سميرة أحمد: بالمصادفة صرت ممثلة

حذرت الفنانة الإماراتية، سميرة احمد، من أن غياب استراتيجية رسمية تُعنى بالمواهب الشابة من قبل وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، من شأنه ان يوقع اصحاب

 

تلك المواهب في فخاخ «فوضى فنية»، تجعل الكثيرين منهم يتصدرون المشهد الإبداعي الشاب من دون أن يكونوا بالفعل قد تمكنوا من صقل أدواتهم واكتساب المهارات الأكاديمية التي تؤهلهم لذلك، مضيفة أن «البعض يتحول بمجرد صعوده في تجربة أو تجربتين على المسرح، إلى مخرج، أو ممثل رئيس».

ورأت الفنانة الملقبة بـ«أم أحمد» أن التلفزيونات المحلية تخطئ هي الأخرى في حق الفنان الإماراتي عندما يحاول أن يسلك طريق الإنتاج، بكيلها بمكيالين لمصلحة سواه من المنتجين وشركات الإنتاج غير الوطنية، فتقدم مزيداً من التسهيلات والامتيازات لسواه، على الرغم من أن المنتج المحلي يتعرض في الوقت ذاته لمنافسة خليجية وعربية كبيرة.

وأضافت سميرة في ندوة استضافتها «ندوة الثقافة والعلوم» تناولت دور المرأة الإماراتية في المسرح والدراما التلفزيونية، أن «الفنان الإماراتي عندما سلك طريق الإنتاج ظلت تجاربه محسوبة عليه أكثر من غيره، ويتعرض للكثير من التدقيق في حال تقدمه بمشروع ما، ودائماً ما يصطدم بإشكالية الميزانية، من دون الالتفات إلى القيمة الاجتماعية للعمل، وقدرته على الغوص بشكل أكبر في تفاصيل الشخصية والبيئة الإماراتيتين».

عشقت المسرح

قالت الفنانة القديرة، سميرة أحمد، إن صعودها إلى خشبة المسرح للمرة الأولى قبل نحو ‬35 عاماً لم يكن بغرض الشهرة، أو حتى الحصول على المال، مضيفة: «هذه هي حال معظم الفنانين الذين عاصروني، ولايزالون يملأون الساحة المحلية بفنهم، وفي كثير من الأسفار كنت الفتاة الوحيدة العاشقة للمسرح بين ثمانية أو ‬10 أشخاص كانوا بمثابة الأخوة».

واعترفت (أم أحمد) بأن العائد المادي للعمل المسرحي ضئيل للغاية، في مقابل التلفزيون، مضيفة «ثلاث أو أربع سنوات عمل في التلفزيون تتجاوز ‬30 سنة عملاً على المسرح، هذا هو واقع الدراما المسرحية والتلفزيونية من حيث المردود المادي في الإمارات، لكن على الرغم من ذلك فإن العمل في التلفزيون تحُول دونه إشكالات متعددة لا تخدم بالضرورة مصلحة الفنان المواطن».

وأشارت إلى أنها عكفت على رواية «عيناك يا حمدة»، التي تعد الأولى للإماراتية آمنة المنصوري، لما تحمله من محتوى يعد بمثابة رصد جمالي يوثق للمرأة الإماراتية من حيث ثقافتها وتراثها وأزيائها وغير ذلك، لكنها جوبهت بمعوقات إنتاجية و«بعدم وجود ميزانية للعمل».

سلطان صقر السويدي يمنح سميرة أحمد شهادة تقدير على مجمل عطائها للمسرح.        تصوير: أسامة أبوغانم

وكشفت (أم أحمد) التي قامت بتنفيذ إنتاج ثلاثة مسلسلات لمصلحة «سما دبي» من خلال شركة إنتاج خاصة قامت بتدشينها، أنها قامت بتبني رواية أولى للكاتبة

الإماراتية آمنة المنصوري، واتفقت مع أحد الكتاب البحرينيين لتحويلها إلى سيناريو مسلسل من ‬30 حلقة، قبل أن تفاجأ برفض المسلسل لأسباب تتعلق بالميزانية، مضيفة «لا شك في أن وجود قناة مثل (سما دبي) مثّل حافزاً إضافياً للمنتج المحلي الذي استكشف الفنان أحمد الجسمي خطواته الأولى، ومن ثم مثل رسالة تشجيعية مباشرة لي لخوض تجربة الإنتاج، لكن واقع الساحة الدرامية يلح باتجاه منح مزيد من الفرص للمنتج الإماراتي، والمراهنة بشكل جدي على نتاجه».

فرصة الكاتب

تساءلت سميرة أحمد عن هوية من يمنح الفرصة للكاتب والممثل والمنتج الإماراتي للعمل والإبداع في حال تم تغييب فرصته في التلفزيونات المحلية، مضيفة «في جميع مسلسلاتي السابقة مثل (نصف درزن)، (وجه آخر)، (بنات شمة) وحتى في المسلسل الجديد، تعاونت مع كتاب يقومون بالكتابة للتلفزيون للمرة الأولى مثل صالحة غابش، يوسف إبراهيم، آمنة المنصوري، كما انني حرصت على معالجة قضايا ومشكلات اجتماعية إماراتية بحتة، لذلك فإن للدراما عوائد وأولويات أخرى، بخلاف الوفر أو الربح المادي، يستحق أن يلتفت إليه، لا سيما أن تقليص ميزانية المسلسل المحلي غالباً ما تترتب عليه آثار أخرى ترتبط بخياراته الفنية سواء بالنسبة للممثلين، او مواقع التصوير، وغيرهما»، وطالبت الفنانة الإماراتية وسائل الإعلام أيضاً بالقيام بدورها في هذا الإطار، مندهشة من هجمة إعلامية من قبل بعض الكتاب على أعمال محلية تتحلى بالجرأة في مناقشة قضايا مجتمعية حقيقية، مضيفة أن بعض الكتاب لا يريد من الدراما أن تقوم بدورها في مناقشة تلك القضايا، بحجة أن هذا تشويه لصورة فئة أو شريحة اجتماعية ما، على الرغم من أن الدراما الناجعة لا تعترف بسياسة دفن الرؤوس في الرمال.

ورأت سميرة احمد ان «ندرة الكتاب المتفرغين للكتابة، خصوصاً للدراما التلفزيونية، مشكلة حقيقية»، مضيفة «هناك مشكلة حقيقية في النصوص، هي أول ما يجابه المنتج والفنان، كما أن كتابة النصوص بالنسبة للمرأة الإماراتية نادرة جداً، بل إن الدراما الخليجية بشكل عام تعاني هذا الأمر، وبخلاف تجربة القطرية وداد الكواري، لن تجد نماذج نسائية أتيحت لها الفرص ذاتها في الكتابة التي أتيحت للكتّاب الرجال».

إعلان ممثلة

الندوة التي أدارتها الشاعرة الشابة، شيخة المطيري، بحضور رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم، سلطان صقر السويدي، وأعضاء مجلس الإدارة، وعدد من المعنيين بالشأن الثقافي والفني، تطرقت أيضاً بشكل مفصل لتجربة سميرة أحمد الفنية، ومشوارها الذي يمتد لنحو ‬35 عاماً، لافتة إلى أن المصادفة قادتها إلى عوالم التمثيل في سبعينات القرن الماضي، مضيفة «يقع الفريج الذي كانت تسكن فيه عائلتي بالقرب من جمعية الفنون الشعبية، ومسرح مفتوح، وكنا خلال عودتنا من المدرسة نسمع أصوات الممثلين، ودفعني الفضول في أحد الأيام إلى دخول المسرح برفقة صديقتي لاكتشاف ما يجري، وعندما سأل أحد المسرحيين عن رغبة إحدانا في التمثيل بادرت بالموافقة فوراً، قبل أن يتحول الأمر إلى تقيد والتزام مواعيد البروفات».

وكشفت أحمد أن ليلة عرض المسرحية كان بمثابة يوم إعلان أنها أصبحت ممثلة، في وقت لم يكن أهلها يعلمون أنها أقدمت على هكذا خطوة، لتجابه بتعنيف شديد من الأسرة، منعها من التواصل مع المسرح لعامين متتاليين، قبل أن يتمكن بعض أعلام المسرح في ذلك الوقت من إقناع الأهل بالفكرة، ومنهم خالد سرور المعصم وعبداللطيف القرقاوي وموزة المزروعي التي مارست دوراً كبيراً في ذلك بفضل انتمائها للفريج ذاته، لتصبح بمثابة الدليل لها في عالم التمثيل، لدرجة انها كان يسمح لها باصطحابها من اجل تصوير المسلسل التلفزيوني «عائلة بوناصر»، في خطوة جعلت انتماءها للوسط الفني أمراً واقعاً.

أثر التكريم

سميرة أحمد وقفت عند أبرز المحطات في مشوارها الفني، مؤكدة أنها لم تدخل المسرح يوماً ما من أجل الشهرة أو حتى المال، لكن المسرح في المقابل منحها الكثير، وعلى رأسه تعزيز دورها كامرأة، مضيفة «وجدت صوتي مسموعاً أكثر من أي مكان آخر، وأستطيع أن أعبر عن قناعاتي من خلال أعمال فنية ذات قيمة مؤثرة في المجتمع، لذلك تحول المسرح لفناني ذلك الجيل إلى بيت ثانٍ لهم، يخصهم ويخصونه». وأشارت سميرة إلى أهمية المرحلة التي تعاونت فيها بشكل أكبر مع مسرح الشارقة الوطني وخصوصية تلك الأعمال التي اتجهت بها إلى مزيد من التمكن الفني، ثم سفرها للمشاركة في مهرجان قرطاج المسرحي، وخضوعها لدورة تدريبية للفنان جواد الأسدي، قبل أن تأتي مرحلة أخرى هي الزواج التي كادت توقف مشوارها الفني، لولا المساندة الأسرية الكبيرة التي لازمتها، خصوصاً من والدتها».

ولفتت سميرة أحمد إلى الدعم الهائل الذي ساند الكثير من المسرحيين الإماراتيين من قبل الشيخ أحمد بن محمد القاسمي، ودور الدورة التدريبية الأكاديمية بالشارقة في صقل قدرات الفنانين، سواء تلك التي قدمها سلطان الشاعر، والتي انتمت لها الفنانة، أو الأكثر شهرة التي ضمت عدداً كبيراً من الفنانين الموجودين على الساحة، وقدمها الفنان صقر الرشود.

ولفتت (أم أحمد) إلى الدور المهم للتكريم في حياتها، وأثره لتحفيزها على مزيد من العطاء، مثمنة في هذا الإطار تكريمها من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، خلال أيام الشارقة المسرحية، فضلاً عن حصولها على جائزة الدولة التقديرية من قبل رئيس الدولة.

 

المصدر:

    محمد عبدالمقصود – دبي

http://www.emaratalyoum.com

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *