيرتون سنة 2005 وهناك «الخطوة التاسعة والثلاثين» وهو فيلم حققه الفريد هيتشكوك عام 1935 وتمت إعادة إنتاجه سينمائيا مرتين مرة في أواخر الخمسينات وأخرى في عام 2008.

وهناك فيلمان كان المخرج ستيفن سبيلبرغ حققهما نقلا عن مصادر أدبية لكنهما لم يجدا طريقهما إلى المسرح إلا من بعد نجاح هذين الفيلمين وهما «اللون قرمزي» وهو من سيناريو مأخوذ عن رواية بيوغرافية لأليس ووكر و«حصان حرب» المأخوذ عن رواية لمايكل موربوغو. ومع أن الرواية التي نشرت أول مرة سنة 1982 كانت تحولت إلى مسرحية سنة 2007 إلا أن المسرحية الحالية لم تنل شهرتها ونجاحها ولم تنتقل من خشبات صغيرة إلى قلب مسارح منطقة «وست أند» في لندن إلا من بعد أن ساهم الفيلم السينمائي المذكور بمنحها ذخيرة شعبية واسعة.

وهذا شأن أكثر من مسرحية مقتبسة عن فيلم كان بدوره مقتبسا عن رواية مثل «تشارلي ومصنع الشوكولا» و«البائسون» (المعروض موسيقيا منذ سنوات والذي تم استنساخه إلى فيلم سينمائي خلال الفترة بعدما كانت السينما أول من قدم رواية فيكتور هوغو على الشاشة – يعود الاقتباس الروائي الطويل الأول إلى المخرج الفرنسي ألبير كابالاني سنة 1912 – وهناك نسخة قدمها كمال سليم فيلما بعنوان «البؤساء» سنة 1944.

لكن وكما الحال في أمثلة كثيرة هناك أعمال مستوردة من نص سينمائي أصلي كما الحال مع «بيلي إليوت» المقتبس عن سيناريو للي هول قام بإخراجه، عام 2000، البريطاني ستيفن دولدري.

كذلك الحال بالنسبة لمسرحية «الملك الأسد» وهو عمل سينمائي في الأساس شارك في كتابته أكثر من عشرة كتاب وأنتجته ديزني كفيلم أنيماشن شهد نجاحا مدويا سنة 1994.

أيضا هناك «شبح الأوبرا» المتحولة منذ سنوات إلى مسرحية علما بأن السينما هي التي استلهمت الرواية التي وضعها الفرنسي غاستون ليروكس أولا وصاغت منها أفلاما من عام 1925 وما بعده.

الملاحظ في خلال كل ذلك أن هذه الاقتباسات كثيرا ما تتحول إلى مسرحيات غنائية – موسيقية (أو «ميوزيكالز» كما هو اسمها الحرفي) كما هو حال «بيلي إليوت» و«شبح الأوبرا» و«الحارس الشخصي». والواضح أن هذه الاقتباسات لا تصطاد الأفلام عبثا، بل تختار من بينها ما حقق نجاحه حتى تضمن انتقال جزء من هذا النجاح الجماهيري إلى المسرحيات نفسها.

السؤال جائز حول ما إذا كانت هذه الاستعارات المتزايدة دليل إفلاس، لكن هذا ليس صحيحا تماما لأن الشائع هو تكاثر المصادر على اختلافها. وإذا ما اقتبست السينما من المسرح طويلا، فإنه من الطبيعي أن يرد المسرح التحية باقتباساته السينمائية في اعتراف ضمني أن للسينما تأثيرا فاعلا في عملية ترويج العمل المسرحي على الأقل.

 

 

لندن: محمد رُضا

http://www.aawsat.com

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *