سقوط الأندلس.. وجه الماضي الذي يفضح الواقع في مسرحية ‘زمن الحصار’

أصدر الشاعر والمسرحي أحمد سراج طبعة جديدة من مسرحيته ‘زمن الحصار’، وهي مسرحية تغوص في التاريخ العربي لتخرج لنا واحدة من أكثر صفحاته شجنًا، تلك الصفحة التي شهدت السقوط الأخير وإطفاء  آخر مصابيح الوجود العربي في أوروبا، حيث تعرض المشاهد الأخيرة لغرناطة، آخر المدن الأندلسية التي شهدت أننا كنا هناك ذات يوم.

فمن خلال الفصول الثلاثة المقسمة إلي خمسة عشر مشهدًا وثلاثة مداخل، يكشف النص خبايا الصراع الأخير، وكيف تحالف الخنوع مع الأطماع في مواجهة البسالة والحمية، فنري عبد الله الأحمر، آخر ملوك غرناطة، ومعه كبير وزرائه يوسف بن كماشة، وأبو القاسم بن عبد الملك حاكم غرناطة وكذلك شيخ تجارها، يزينون له الاستسلام الذي لم يكن بعيدًا عن نفسه، منذ أن حالف عدوه لينزع الحكم من عمه علي أن يسلم المدينة. ذاك الخنوع الذي وقر في النفس وتمكن منها ولم تستطع أمه الحرة عائشة الحرة أن تهزمه، ولا أن تحيي في نفس ابنها الملك مروءة العربي الذي لا يستسلم لعدوه ويفضل الموت علي الانسحاب أو الانكسار أمامه.

وفي نفس فسطاط هذه الأم نجد موسي بن أبي الغسان قائد فرسان غرناطة، ذلك المتسلل من زمن الفاتحين الأول، عقبة بن نافع وطارق بن زياد وعبد الرحمن الداخل، وسميه موسي بن نصير، يعمل في عزم وبسالة، ينفخ الروح في نفوس جنده، ويصر علي الصمود والمقاومة حتي آخر رمق.. لكن تآمر العدو الذي أدراك أن هذا الفارس لن يُهزم إلا من الداخل الذي كان مستسلمًا مهيأ للخيانة، هذا التآمر أحكم حوله ‘الحصار’ لتضيع المدينة، وتنزوي آخر شموس العرب في الضفة الأخري للبحر المتوسط.
بعدها يأتي المشهد الأخير، ومن خلال صبية، قد يكونون هم جند الغد، يلتقون بالفارس المغدور، ليشيروا لنا إلي موضع الضوء، عسي أن يخرج من بيننا يومًا من يريد، ويقدر، علي حمل مصباحه لإدراك بعض ما فات والحفاظ علي بعض الذي بقي.
يلحق بالنص بعض الصفحات المرتبطة: مقتطفات مما كتب أ. محمد حسنين هيكل تحت عنوان ‘نظرة في المرآة’، غوص في شخصية البطل الفارس موسي بن أي الغسان تحت عنوان ‘عن البطل’، ثم كلمة أخيرة عن النص المسرحي ذاته.
وعن النص كتب المؤلف: كتب هذا النص عام 2001 ظاهره/ قناعه عن آخر أيام العرب في الأندلس، وباطنه/ حال العالم العربي في ذلك الوقت لكن طبعة له في دليل النصوص التابع لهيئة قصور الثقافة صدرت في 2002 فقال من ناقشوه ومنهم المسرحي فكري النقاش: إن النص قناع لما يجري في العراق، ولما صدر عن هيئة الكتاب 2004 قال مناقشوه ومنهم دكتور رفيق الصبان إنه قناع لما يجري الآن من تمزق وتشتت، لكن المقولة الأعظم في حق هذا النص هي ما قاله الدكتور محمد الجزار في 2005: إن هذا النص يعيد الأندلس إلي الحياة.
صدر النص علي نفقة الكاتب عن دار نشر هيباتيا في 190 صفحة من القطع المتوسط، والجدير بالذكر أن الشاعر والمسرحي المصري صدرت له مسرحيات: ‘القرار’ و ‘فصول السنة المصرية’ وديوان ‘الحكم للميدان’ وله تحت الطبع ديوان ‘غرب الحب الميت’

 

 

كتبت-نفيسة عبد الفتاح

http://www.elaosboa.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *