(هي أمي) .. مسرحية ترصد العاطفة الإنسانية

عالجت احداث مسرحية (هي أُمي) تأليف وإخراج جلال رشدي، المشاركة في الدورة الثالثة لمهرجان مسرح الهواة، الذي تنظمه وزارة الثقافة على مسرح أسامة المشيني، موضوع الصراع النفسي بمشهدية محملة بالعديد من العناصر واللمسات الجمالية.

 

 

بدت في المسرحية ملامح لفضاء ابداعي مغاير عن العروض السابقة المدججة رسائلها بالقضايا السياسية والمطلبية المباشرة، حيث يشعر المتلقي بهذا العمل إنه ازاء فضاء يستنطق ما يمور من هواجس الخوف وغموض مستقبل الإنسان وخياراته الصعبة .
حكاية عرض المسرحية، التي قدمتها فرقة الزرقاء للفنون المسرحية، تحدثت، في زمان ومكان غير محددين، عن فجيعة أم بطفلها الذي كان يدعى أدهم جسدته سلمى المجالي وهي في علاقة ملتبسة سلبية اجتماعيا بينها وبين زوجها الذي توفي في إحد الحروب ومن جهة أخرى علاقة ملتبسة بين المتوفيين الأب والإبن غير ان التوتر يتصاعد بقوة،مع مجيء الإبن الأكبر وقدمه أسامة المصري المطالب بالبيت الذي تسكنه الأم وخادمها وقدمه يوسف ابو غيث لأن الأب كان سجله سابقا بإسمه.
وكان الإبن مصرا على إخلاء البيت من ساكنيه، ليبيعه ضمن عمله الذي يؤمن به بصرامة بعدم خلط العلاقات العائلية بالعمل، غير ان عاطفة الأم تجاه إبنها بمساعدته كما يريد بالإخلاء وترك مصيرها مجهولا لا مأوى لها قد أحدثت صدمة نفسية في أعماقه جعلت إبنها يستفيق من عالمه التجاري الجشع، ويصر على أن يعيش الجميع في هذا البيت كعائلة.
اشتغلت الرؤية الإخراجية على إحداث التحولات لدى شخوص المسرحية، بواسطة تصاعد الحالة النفسية لها في مسار الأحداث الدرامية، وبالتالي حدوث التغير الكبير في عوالمها وهواجسها، فكان المشاهد يتلمس طبيعة الشخوص لجهة تغيرها وتحولها في بداية العرض ونهايته.
عمقت جماليات السينغرافيا الديكورية الذي صممته حنان الخالدي، من حضور العائلة الثرية، من خلال وجود موقد الحطب في عمق المسرح، وتوزع كنبتين فارهتين على يسار ويمين الموقد وما عزز من هذا الفضاء المرئي توزيع نبات الزينة واللوحات.
أسهم تصميم الملابس وألوانها الذي وضعته حنان محمد سليم، في تعزيز اندفاع الشخوص على الخشبة، ففي المشهد الإفتتاحي ظهرت الأم كأرملة في لباسها الأسود، بينما كانت ملابسها ضمن جاكيت وتنوره بيضاويين، في المشاهد الاخيرة تعبيرا عن المزاج الذي يمتلك الشخصيات، هناك ايضا تصميم ملابس الأبن الأكبر توحي بالجدية والصرامة.
وكان للعزف الحي، على آلة الكمان، التي عزف عليها يوسف أبو غيث، أن أضفى تنوعا في التواصل مع علامات العرض الصوتية، ومن جهة أخرى لعب تأثير هذا العزف في تعميق الحالات النفسية لدى الإبن الأكبر أثناء تغيير قراراته خصوصا في لحظة اتخاذ قرار رجوعه إلى دفء الأسرة.

 

عمان – جمال عياد

http://www.alrai.com

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *