أحمد عبدالرزاق: الاستعجال والتعالي لا يخلقان مسرحياً عظيماً

ربما تكون الفترة التي قضاها الفنان الإماراتي أحمد عبدالرزاق في السلك العسكري في بداية حياته المهنية هي التي جعلت “شخصية القائد” أكثر الشخصيات التي يؤدي دورها على خشبة المسرح .

إن الانضباط وانتظام الحركة وسرعتها، وصرامة الملامح صفات يسهل على أحمد عبدالرزاق بحكم التدريب تقمصها، لكنّه يرى أن هذا الاربتاط بشخصية القائد ليس شيئاً مقصوداً أو دائماً، فهو لم يخطط لذلك وإنما كان الاختيار عفوياً، وربما ساعد فيه أن وظيفته كمنتج منفذ هي بحد ذاتها، قيادة من نوع آخر، حتى وهو يؤدي دور القائد لم يرتبط بنموذج “كاركتر”، كأن يكون ذلك الشخص المتجهم الملامح المنتظم الحركات المستبد بسلطته، بل ظل يعمل على تطوير الدور والإضافة إليه في كل مرة، ويبحث فيه عن الجوانب العاطفية، أو التفكير المنطقي أو الرأي السليم، وذلك لتكون الشخصية في كل مرة مختلفة، ويقول إن أكثر الأعمال التي أدى فيها دوراً قيادياً بارزاً كانت مسرحيات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة “عودة هولاكو – القضية – الواقع صورة طبق الأصل – الاسكندر الأكبر – النمرود – شمشون الجبار – الحجر الأسود”، وهو يعتز بأنه في بعض هذه المسرحيات كان له الدور الحاسم في إيصال رسالة المسرحية، وهذا ينسجم تماما مع قناعته الراسخة بأن الفن رسالة، وأقصى مراتب السعادة لدى الفنان هي أن يحس بأنه أدى تلك الرسالة، خصوصاً إذا كان يؤدي دوراً في إحدى مسرحيات صاحب السمو حاكم الشارقة التي تحمل بعداً فكرياً وهماً قومياً كبيراً، ويذكر أنه في مسرحية الاسكندر الأكبر كانت الرسالة من توقيعه حيث يقول في أحد المشاهد “لقد قتلنا الملك شاؤول وأبناءه الثلاثة وجميع جنوده، ولا تظنوا أن المعركة انتهت، علينا تحرير مدننا من “الإسرائيليين”، وأن نفعل ذلك من الآن” .


ويضيف أحمد عبدالرزاق أنه لم يقتصر على دور القائد، بل أدى أدواراً أخرى اجتماعية وكوميديه سواء في المسرح أو في الدراما التلفزيونية، ومن المسرحيات: “بس  راعي البوم عبرني  كوكتيل البشتخته  اللوال  روبن هود  التاج والعلم  الأمير المخطوف  علاء الدين  حمدوس  سندبادان عذابات الشيخ أحمد  رصاصة داخل السوق  أزقة من العالم الثالث  شهادات أمام باب الأقصى”، وكان اهتمامه في كل مرة يرتكز على محاولة نقل الشخصية من الورقة المكتوبة إلى الشخصية الحيوية المتحركة على الخشبة، عبر أداء يجسد الدور المراد .


وعن رؤيته لأداء الجيل الجديد قال عبدالرزاق إن المشكلة التي يعاني منها الجيل الجديد من المسرحيين هي التسرع وعدم تثبت الواحد منهم من إمكاناته الفنية وتنميتها بهدوء بعيدا عن ضجة الأضواء: “فمبجرد أن يؤدي الشاب دوراً مهماً في مسرحية أو يخوض تجربة إخراجية، يظن أنه وصل القمة وأحرز أعلى درجات الإبداع ويمتنع عن مواصلة التعلم والتطوير، بل يبدأ في النظر إلى الآخرين بدونية، ولا يتقبل أي نقد أو توجيه، هذه ظاهرة مرَضية طاغية على هذا الجيل من شبابنا، وهي لم تكن موجودة في السابق، لأن المسرح كان هماً واحترافاً لدى القائمين عليه، وكان الوقوف على خشبة المسرح حلماً بعيد المنال للشاب المبتدئ، وأذكر من واقع تجربتي أنني عندما سعيت إلى الالتحاق بالمسرح ترددت كثيراً على مسرح دبي الشعبي، ولم أجد من يهتم بي أو يقبل أن يسند لي دوراً، فانتقلت إلى مسرح الشارقة الوطني، وهناك حظيت بدور بسيط جداً في مسرحية “الغرباء لا يشربون القهوة” سنة ،1985 وكان ثلاث كلمات فقط، أتلفظ بها وينتهي الدور، لقد تعلمنا أن نجاهد ونعمل بجد، وأن نتعب في التدريبات حتى نحصل على دور ذي أهمية، وتعلمنا الانتماء للمسرح بوصفه فناً ورسالة على صاحبها أن يكون جاهزاً وحاضراً لتأدية تلك الرسالة” .


ويؤكد أحمد عبدالرزاق أنه لم يسع إلى ممارسة الإخراج أو الكتابة المسرحية، واكتفى بالتمثيل، ثم الإنتاج الذي أصبح تخصصه الرئيس اليوم، ويقول: “إنه ليس المهم تعدد الاختصاصات الفنية المسرحية كأن يمارس الإنسان التمثيل والإخراج والتصميم والإضاءة والإنتاج والكتابة، كلها أو بعضها بالتناوب، بل المهم هو أن يبقى على تخصص واحد، ويواصل تطوير نفسه في داخله لكي يصل إلى أقصى درجات الإتقان، ويستطيع وقتها أن يكون مبدعاً” .

 

الشارقة – محمد ولد محمد سالم:

http://www.alkhaleej.ae

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *