يبدأ عرضها الخميس القادم :حرير… خطاب مسرحي نسوي يكشف عن توجعات نساء العراق

لطالما سمعنا عن المسرح ودوره في تسليط الضوء على الكثير من القضايا، و لكثـرة ما قدم المسرح العراقي ما  بعد  2003 من عروض تنتقد الواقع بطريقة كوميدية ساخرة

ربما لما يحمله الواقع من ضغوطات يومية على شخصية المواطن العراقي. أما في مسرحية حرير- فالخطاب مختلف فهو أشبه بصرخة عالية مليئة بالتوجعات والأنين سببتها أزمنة الخراب والحروب مستمدا صوره من الواقع اليومي المشحون بالانتكاسات والأوجاع، هو عبارة عن حكايات وقصص جمعها نسيج الاختلاف الطبقي والثقافي والزمني ، متمردا وغاضبا ومحتجا رغم خنوعه.

انه  خطاب يثور في فضاء السلطة الذكورية والموروث الاجتماعي ليفرض حضوره بقوة لمواجهة الواقع بما تنطوي عليه القضية من هموم يومية وانتهاك للذات الإنسانية في عالم اليوم. حرير… نساء هُنَّ بقايا حريق مستعر واشتباك عنيف مع الزمن وصراع بين البقاء والفناء لأنسان خلفته الحروب والنزاعات في واقع اللا أمل، هو انفجار على الموجع في الحياة النسوية العراقية.
مسرحية حرير عمل مونودرامي من تأليف الفنانة ليلى محمد والذي تعلن من خلاله عن غير قصد عن انتمائها لمسرح نسوي جريء عبر خطتها النصية والأدائية، فالعمل يتصدى لكشف ما تخفيه الجدران من وجع تتعرض المرأة له يوميا في دائرة العنف والأعراف والتقاليد ، انه عمل يتصدى لعدة صور من قضايا سلبت المرأة الكثير من إنسانيتها وحقوقها وجعلتها كائن مضطهد وضحية للقهر والضيم والإقصاء.
في زيارتنا لفريق العمل وهو يؤدي تمارينه اليومية استعدادا للعرض التقيت الفنانة ليلى محمد لمعرفة المزيد عن ( حرير ) والهدف من عمل مسرحي من نوع مختلف أجابت:
أن العمل محاولة لتسليط الضوء على قضية معينة يعرفها المجتمع لكن الأمر يصبح مختلفا عندما نضع القضية تحت المجهر لكشف المعاناة الحقيقية التي تعيشها المرأة، والواجب يتطلب منا إن نطبق مادرسناه بشكل يلامس الواقع، لقد درست المونودراما الإغريقية ، لكن التطبيق يكون بروح عراقية معاصرة وباللهجة العراقية مع استخدام المعالجة البصرية ( خيال الظل ) ومن خلال حركة الجسد وعكسها بالضوء يتم شرح وإيصال الفكرة وهو وسيلة تكنيكية معاصرة تهدف إلى تحقيق إثراء تعبيري للعرض والأداء التمثيلي.
العمل يعكس دور المرأة وصلابتها أمام التحديات ودفاعها عن أمور كثيرة فهو يظهرها بأدوار مختلفة، امرأة حكيمة ومثقفة ومضحية وتنبذ العنف الطائفي ومنتجة وفنانة وطفلة حالمة. اخذ التحضير لكتابة النص سنة ونصف تقريبا من التجارب مع فريق عمل ضم الدكتور يوسف رشيد والأستاذ سلام السكيني وكان لهم دور في رواية عدد من الشخصيات حتى توصلنا لرؤية موحدة لكتابة تجربتي النصية الثالثة بعد مسرحية ( نورية ) و( لعبة البوح والجنون). وأضافت الفنانة ليلى : كنا نعمل للحصول على الموافقة قبل فصل الصيف لأن قاعة المسرح الوطني لاتتوفر فيها أجهزة التبريد ومدة العرض ليست اقل من ساعة كاملة ولانعلم هل سيتحمل الجمهور طوال فترة العرض وهذه المشكلة نعاني منها لسنوات.
ليلى محمد كفنانة وكمؤلفة تطمح في التخصص بقضايا المرأة وحقوق الإنسان من رؤيتها ترى إن التخصص ضروري لخدمة كل الفئات وأكدت أنها في أولى بداياتها المسرحية والسينمائية كانت تفكر بهذا الأمر مع المخرجة خيرية المنصور ولكن لم تكن الأجواء متاحة.
الأستاذ الدكتور يوسف رشيد يرى إن مسرحية حرير هي سبع قصائد نسوية ثائرة تخترق الصمت تنتمي إلى شعرية واحدة هي المرأة العراقية كوحدة تأسيسية لانبثاق الحياة في الشخصيات السبعة ويشتركنَّ معا في التاريخ والذاكرة والهم الجمعي للنسوة، تاريخ عوقته ويلات الحروب وقطعت خيوط أحلامه ويرى إن شخصية الطفلة في حرير هي أبشع توجعات حرير، انه عمل تتسع أفاقه في كل مشهد ذي تعاقد جمالي بين الممثل والمتلقي وإذكاء العمل بفعل ( التخيل) في مشاهد المسرحية التي تثير الاستذكار والتوجع باستخدام الإيقاظ العاطفي والساكن الأنثوي والمأساوي الذي يطرح مجموعة من الأسئلة العقلانية. من خلال مشاهدتنا للتمارين لمسنا المعالجة الإخراجية التي يحاول فيها المخرج إزاحة المألوف وإقصاء المتوقع وعقد صفقة مع المتلقي لإيصال المحنة الإنسانية بطريقة احتجاجية مغايرة في فضاء درامي لايخلو من الانفعال العاطفي والعقلاني. في حين الإخراج يرى إن شخصيات المسرحية وأن اختلفت في صور ومشاهد متعددة ماهي إلا شخصية واحدة مزقتها الحروب والنزاعات والانتظارات والتوجع والاضطهاد والحرمان، هي شخصية واحدة لضحية وقعت تحت وطأة قمع متعدد الإشكال والأساليب.
ونحن نعيش مع فريق العمل لحظات التهيئة والتمرين والتحضير نسينا حرارة قاعة المسرح الوطني استعدادا لعرض مسرحية ( حرير ) في يوم الخميس 27 حزيران (غداً) الحالي والذي سيستمر لثلاثة أيام متتالية ، شعرنا أننا أمام عمل مسرحي حقيقي لفنانين ومخرجين وإداريين ومجموعة من الفنانين الشباب من طلبة معهد الفنون الجميلة الذي عانوا الكثير لإيصال رسالتهم برغم كل الصعاب التي واجهوها، واليوم كل شيء متوافر القضية والفكرة والأيمان والإبداع ولكن نفتقد إلى من يدعم كل هذا للنهوض بالحركة المسرحية العراقية من جديد.

 

بغداد / انتصار الميالي

http://www.almadapaper.net

 

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *