«أبناء درجلك».. ‬7 إخوة يعزفون ويغنّون ويمثّلون

استعانت فرق مسرحية خلال مهرجان أيام الشارقة المسرحية، أخيراً، بجوقات موسيقية قامت بدور كبير في إنجاح بعض العروض التي صاحبتها، ولعل أبرز تلك الجوقات «أبناء درجلك» المكونة من سبعة أخوة من عائلة واحدة، والتي قدمت لوحات درامية ومشهدية باهرة، خلال مسرحية «أنت لست غارا» للكاتب التركي عزيز نيسين، ورغم فترة التدريب القصيرة لأفراد الجوقة التي لم تتجاوز ‬15 يوماً، استطاعوا إنجاز إضافة نوعية للعرض الذي أخرجه محمد العامري، والذي كان له الفضل الكبير «بحسب أبناء درجلك أنفسهم» في ظهور تلك الجوقة بمستوى عال، لدرجة أن النقاد أشادوا بهم واعتبروهم جوقة احترافية جاهزة للخروج من النطاق المحلي.

 

 

وظهر «أبناء درجلك» السبعة في أعمال العامري التي شارك بها أخيراً، في مهرجان أيام الشارقة المسرحية، منها مسرحية «خلطة ورطة»، ومسرحية «أنت لست غارا»، التي استثمر العامري فيها مواهب الجوقة عبر الاستعاضة بالفعل الحركي والصورة البصرية عن فعل السرد، رغم أن العمل قائم على ثلاث شخصيات رئيسة، إلا أن دور الجوقة كان مميزاً، إذ أوكل لها مهمة تشكيل تلك اللوحة الدرامية، فتارة هم جنود وأخرى هم عازفون، وفي أحيان كثيرة هم تشكيلات وصور يرويها الممثل، فهناك اختزال للسرد وتعويضه بالصورة المتحركة.

موهوبون بالفطرة

استوديو منزلي و«نهمات»

حول علاقتهم ببعضهم بعضاً، أكد علي درجلك، أنهم يعيشون في بيت واحد، وخصصوا غرفة في المنزل لتكون عبارة عن استوديو يضم كل أنواع الطبول التي يتدربون عليها أحياناً، ويمزجون الإيقاعات ويعزفون ايقاعات غريبة، ويغربلونها ليستخرجوا الإيقاع المناسب والمميز، لاسيما أنهم يعشقون الفنون الشعبية القديمة، وتحديداً النهمات البحرية، بل إنهم يسجلون أصواتهم وهم يؤدون النهمات التي يمكن الاستفادة منها في الاعمال المسرحية.

وأوضح علي أنهم وضعوا جدولاً يومياً يقومون من خلاله بتحديد أوقات الدراسة ومراجعة الدروس ومواعيد البروفات، حتى لا يؤثر جانب على آخر، لاسيما أنهم جميعاً عادوا إلى مقاعد الدراسة، «فالتحصيل العلمي مهم، ويسهم في تطوير خبراتهم ومعارفهم من أجل تحقيق النضوج الفني».

حول بدايات «أبناء درجلك»، قال العامري لـ«الإمارات اليوم»، إن «بداية تعارفي بأبناء درجلك لتعود لسنوات ماضية، إذ كنت حينها عضواً في مجلس إدارة مسرح الشباب والفنون، الذي كان يحتوي على أقسام التشكيل والفنون الشعبية والمسرح، ولأننا كنا نريد الاستفادة من الأقسام الثلاثة وتوظيفها جميعاً، فعلى سبيل المثال الفن التشكيلي استخدمناه في تطوير وتوظيف الألوان والقطع والسينوغرافيا على خشبة المسرح، أما الفنون الشعبية فكنا بحاجة إلى اشراكها في المسرح، كونها جزءاً من موروثنا الشعبي».

وتابع أنه أثناء بحثنا عن الشباب الذين كنا بحاجة إليهم وجدت مجموعة مميزة من الذين يمارسون الفنون الشعبية، وتحديداً على يد حسن علي لاغر، الذي رشح لنا مجموعة من الشباب بعضهم عازفون وآخرون إيقاعيون، إضافة إلى مغنين، وكان عددهم ‬12 شاباً، يربطهم جميعاً عشقهم للفنون الشعبية، وكان من بينهم ثلاثة من أبناء درجلك الكبار، إضافة إلى الممثل أحمد مال الله».

وهكذا تدريجياً انضم بقية الأخوة السبعة للجوقة، إذ تم الاشتغال على الناحية الجسدية والحركية، إضافة إلى الادوار الحوارية والعزف والإيقاع والغناء، وكل ما يتطلبه العمل المسرحي المتكامل، وما يميز أبناء درجلك وشباب الفنون الشعبية أنهم متعاونون، ولديهم شغف التعلم وتطوير مهاراتهم، التي هي موجودة لديهم بالفطرة، الأمر الذي جعلهم يبرزون على المسرح، خصوصاً أن الأخير قائم على العمل الجماعي، ويؤكد العامري أنه «رغم خبرته الفنية إلا انه استفاد من هؤلاء الشباب وتعلم منهم الكثير إلى جانب استفادتهم منه».

 

تطور واضح

العامري أوضح أن «أبناء درجلك» انضموا للمشاركة في أعماله منذ ‬2004، ومازالوا مستمرين في معظم الأعمال الفنية التي يقدمها، فمن أصل ‬11 عملاً مسرحياً شاركوا في سبعة أعمال، ويضيف «بدأوا صغاراً وتطوروا بشكل تدريجي، إذ إنهم في مسرحية حطبة التوبة غنوا وعزفوا، وواحد فقط شارك في التمثيل، أما مسرحية (آه يا قلبي)، فقد غنوا وعزفوا وشاركوا في الديكور، وفي مسرحية (اللوال)، إضافة إلى الغناء والعزف شاركوا في تصميم الملابس وقدموا عروضاً جسدية، أما في مسرحية (التراب) فكانوا فاعلين لدرجة أنهم شاركوا في صناعة المؤثرات الصوتية وكتابة إحدى أغنيات العمل»، لافتاً إلى أن «تطورهم لم يقتصر على المشاركات في العروض والتفاني في العمل والإخلاص في تقديم الأفضل دائماً، لكن في تطوير ثقافتهم الفنية من خلال القراءة والاطلاع والمناقشة وحضور الندوات التطبيقية والاستماع إلى النقد والاستفاده منه، وأقصد هنا أبناء درجلك وهم جابر وناصر وجمال وعلي وحسن وأحمد ومحمد، إضافة إلى جميع أعضاء الجوقة الآخرين البالغ عددهم ستة، منهم عثمان الجوهر وعمر صفر وحسن الجوهر ودرويش سبيل ومبارك محتاي».

وقدم أبناء درجلك والجوقة عروضاً مسرحية داخل الدولة وخارجها، منها مشاركات في الكويت وقطر وصلالة وبوخارست، إضافة إلى دبلن ورومانيا والمجر، منها عرضان من تأليف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، هما «النمرود»، و«الحجر الأسود».

ولم يتوقف طموح أبناء درجلك عند هذا الحد، بل إنهم وجدوا أن الجانب الثقافي والتعليمي يحتاج إلى تركيز أكثر، فقد كانوا دون المرحلة الاعدادية، وتحديداً في الصف السادس الابتدائي، بحسب العامري، الذي أكد أن «جميع أبناء درجلك عادوا من جديد لمقاعد الدراسة، لمواصلة تحصيلهم العلمي وتعزيز الثقافة، لاسيما أنهم مواهب ممتازة ليس من الناحية الفنية فقط، لكن من الناحية الرياضية والانتاج والدراما أيضاً».

رباط الأخوة

إلى ذلك، قال عضو الجوقة علي درجلك، لـ«الإمارات اليوم»، إن «الفضل يعود في ما وصل إليه أبناء درجلك من احتواء ودعم واهتمام، للفنان محمد العامري ومسرح الشباب والفنون، وتحديداً حسن علي لاغر والفنان أحمد الجسمي، هؤلاء الأشخاص لم يدعمونا فقط بل كانوا يتبادلون معنا الأفكار ويستمعون لنا ويشجعوننا ويتقبلون اقتراحاتنا أيضاً، لهذا نحن مدينون لهم».

وتابع درجلك «ربما لأننا أخوة تمكنا من الظهور بهذا الشكل المميز، لكن لدينا أخوة آخرون هم أعضاء في الجوقة، لا نفرق بينهم وبين أشقائنا، إذ يعاون بعضنا بعضاً في سبيل إنجاح الأدوار المنوطة بنا، بل ونعمل بجهد مضاعف حتى نظهر بأفضل صورة، وهذا ما تجلى أخيراً في مسرحية (أنت لست غارا)، التي راوحت مدة التحضير لها بين أسبوع و‬15 يوماً من العمل المتواصل، ورغم ذلك ظهرنا بمستوى جيد»، لافتاً إلى أنهم شاركوا في مهرجان أيام الشارقة المسرحية في عملين، وكانوا يخصصون وقتاً لحضور بروفات المسرحية الأولى ثم يخرجون لبروفات المسرحية الثانية، إذ إنهم أرادوا أن يكونوا أحد العناصر المهمة في العمل، «والتي يشار إليها من قبل النقاد كنقطة قوة للعمل لا نقطة ضعف».

 

المصدر:

    سوزان العامري – الشارقة

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *