بعد إصابته بالعمي والعديد من الأمراض رحيل الفنان العراقي فاضل جاسم

بعد إصابته بالعمي منذ عامين وفتك الأمراض الكثيرة بجسده أخيرًا، توفي الفنان العراقي، فاضل جاسم، أمس الإثنين تاركًا الكثير من الأعمال الراسخة في ذاكرة الفن العراقي.

 

 


بغداد: نعت نقابة الفنانين العراقيين الفنان فاضل جاسم، الذي توفي أمس اثر إصابته بنوبة قلبية مفاجئة بعد معاناة طويلة مع العديد من الأمراض التي توالت في زيارة جسده، وصراع مرير مع الظلمة بعد ان اصيب بالعمى قبل عامين، فيما كانت النداءات لمعاونته للتخفيف عنه تذهب ادراج الرياح فلم تلتفت اليه المؤسسة الفنية، علمًا أن عددًا قليلاً من أبناء حيه شاركوا في تشييعه.

وكي لا يمد يده طلباً للمساعدة لم يترك جاسم التمثيل وكان يفتخر بحفظه أدواره عن طريق السمع، فقدم ادوارًا في اعمال تلفزيونية غير مبال بالعمى، واشترك في مسلسل “سائق الستوتة” الذي عرض في رمضان 2011 مع الفنان قاسم الملاك ليكون آخر أعماله التلفزيونية.

والفنان فاضل جاسم هو من خريجي معهد الفنون الجميلة في الستينات، وعضو فرقة 14 تموز وأحد مؤسسيها، قدم الكثير من الاعمال المسرحية فيها منها “الدبخانة”، و”جفجير البلد”، “اللي يعوفه الحرامي”، “جزة وخروف”، وشارك في العديد من الأعمال التلفزيونية وأعمال الفرقة خصوصًا برنامج “مع الخالدين” الذي كان يعده الراحل عزيز شلال عزيز وقدمت اكثر حلقات البرنامج على الهواء مباشرة.

ويعد جاسم واحدًا من مؤسسي الفرقة القومية للتمثيل، كما برع في ادوار كثيرة اهمها “مجالس التراث”، “حرم صاحب المعالي”، “ابو الطيب المتنبي”، “نديمكم هذا المساء”.

شكل ثنائيًا جميلًا مع الفنان قاسم صبحي في اكثر اعمال فرقة 14 تموز، ويؤكد زملاؤه الفنانون انه فنان انسان بكا معنى الكلمة، وهو ممثل مبدع وكبير ويتميز بمواقفه الكوميدية التي قربته من الناس في الازمان المختلفة.

حاولنا الإتصال بزميله الفنان قاسم صبحي فقال لنا ابنه الصحافي اياد الصالحي أنه ما إن قرأ الخبر على شاشة التلفزيون حتى صرخ وكاد يغمى عليه وراح يبكي بحرقة، فهو صديق عمره وطالما كانا معًا في اغلب الاعمال الفنية سواء المسرحية او التلفزيونية.

وفيما بعد تحدث لنا الفنان قاسم صبحي قائلاً: “في الراحل صفات مشتركة اسهمت في نجاحنا معًا من خلال اقبال المخرجين على اسناد ادوار قريبة من بعضنا في اطار كوميدي دغدغ قلوب المشاهدين منذ اكثر من عشرين عاماً، فضلاً عن حماسة الراحل خليل الرفاعي في كتابة قصص قريبة من الواقع العراقي الشعبي، ووجد في كلينا رسالة مهمة بسيطة تمثل مجتمع الطيبة والوفاء والغيرة حولها الى اعمال ناجحة بعدما وصل انسجام الراحل معي نفسيًا وروحيًا وفكريًا الى درجة الكمال بحيث صار يفهمني بالاشارة والايماءة من دون ان نتفوه بكلمة واحدة”.

واضاف: “خسرنا فاضل جاسم الإنسان الطيب والفنان العفوي والعراقي الشريف الذي هضم كل صعوبات الحياة وذرف الدموع قهرًا لما وصل إليه المستوى المعيشي للرواد من بؤس وشقاء، وما تسببت به ظروف البلاد طوال العقود الثلاثة الاخيرة من تباين لمستوى العروض المسرحية والدراما التلفزيونية اثر رحيل عمالقة الفن النظيف والبرئ، لذا سابقى وفيًا لأخي الراحل وكل رموز الفن الاصيل من خلال استرجاع ابهى الذكريات والمواقف الشجية ولن ننساهم مهما حيينا، الف رحمة على روحهم الطاهرة”.

وفي الحديث عن جاسم نستذكر ما قاله الفنان الكبير يوسف العاني عنه: “دعيت إلى حفل مهرجان بغداد الدولي الخامس للمبدعين الذي اقيم في قاعة المسرح الوطني، وقف بين المكرمين الفنان المسرحي والتلفزيوني فاضل جاسم سمعت بمرضه ولم أكن ادري عن حالته الا القليل، هرعت إليه لأحتضنه واستمع إليه وكان هو مع من يقوده يتجه إليّ حين علم إنني حاضر، كان لا يرى شيئاً ويمد يده يمسك بمن أمامه كي لا يسقط على الأرض، فقد بصره ولم يبق منه إلا بصيص أمل يعيد إليه قدرة جديدة كي يرى النور ويسير في ممرات المسرح بلا رفيق ليصعد إلى خشبة مسرحه او ينزل منها كما كان بالأمس، علامة من إبداع حقيقي يملأ الفضاء حيوية ليقنعك بما يقول او يتحرك وقدماه راسخة ليقودها برؤيته المضيئة إلى أي جهة يريد يميل ذات الشمال وذات اليمين ينتزع البسمة والبهجة ويغادر المسرح بذات الحيوية ليلتمس صدى ما قدم من إبداع وما خلق من فرح، فاضل في ذلك اليوم كان يمد يده ليمسك بي ويتأكد إني أمامه احتضنته، فاحتضنني وبكى مردداً كلمات دعوة الى المسؤولين ليأخذوا بيده الى أماكن علاجه التي تتطلب المال والجهد وهو اليوم عاجز عن توفيرها بالقدر المطلوب، قال لي كلمات أبكتني ونقلتني إلى حال فنانين آخرين مروا بعين المأساة وما زال آخرون أو أخريات في عين الحالة أو أسوأ منها”.

 

 

عبدالجبار العتابي

http://www.elaph.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *