جمعة علي: الكوميديا السوداء متعة ورسالة

كثيراً ما تدفع الموهبة الفنان الكوميدي إلى الإغراق في مسرح الضحك إلى درجة يفقد معها العمل الذي يقدمه كل قيمة فكرية أو اجتماعية، ويعجز عن تقديم رسالة أخرى غير رسالة الضحك الأهوج والمفتعل في كثير من الأحيان، لكن هذه ليست حال الفنان الإماراتي جمعة علي في ما يقدمه من أعمال كوميدية، فهو فنان جاد في كوميديته يبحث عن أسباب الضحك في أثناء الموقف الذي يؤديه، لكنه لا يغفل عن كونه يؤدي رسالة ثقافية تسعى

لإنارة وعي جمهوره الذي ينبغي أن يحصل على رؤية جديدة جادة كما يحصل على الضحك، هذا المزج الصعب بين الكوميديا والعمل الجاد هو اللعبة التي أتقنها جمعة علي بحنكة جعلته يصعد بسرعة في مساره التمثيلي الذي بدأه منذ سنة 1994 ليصبح نجماً من نجوم الكوميديا في الإمارات، وواحداً من الممثلين المطلوبين بإلحاح في عروض المهرجانات المسرحية، وقد نتج عن ذلك أنه وعلى مدى دورات متتالية من مهرجان أيام الشارقة المسرحية كان يشارك أكثر من عرض، حتى إنه شارك في أربع مسرحيات في دورة ،2009 وقد اتجه جمعة علي في السنوات الأخيرة إلى الكتابة المسرحية، وهو يحاول من خلال نصوصه المسرحية أن يقدم كوميديا جادة .

 

عن هذا التوجه يقول جمعة: اتجهت إلى الكتابة الفنية لأرفد الساحة المسرحية بنصوص كوميدية، فهناك فقر في هذا المجال، وأنا كفنان كوميدي قادر على اختراع المواقف المضحكة وأردت أن استغل هذا الجانب لكتابة مسرحية تجمع بين الفكرة والضحكة وتغذي حاجة المتفرّج، وقد كتبت مسرحية “حريم جمعان” التي أخرجها عبد الرحمن الملا لمسرح كلباء الشعبي، وعرضت على خشبة المركز الثقافي في كلباء أيام عيد الفطر الماضي، وركزت على نقد بعض الظواهر الاجتماعية في قالب كوميدي، ومسرحية “المذنب” التي أتوقع أن تعرض في الموسم المقبل من أيام الشارقة، وهي أيضا تصب في هذا الاتجاه .

ويضيف جمعة: الكوميديا الجادة، أو السوداء كما يسميها البعض لها مستقبل كبير في الساحة الإماراتية، وأظن أن هذا الشكل من العروض لم يغب يوماً عن ساحتنا، وهو مهم لأنه يجمع بين لونين فنيين يرسخان في الذاكرة بشكل كبير، وفائدته بالنسبة للمتفرج أنك تعطيه الفكرة في قالب مريح، يخفف من حدة سوداوية التراجيديا، وضغطها النفسي على المتفرج الذي جاء إلى المسرح ليروح عن نفسه، وهذه الطريقة يحبها الجمهور، وتريحه أكثر مما لو قدمت له مسرحية جادة خالصة، وقد وعى المخرج الكبير حسن رجب هذه الحقيقة وهي من أسرار ارتباطي به في العمل المسرحي أكثر غيره، كما أن لصديقي المخرج فيصل الدرمكي تجربة جيدة في هذا المجال، وهذا لا يعني أن المسرح الجاد ليس مهماً ولا يستطيع أن يؤثر في الجمهور، لكنه يظل نخبوياً، ويحتاج إلى جمهور مسرحي على درجة كبيرة من الثقافة، وأشير هنا إلى أننا في مسرح كلباء الشعبي نقدم في أغلب عروضنا في المدينة مسرحاً جاداً، وقد تكوّن لدينا على مر السنين جمهور على درجة كبيرة من الوعي، يتوقع منا باستمرار أن نقدم له هذا اللون الراقي من المسرح .

وعن ارتباطه بالمسرح وتفضيله له على الدراما التفلزيونية يقول: معروف عني أنني أفضل خشبة المسرح على شاشة التلفزيون لأن الخشبة تضمن لي علاقة مباشرة مع الجمهور، فأتلقى التفاعل مباشرة، وأحس بحميمية مشاعر البهجة وردة الفعل التي تصدر عنه، وهذا يسعدني ويمتعني ويحفزني لإتقان الأداء وحشد قدراتي في الارتجال والإضافة النابعة من ذلك الاتصال المباشر مع الناس، وهذه الحرارة هي التي أفقدها في العمل التلفزيوني، لذلك أحرص على أن يظل جهدي الأكبر موجها إلى المسرح، ولا أمانع في العمل التلفزيوني ما لم يتعارض مع عملي للمسرح .

يعود الفضل للمخرج فيصل الدرمكي في اكتشاف موهبة الفنان جمعة علي وتقديمه للساحة المسرحية، وكانت مسرحية “الجنون فنون” أول عمل مسرحي يشارك فيه، ثم انطلق في عالم التمثيل ليصل إلى مهرجان الشارقة المسرحية، ويتسلم دوراً بطولياً في مسرحيات كبيرة مثل مسرحية “الظمأ”، و”ثواني الرحيل”، ومسرحية “الذي نسي أن يموت”، و”سمنهرور” و”حاميها حراميها” و”السلوقي” و”شمشون الجبار” من تأليف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ومسرحيات أخرى كثيرة، وقد حصل على عدد كبير من الجوائز القيمة

الشارقة – محمد ولد محمد سالم:

http://www.alkhaleej.ae

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *