كلمة الأمين العام للهيئة العربية الفنان إسماعيل عبد الله في حفل ختام مهرجان المسرح العربي الدورة الخامسة 10-15 يناير 2013 الدوحة قطر

في حضرة السيد البهي المسرح اجتمعنا يوم العاشر من يناير في افتتاح المهرجان، و على حب المسرح نلتقي في ختامه، و ما بين اللحظتين امتدت المساحة

الزمنية لتحتضن دوحة الثقافة و الجمال، خيول المخيلة، و دهشة الحلم، و صرخة الهم، و عرق المبدعين على الخشبة المقدسة التي تجمع الكون في مسافة بين كلمتين ينطقهما المسرحي بمشاعره و صوته و جسده و يوشحها بنبض روحه و لون عمره.

 

كان فرسان المسافات الطويلة من المسرحيين الذين قامت على أكتافهم و على نور إبداعاتهم هذه الدورة ، يستلمون في كل مساء راية السباق لمرحلة جديدة، ففي كل ليلة كانت المساحة  تثرى بالخلق البديع ، و المكان يزدهي بكائنات جديدة و أكوان  ما تم ارتيادها من قبل، و كانت الدوحة القادمة من عمق الغوص و كرم البحارة و مغامراتهم ، و قطر الطالعة دانة ارتقت بدرا،ً الحاضنة الكريمة و الحضن الدافئ للقلق الإبداعي ، تُرَبِتُ على كتف المبدع أن كن مطمئنا فهنا لا يحد من طموحك حتى تعبك الذي أمسحه لك بمنديل الحب لتستريح.

أفق اتسع و اطمأن برعاية سامية من لدن صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر، و له من هذا المنبر العزيز السني، باسمكم و باسم الهيئة العربية للمسرح أجمل الشكر و العرفان، راجين المولى أن يسبغ على قطرِ المحبةِ السؤددَ و الإبداع الدائمين.

وهنا لا بد من تقديم وافر الشكر و الاحترام للدعم الكبير الذي قدمته وزارة الثقافة و الفنون و التراث ممثلة بوزيرها المثقف الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري .

كما لا بد أن أقف و بكل الاحترام  أمام الجهود النبيلة التي بذلها سعادة الأستاذ مبارك بن ناصر آل خليفة أمين عام وزارة الثقافة و الفنون و التراث، و أعضاء اللجنة العليا فرداً فرداً، و طاقم العلاقات العامة بقيادة المايسترو خليفة الهيل، و طاقم اللجنة الفنية المتمثل بالفنانين المبدعين سعد بورشيد، و ناصر عبد الرضا. و لا بد من إعادة التهنئة للشخصية المكرمة لهذا العام د. حسن رشيد الذي كان يعمل بكل تفانٍ في كل مناحي المهرجان.

أما الزملاء في لجنة التحكيم فإننا نقدر مقاماتهم و قاماتهم، و نقدر جهودهم و نعتز بوجودهم في المهمة الأصعب في هذا المهرجان.

وفي اللحظة و من هذا الرحاب المسرحي المزدهي بكم، فإنني باسمكم جميعاً و باسم الهيئة العربية للمسرح أوجه تحية الاعتزاز للفنانة العربية الكبيرة ثريا المسرح ثريا جبران.

و نضرع بالدعاء و الصلاة لأجل شفائها، و نقول لها إن المسرح الذي أحببته و أحبك ما زال بانتظارك.

و مع الفرح بنجاح هذه الدورة و انجازها لأهدافها و مراميها فإنني أرفع أسمى آيات الشكر و العرفان لصاحب الفضل سيدي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي الذي يعيش المسرح بتفاصيله و آماله.

من يزيح ستارة العتمة غيركم؟

من يحدد للنور مجراه و مسقطه غيركم؟

من يوقف ساعة الزمن ساعة يريد سواكم؟

تسرقون الزمن من علبته، و تطلقونه عارياً إلا من الحقيقة.

و الحقيقة شأن لا يعرف التغيير إلا بالوعي ، فالوعي فقط يغيرها و الوعي فقط يثبتها.

أيها السيد السامق السامي المقام و الأَعْلام، أيها السيد السر المنيع العميق، أيها الحب الذي لا يَمْلُكُ و لا يُمْتَلَك، أيها الفجر الذي يبزغ في جوف العتمة و يقول للعاشق هيت لك، أيها الليلي بوضح النهار، أيها النور في غياهب العتمة، أيها المتصوف و ما في الجبة غير المسرح، أيها المتقدم للقادم دون أن ينتظر الغد، أيها الذاهب في الماضي دون أن يمنعه حد، أيها الموغل في الحاضر و لا يرده رد. أيها الرائح الغادي ،أيها الشاب المكتهل، أيها الكهل الذي لا يفقد شبابه، أيها الساكن المتحرك، أيها المتحرك المتحول، أيها الساحر الذي يملأ الفراغ و يعمره بأنفس تحتدم، و يتحول بها ليجعل كل الأفق المحتشد فراغاً، أيها الذاهب بالفرد إلى الجموع، أيها الجاذب الجموع لفرد، أيها السرمدي، يا قصة الكون و مصد العاديات،أيها الناطق اللغة التي لا تقال، أيها القائل ما عجز الوصف عنه و المقال، أيها البليغ البالغ من العمر كل الدهور، أيها الوليد الناطق بالحكمة من لحظة الميلاد، ايها المدجج بأرواح لا تموت، و بأوابد لا تبيد، و بأحداث لم يطوها الزمان. هذا نداء من مريديك و هم يسعون في سبل الحياة و مدارجها مجدداً للبحث عنك فيك، هذا مساءٌ لمن يخلقونك كائناً في مكان لم تكن فيه، لتوجدهم بمجرد أن يؤدوا مناسك الحب على خشباتك و فضاءاتك، يا أول نداء للحب و الحرية و العدل.

أيها السيد النبيل المسرح.

جميل كما أنت يا سيدي .
مثقل بالحقول الحريرية الصدر
أو موثق بالحديد السميك

قريب إلى قلب من يفتديك
ثقيل على صدر من يرتديك
مديد كما قامة الحلم لا غامضاً
إنما غامض أيها أللا نهائي من يدعيك .

هذه الأبيات الشعرية التي قالها الشاعر في وطنه ترددت اليوم في خاطري، أوليس المسرح وطننا الذي يجمعنا متجاوزاً اللون و العرق و الحدود!

فلا فضل فيه لإنسان على الآخر إلا بالإبداع.

بابداعاتكم توهجت المسارح، بخطواتكم سارت بنا قدماً نحومسرح عربي جديد و متجدد، و اليوم نرفع الاعتزاز بكم راية يا من أنرتم خشبات الدوحة بإبداعاتكم، و نحن في الهيئة التي وضعتم ثقتكم فيها حرصنا على أن نوفر لكم كل السبل من أجل نجاح تجربتكم، و اليوم حانت اللحظة التي يتوج فيها أحدكم فائزاً، لكنكم فزتم جميعاً بوصولكم إلى هنا، و فزنا نحن بكم و بالأعمال الستة و التسعين التي تقدمت للمنافسة. ومعكم و بكم نبدأ الإعداد للعتبة السادسة من عتبات هذا المهرجان و ندشن مرحلة عمل جديدة معاً راسخة المفاهيم و الآليات.

كل عام و أنتم بخير، كل عام و المسرح بخير، و إلى اللقاء في المهرجان السادس إن شاء الله.

شاهد أيضاً

وادي الذئاب تعيد للمسرح الصومالي حياته بعد ثلاثة عقود من التوقف

        وادي الذئاب تعيد للمسرح الصومالي حياته بعد ثلاثة عقود من التوقف …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *