«الشارقة للمسرح العربي».. بحث عن الهوية

كد الفنان الإماراتي الدكتور حبيب غلوم العطار، أن «هوية المسرح مفقودة في المسرح الإماراتي، على اعتبار أن الحديث يصب في هوية المسرح، إذ إننا تمكنا من تحقيق هويتنا في المسرح وأفقدنا المسرح هويته، خصوصاً أنه يجب أن نفرق بين الأمرين».

 

 

 

وقال العطار لـ«الإمارات اليوم» بعد مشاركته في ورقة عمل حول سؤال الهوية في المسرح الإماراتي ضمن ملتقى الشارقة العاشر للمسرح العربي، إن «المسرح الإماراتي أكد على الهوية الإماراتية في الماضي وأغفل الجيل الحالي، الذي هو جزء من هويتنا، فعلى سبيل المثال هويتي أنا تختلف عن هوية الشباب جيل اليوم، فنحن في عام ‬2013 ولايزال مسرحنا يطرح هوية الجيل الماضي متناسياً تماماً الجيل الحالي».

وتابع العطار أن «الهوية تختلف تماماً عن الموروث الشعبي، وما يحصل الآن هو لبس، فالكثيرون يعتقدون أن الأمر سواء، كما ان مفهوم الهوية يختلف بين الأجيال والمسرح يسير بين هذين الزمنين، لكن يجب أن يتم الربط بينهما وتقليص الفجوة الحاصلة وتقريب المفهوم المتباين بين الأجيال».

وأكد العطار أن«المسرح الاماراتي في عزلة تامة وذلك لغياب التنوع في كتاب النصوص المطروحة على خشبة المسرح، وليس للهجة العامية أو العربية الفصيحة دور في تلك العزلة، إنما الأعمال لا تراعي وجود ذلك التنوع في المجتمع، بمعنى أن التركيز ينصب على الإماراتيين الذين يشكلون في الأصل ‬10٪ من نسبة السكان، فيما تغفل عن تناول القضايا الإنسانية الأخرى المرتبطة بـ‬90٪ من السكان وهم المقيمون، لذلك لا يدرك المسرحيون المخاطر المحيطة بهم، ويركزون على المواطنين واستقطابهم بتلك الأعمال».

تحجيم المسرح

علق أحد المشاركين في الملتقى بأن ربط المسرح بهوية محددة يعد تحجيماً للمسرح نفسه، إذ ان المسرح لم يطلب تحديد هوية لنفسه على اعتبار أنه أفق تجاوز الأطر كلها، إلا أن العطار أكد على أن للمسرح هوية بدءاً بمسرح الاغريق وصولاً إلى مسرح العرب، الذين باتوا يبحثون عن أفعالهم الانسانية وتجسيدها في المسرح.

وقال أحد المسرحيين في الجلسة، إن «المسرحيات العامية تصل إلى المتفرج أكثر من المسرحيات المعتمدة على اللغة العربية سواء تلك المسرحية بلهجة إماراتية أو خليجية أو حتى لهجات شمال افريقيا»، الأمر الذي أيده العطار، معتبراً ان الذهاب إلى اللهجة المحلية للعمل المسرحي لا يفقدنا التواصل مع الآخر، لكن النص الاماراتي المعتمد في بعض الأعمال المشاركة في مهرجانات مهمة هو الذي يفقد التواصل مع الآخر.

ولفت إلى أن «كثيراً من المسرحيين يعتمدون ويستعينون بشكل تام على مؤلف واحد، الأمر الذي يفقد تلك المهرجانات تنوعها وجودتها، إذ تجد أكثر من عمل مشارك في ذلك المهرجان نصوصه مكتوبة بقلم مؤلف واحد وإن كان مبدعاً، وأضرب على سبيل المثال التقاتل على نصوص الكاتب المسرحي اسماعيل عبدالله، دون الانفتاح على كتاب آخرين في العالم العربي، الأمر الذي يفقد التواصل مع الآخر ويقلص التنوع الفكري».

وطالب العطار بوضع قرارات وبنود تمنع مشاركة مؤلف في أكثر من عمل واحد خلال المهرجان، وإفساح المجال للتجديد في النصوص من خلال مشاركة مؤلفين آخرين في المهرجانات، بهدف الارتقاء بمستوى المسرح، كما يجب التجديد في الأعمال المسرحية، فعلى سبيل المثال أي مسرح سواء الغنائي أو الراقص أو الشعري من مسرحنا الإماراتي.

التجربة التونسية

قدم المسرحي التونسي حافظ الجديدي، قراءة في التجربة التونسية، خلال الجلسة الثانية والختامية لملتقى الشارقة للمسرح العربي، قائلاً إن «التجربة التونسية مماثلة تماما للتجربتين الجزائرية والمغربية، وهي امتداد للتجربة العربية، وقد بين الباحثون مدى مديونية المسرح العربي للمسرح الغربي حتى إنّ بعضهم بلغ به الأمر إلى القول إنه ليس لنا مسرح عربي، وإنما تجارب مسرحية من هنا وهناك».

وتابع أن «التجربة التونسية مركزة على ثلاث محطات مركزية، منها التعريب والاقتباس وتوظيف التاريخ ثم التراث، إذ إن هاجس التعريب جاء لتأكيد مدى هذا الإرباك، وهو تنظيرنا للمسرح بالرجوع دوماً إلى المؤلفين والمنظرين والمجربين من الغرب، ولا داعي لذكر الكم الهائل من أسماء النقاد والمؤلفين والمخرجين الغربيين الذين نلجأ إليهم دوماً كلما دعت الحاجة لإثبات مدى (تورط) المسرح العربي في التبعية الفنية لتجارب المسرح الغربي، حتى إن كتاباتنا النقدية لا تكاد تخلو من أسماء كبيرة».

وعلى هذا الأساس استقى المسرح التونسي والمغاربي مسرحياته الأولى والآنية أحياناً من هذا المرجع الفني والثقافي بما يحمل بين طياته من تاريخ وميثولوجيا، وهو مرجع ينطوي على حقبة قدامى المسرحيين من اليونان واللاتينيين، إذ مكن هذا الجرد من رصد عدد مهم من المسرحيات التي أنجزت على امتداد نصف قرن، وعددها ‬312، أي بمعدل سبع مسرحيات في السنة الواحدة بالنسبة للعاصمة تونسية، وقد تضمن هذا العدد نسبة مهمة من المسرحيات المترجمة والمقتبسة عن المسرح العالمي، كما أن كثرة هذه المسرحيات وتنوعها شوه تماماً وصار مغايراً للنصّ الأوّل بعد أن تلقفته الفرق وغيرت فيه استجابة لظروفها، إضافة إلى كثرة العناوين ذات المرجع التاريخي.

حضور المرجعيات

أكد جديدي أن «الأسماء والعناوين الكثيرة المؤسسة للتجربة المسرحية الغربية على امتداد القرون التي تسكن ذاكرة المولعين بالمسرح في الوطن العربي، يمكن القول إن المسرحية الغربية كانت أكثر حظوظاً في الترجمة من الرواية أو الأجناس الأدبية الأخرى، وهذا كاف لتسجيل مدى حضور المرجعيات الثقافية الغربية في الذاكرة العربية، وتالياً يمكن السؤال عن الحيّز الحقيقي المتبقي للمرجعيات المحلّية في الذاكرة العربية إذا ما أدركنا أن عدد المؤلفين الفاعلين في الحركة المسرحية في الوطن العربي لا يكاد يتجاوز ثلاثة أسماء بالنسبة لكل قطر»، لافتاً إلى أن «عملية الترجمة والتعريب كان لها دور مهم في تطعيم الفرق والمجموعات بالنصوص اللازمة، إذ كانت النصوص الأصلية بأسماء شخصياتها وأماكن أحداثها تحيل إلى ثقافة مؤلفها، وهذا أمر طبيعي، إذ عمد رواد المسرح إلى تعريب كل ما يوحي بثقافة المؤلف الأول، وكان هذا الإجراء متداولاً جداً في الأوساط المسرحية في مطلع القرن المنصرم، أي مع بدايات المسرح في المغرب العربي وكان يعبر بطريقة غير مباشرة عن تأصيل التجربة المسرحية بإعطائها من خلال هذا التعريب نفساً عربياً، مشيراً إلى أن «الهاجس الأول للمسرحيين الأوائل كان شدّ انتباه المتفرّج العربي والفوز برضاه، خصوصاً بعد ان أدركوا أنه يجد صعوبة ومللا في متابعة الأعمال المترجمة التي تحافظ على مرجعيتها الثقافية، كما أن عدد هذه المسرحيات بقدر ما هو في تراجع اليوم بقدر ما كان عدده مهماً في بدايات التجربة التونسية، لذا مثلت هذه التجربة تعبيرا فطريا لهاجس الانتماء».

 

المصدر:

    سوزان العامري – الشارقة

http://www.emaratalyoum.com

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *