داوود حسين: أرفض المجاملات في الفن وصاحب الموهبة الحقيقية فقط يمكنه النجاح

شخصيته تتسم بخفة ظل نادراً ما تجدها في فنانينا العرب، يؤدي أدواراً درامية وكوميدية وتقليدية بأسلوب رشيق، تترك عند المشاهد والمتلقي ارتياحاً كبيراً تبعث في النفس النشوة

 

والارتياح، وتشكل بصمة واضحة وعلامة فارقة في الفن، فمن منا لم يعشق برامجه ومسلسلاته ومسرحياته؛ مثل، «باي باي لندن، فضائيات، غنائيات، داود شو، داوديات. أو حتّى قرقيعان داوود، فرحة أمه، فرسان المنتخب»، وغيرها من الأعمال. التقيناه في حوار على هامش، فعاليات الدورة الـ23 من مهرجان «أيام الشارقة المسرحية»، وطرح من خلاله آراءه الرصينة ووجهات نظره التي تجسد الواقع الملموس للفن العربي عامة والخليجي على وجه الخصوص.

دبي (الاتحاد) – خلال محاورة داوود حسين تشعر بأنك أمام شخصية فنية مرموقة متواضعة تفيدك بالحديث، وتجادلك بالحجج والمنطق وتكشف لك واقع الفن بمختلف مجالاته، إنه فنان صاحب تجربة رائدة تحمل رصيداً كبيراً من الأعمال في المسرح والتلفزيون والسينما، إضافة إلى موهبته ومقدرته على تجسيد الشخصيات المختلفة بقالب يعشقه الجميع، وهو ما يؤكد تفوقه وتميزه عن الآخرين، حيث يقول: زيارتي جاءت تلبية لدعوة اللجنة المنظمة لفعاليات الدورة الـ23 من مهرجان «أيام الشارقة المسرحية» والتي من خلالها تم منح جائزة الشارقة للإبداع المسرحي لأخي وصديقي الفنان عبد الحسين عبد الرضا في افتتاح هذه الفعاليات، موضحاً أن هذا التكريم لعبد الرضا ومنحه جائزة الشارقة للإبداع المسرحي العربي جاء تقديراً لما قدمه من دور كبير في إثراء حركة المسرح الخليجي والعربي عبر مسيرة امتدت لسنوات طويلة، وللأمانة، عندما عايشت هذا التكريم شعرت أن التكريم يخصني وكأنه لي شخصياً، لأن الشخص المكرَّم هو الأب الروحي والفني لي، إضافة إلى كونه صاحب فضل على مسيرتي الفنية وقد لبيت دعوة اللجنة المنظمة للمهرجان لحضور هذه الفعاليات للمرة الأولى لحضور هذا التكريم الذي يشرف كل فنان عربي.

الكوميديا رسالة مزدوجة

 

وعن أهمية الفن بالنسبة له، يوضح داوود: الفن أساسي في حياتي، فهو المتنفس الذي من خلاله أقدم نفسي للآخرين، ومنه أبدع لتقديم رسالة فنية متعددة الاتجاهات والأهداف والمعاني، فلذلك لا أنظر إليه كوظيفة من خلالها أكسب المادة فقط، بل أعتبره ارتباطاً وثيقاً مع شخصيتي التي تبحث عن التجديد دوماً، وأن تكون كوميدياً هذا شيء صعب، أما أن تكون كوميدياً من الطراز الأوَّل ومحبوباً جماهيرياً هنا تكمن الصعوبة بحد ذاتها، لأن عملية إضحاك الناس وتقديم رسالة مزدوجة بها فكرة معينة أو قضية شائكة بأسلوب نقدي ساخر أو لاذع يهدف إلى معالجة ظاهرة محددة، أو إلقاء الضوء عليها يعد مسالة ليست بالهينة، على عكس الإبكاء الذي قد يأتي من مشهد واقعي مؤثر، فلذلك من بين الفنانين والممثلين الكوميديين تجد أن هناك قلة لهم بصمة وتأثير في الجمهور فلا يمكن لأي شخص أن يتسلل إلى قلوب المشاهدين ويدخلها دون استئذان الا عبر فن هادف ومعبر ومؤثر. ولهذا أود التأكيد بأن الفنان صاحب الموهبة الحقيقة والجادة فقط بإمكانه أن ينجح، ويحقق لنفسه مكانة مرموقة في الوسط الفني، وسوف يتذكره الناس على مر التاريخ.

 

تجربة المسرح

وحول تجربته مع المسرح، يؤكد داوود: هي تجربة أعتز بها لأنها تمتد لسنوات، قدمت من خلالها عصارة جهدي، كوني خرّيج المعهد العالي للفنون المسرحية؛ فالخشبة بالنسبة لي الرئة التي من خلالها أتنفس لكي أعيش، وأقدم لجمهوري ما يسعدهم ويسعدني. أما عن المسرح الخليجي فقد وجِد ليبقى ونحن كفنانين نسهم في تواجده واستمراريته بصحبة عمالقة هذا الفن وأجياله المتعاقبة التي تود أن يكون لها بصمات في هذا المجال المتشعب والصعب والذي لا يرضى إلا بالموهيين وأصحاب الطموح والراغبين في التعلم من الآخر، ورغم ما يقال عن حال المسرح من صعود وهبوط، إلا أنني استطيع الجزم بأن لخشبة المسرح مكانة كبيرة في نفوس المشاهدين، فليس من السهولة أن تنتزع الفنون الأخرى هذه المكانة التي تعيش حالة تمازج تلقائي بين الفنان والمتلقي الذي يعشق الفن المقدم على المسرح، سواء كان هذا العطاء الفني كوميدياً أو تراجيدياً أو درامياً، فلذلك نجد للمسرح مشاركات مسرحية متنوعة ومهرجانات تقام تحت مسميات مختلفة.

ويضيف: بات من الصعب جذب الطفل للمسرح، لذلك لا بد أن نقدم له قصة قوية ذات إبهار وإثارة حتى نعيده لمشاهدة المسرح، ففي ظل ظهور التكنولوجيا الحديثة وامتلاكه لها يمكن للطفل الآن أن يتعرف إلى كل ما هو جديد في عالـم السينما والخيال والمسرح من خلال الوسائل الحديثة المتاحة، فلذلك أرى أنني مقلاً في تقديم الأعمال المسرحية التي تخص الطفل لعدم وجود نصوص ترتقي للمستوى المطلوب، وتكون جديرة بالتنفيذ.

نصيحة للفنانين الجدد

وفي مجمل تقييمه للفنانين الجدد، يقول داوود: لست في وضع يخول لي تقييمهم، ولكن نصيحتي لهم تتمحور في ألا يركضون وراء الشهرة والربح السريع، لأن الفن بقطاعاته المختلفة هو رسالة متعددة الأهداف والقيم من خلالها يمكن للفنان أن يرتقي متى ما سخَّر موهبته وأحب فنه وواصل عطاءه ومشواره الفني خطوة بخطوة وبطرق سليمة، مستغلاً موهبته وفكرة النص الجيّد والدور الملهم الذي يخلق عند المشاهد تأثيراً روحياً وذهنياً لا يمحى من الذاكرة.

وعن التقليد وموهبته التي دخلت القلوب عن طريقها، يوضح داوود: في الفترة الأخيرة أتجنب، بل أرفض الأعمال الفنية التي تصب في التقليد وذلك نابع من تشبعي لأنني أعطيت هذا الفن الكثير، لكن هذا لا يمنع من تقديم كل شيء جديد ومبدع في هذا الجانب حال وجود أعمال رفيعة المستوى والجودة، وتختلف من حيث أسلوبها وإنتاجها وإخراجها، وبالمناسبة ربما توقفي هو استراحة محارب يتنفس الصعداء ليطل مجدداً بأسلوب جديد باهر للجمهور المتعطش لكل مفيد، حيث عرض عليّ تقديم عمل كوميدي ضخم من قبل إحدى القنوات، مكوّن من 30 حلقة لـ 30 شخصية من رؤساء ومسؤولين وسياسيين، ولكنني رفضته.

أرفض المجاملات

ويؤكد داوود: أنا حريص على قراءة النصوص المقدمة لي بتمعن شديد، ولمرات عدة لكي اكتشف أبعاد الشخصية المراد تمثيلها والتي سألعب دورها وشخصيتها، فلذلك يحق لي كفنان له خبرته أن أدلو بدلوي في النص المقدم لي والتعبير عن وجهة نظري في حال وجود ضعف في البناء الدرامي للشخصية، أو حتى قصور لإيصال الفكرة أو الهدف أو المضمون المبتغى إيصاله للمشاهد، وللأمانة شخصياً أرفض المجاملات، وغالباً ما أختار الشخصية التي تليق بي، ويمكنني تجسيدها بصورة مثلى، لأن المشاهد العربي بإمكانه معرفة الغث من السمين وتحديد شخصية البطل ومدى صدقها وتفاعلها معه، وأدائها لدورها الفني على أكمل وجه، وهذا ما نلحظه نحن- الفنانين- عندما نواجه الجمهور على خشبة المسرح وجهاً لوجه.

كثيرة هي تجاربي التلفزيونية وآخر هذه التجارب برنامج «فاصل مع داوود» الذي يعرض على قناة دبي الفضائية، هذا ما أوضحه داوود حسين قائلا: هي تجربة مكنتني من استضافة مجموعة من أصدقائي الفنانين والتعامل معهم كمحاور يكتشف فيهم الجديد ويقدمه للمشاهد بقالب تلفزيوني شائق. ولا أخفي أن سعادتي لا حدود لها، عندما أحقق أي نجاح في مسيرتي الفنية التي هي نتاج تعاون مشترك مع زملاء وشخصيات هي الأخرى تعمل بجهد وجد من أجل تقديم مادة تلفزيونية جديدة يستمتع بها المشاهد، وكان نجاح البرنامج هو ترجمة فعلية للمناخ الذي تقدمه مؤسسة دبي للإعلام من أجل تقديم أرقى البرامج والمسلسلات ذات القيمة الإيجابية والتي تخدم وتمتع الجمهور.

أعمال كوميدية في رمضان

عن أعماله الرمضانية هذا العام التي ينتظرها جمهوره، يقول داوود: هناك العديد من الأعمال التي في متناول يدي، حيث أدرس بعض النصوص الدرامية والكوميدية، وقريباً بصدد اختيار الأنسب لشهر رمضان الذي يحظى بفرصة مشاهدة كبيرة ومتابعة من قبل الجمهور العربي ولا أعتقد أنني سأغيب عن الدراما الرمضانية لهذا العام، وفي الأخير الأمر مرهون بجودة النص المقدم والذي سيرغمني على المشاركة في أي عمل رمضاني قادم.

http://www.alittihad.ae/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *