المسرح السعودي .. هوية معطلة

منذ تلك اللحظة التي انطلق فيها الاحتفاء باليوم العالمي للمسرح، قبل أربع وأربعين عاما والعالم يحتفل بهذا الحدث سنويا، الذي اقترح إقامته الشاعر والناقد أرفي كيفما “رئيس المعهد الفنلندي للمسرح.

حيث يشهد مركز الملك فهد الثقافي مساء الليلة احتفالية كبرى يرعاها الدكتور عبد العزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام والشاعر المعروف رجا العتيبي مدير جمعية الثقافة والفنون بالرياض، أوضح أن الاحتفالية الليلة التي ينفذها شباب المسرح تأكيدا من جمعية فنون الرياض على أهمية إيجاد جيل جديد يستكمل الحراك المسرحي في السعودية بفكر جديد يواكب العصر، مشيراً في الوقت نفسه إلى أهمية رعاية وحضور وزير الثقافة والإعلام، ومثمنا اهتمامه بالمسرح، ولافتا إلى أن الجمعية عندما تحتفل بهذا اليوم على نطاق واسع وكبير تؤكد أن المملكة جزء من هذا العالم وأنها تتفاعل مع أحداثه بفاعلية، خصوصاً أن الجمعية تشهد مرحلة حيوية بعد تسنم سلطان البازعي رئاسة مجلس الإدارة الجديد، ما أضفى على فروع الجمعية نفسها إبداعيا مغايرا عن السابق.

هذا وسيقوم الفنان عبد الله السدحان بقراءة رسالة اليوم العالمي للمسرح للعام الجاري 2013، وكان المعهد العالمي للمسرح قد رشح المسرحي الإيطالي داريو فو لكتابة رسالة اليوم العالمي للمسرح وتم رفعها على موقعه على الإنترنت ليسهل الوصول إليها من قبل المؤسسات المسرحية عالمياً، وترجمتها لفنون الرياض الدكتورة إيمان تونسي أستاذة النقد والمسرح بجامعة الملك عبد العزيز بجدة.

كما ستكرم فنون الرياض الليلة شباب المسرح من جامعة الملك سعود الذين كان لهم مشاركات مميزة مع فرع الرياض واستطاعوا أن يكسروا حاجز الجمود بين الجمعية والجامعة الذي امتد لسنوات طويلة، كما تكرم فنون الرياض الدكتور شادي عاشور بمناسبة انتقاله إلى المدينة المنورة تقديراً لجهوده في الحراك المسرحي، وتختتم فنون الرياض فقراتها في ذلك اليوم بعرض مسرحية “حكاية لعبة” تأليف عبد الله الحمد وإخراج يزيد الخليفي وبطولة يعقوب الفرحان وعبد الله السنوسي ومحمد مقبل.

وسيعلن الوزير في هذه الاحتفالية تدشين مسابقة مسرح شباب الرياض النسخة الثانية، حيث اعتمدت اللجنة المنظمة نص “غبار بن بجعة” للمؤلف المسرحي محمد العثيم ليكون هو النص المحوري للمسابقة حيث يعده سبعة معدين، ويخرجه سبعة مخرجين، ويشارك في المسابقة ما يقرب من 90 موهوباً مسرحياً يمثلون نخبة خريجي الدورات التي نظمتها فنون الرياض خلال السنوات الماضية.

وفي السياق ذات أكد المؤلف المسرحي محمد العثيم لـ “الاقتصادية” أن الجهات المسؤولة في الدولة لم تضع المسرح على قائمة أولوياتها ولا تلقي له بالاً حيث إنها ترعاه على أنه نشاط يقوم على الاجتهادات الفردية ولا تنظر إليه كثقافة، مضيفاً أنه في السبعينيات خطت الجامعات خطوة جبارة في المجال المسرحي لكنها تعرضت للمد الديني الذي اعتبره ذنبا غير مقبول، ولم تستطع المقاومة فتراجعت وأصابها الشلل التام وعجزت عن أداء دورها على الرغم من أن لديها إمكانات هائلة من قاعات مسرحية وميزانيات ضخمة.

وقال العثيم “الثقافة على مستوى العالم تصرف عليها الموارد المالية أكثر من التعليم، وإلى الآن لم يعطَ الجانب الثقافي أي دور يذكر، حيث لا تزال الثقافة منسية تنمو بشكل غير منظم وتنحصر في نخبوية الأندية الأدبية وهواة جمعيات الثقافة والفنون، ووزارة الثقافة والإعلام أسندت لها الدولة كل موضوع الثقافة فلماذا لا تتعامل مع المسرح أسوة بمعرض الكتاب الذي اهتمت به!”.

وأوضح الكاتب المسرحي أن الاحتفال باليوم العالمي للمسرح ما هو إلا تذكير بأننا لم نفعل شيئا للمسرح السعودي على الرغم من وجود الكوادر والإمكانات الفنية لم يكن هناك مسرح جماهيري يستطيع أن يسد الفراغ الثقافي على الرغم من كونه أخطر النشاطات الثقافية المؤثرة.

وأضاف “نطالب في اليوم العالمي للمسرح بمشروع دولة للفنون المسرحية يهتم بالبنى الأساسية ومعاهد التدريب وتنمية وتوظيف الكوادر، خاصة أننا نفتقده لأنه ليس على قائمة الاهتمامات للجهات المسؤولة، حتى الجهات الراعية له ترعاه على أنه نشاط وليس كثقافة”.

وأبدى الكاتب المسرحي تمنيه أن يصبح المسرح مؤسسة قائمة بذاتها ويستطيع أن يقف على قدميه، موضحاً أنهم كمسرحيين ينتظرون من وزارة الثقافة والإعلام الالتفات إلى المسرح ليس كنشاط وإنما كمؤسسة ثقافية قائمة بحد ذاتها ببنى تحتية وبناء مسارح ودور عرض والاهتمام به كمؤسسة في ثقافة الوطن.

وقال “لا يمكن أن يبقى الحال كما هو عليه الآن، والحياة تحقق نفسها، وفي يوم من الأيام كل ما تم منعه كما منعت أشياء سابقة سيحقق نفسه، لكن لا نعلم متى وكيف وما الطريقة التي سيتحقق بها.. ولا يصح الصحيح.

وهذا السؤال الذي يتردد منذ أربعين عاماً، لذا علينا إعادة تخطيط استراتيجية الثقافة من جديد ونفكر فيها ونحن نحتفل في هذا اليوم كمسرحيين وليس كمسرح”.

وأكد العثيم، أن المسرح لا يمكن أن يسد فجوة غياب ثقافة السينما والتلفزيون التي يفتقدها المجتمع السعودي على الرغم من وجود شباب لديه تطلعات وآمال لكنه يصطدم بعدم وجود مسرح على مستوى الإنتاج نظراً لغيابه على الجمهور واعتماده على الاجتهادات الفردية حتى أصبح كنشاط إعلامي هامشي.

وأضاف “إلى الآن لم تقم مؤسسة ثقافية للدولة رغم وجود مسمى وكالة الشؤون الثقافية في وزارة الثقافة والإعلام، لذلك لا توجد مؤسسة ثقافة وطنية بمعنى الكلمة لها بنية أساسية ولها قاعدة ودور تعلم الثقافة والفنون والمسرح وجمعيها مرتبطة ببعض، لا يمكن أن تترك هكذا ونقول إنها تنمو بنفسها”.

هذا، ووصف الكاتب المسرحي الجمعيات المهتمة به بقول الشاعر: ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء.

فلا تتوافر لديها الموارد ولا الإمكانات لكي تقف على رجليها، موضحاً أن المسرح رغم تغييبه إلا أنه موجود، فالأفراد يبذلون الجهد والمال، وجمعية الثقافة والفنون ترعاه كجزء من نشاطها للهواة وليس كبرنامج ثقافي.

ولفت العثيم حاجة الثقافة في السعودية إلى بنية أساسية تقوم عليها وهي إنشاء أماكن وتجهيزات ودور لتفريخ المثقفين من معاهد فنون وغيرها، وكل هذا غير موجود في الثقافة الآن، حيث إنها تنمو تلقائياً بطريقة غير مهذبة ولا منظمة، وهذا لا يعني عدم وجود طاقات شابة تستحق التقدير، ولا بد من إعطائهم موارد ومعاهد فنون وبنى أساسية ثم يُطالَبوا بالنتائج.

وقال المؤلف المسرحي، إن المجتمع السعودي لم يكن في يوم من الأيام ضد المسرح، فكيف يدعم مسرح لم يره على أرض الواقع، ومن يرى الأنشطة المسرحية الترفيهية تشهد إقبالا كبيرا، فإذا أعطي الجمهور مسرحا فسوف تشاهده، والثقافة المسرحية موجودة ودليل ذلك كتابي الصادر هذا العام عن المسرح بيعت جميع نسخه، وهذا دليل على وجود مسرحيين بلا مسرح.

وتابع “المسرح الموجود ترفيهي وليس ثقافيا، ولم يولد بعد حتى الآن وهو خطة دولة، لذا لا بد من خطة تنمية كبرى على مستوى المملكة لتنمية الثقافة كباقي المجالات الأخرى، ولا يمكن تأسيس مسرح دون وجود كوادر ذات قيمة تعمل، والمتهمون به وقفوا من ثلاثين سنة يدافعون عنه ويقنعون الناس به على الرغم من أن العادات والتقاليد دائماً لديها تخوّف ضد كل ما هو جديد”.

 

 

عبد الحميد الأنصاري من الرياض

http://www.aleqt.com

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *