كتاب “فيزياء الجسد مييرهولد ومسرح الحركة والإيقاع “- تأليف د. فاضل الجاف

هذا الكتاب يقنع قارئه  بأن فسيفولود مييرهولد هو أحد أولئك النوادر من رجال المسرح الذين لا تنحسر  أهميتهم بمرور الزمن وإن الخدمات التي قدمها للمسرح تصبح جلية أكثر فأكثر،  وإن حيوية تأثيره تتجلى في كل فرد يكتشفه لنفسه من جديد، ويجدد له التقدير  على ما عمل ويدرك إلى أي مدى غير مييرهولد فهم إمكانات وقدرات السرح.
 
 هذا ما قالته الاكاديمية المسرحية البروفيسورة غالينا تيتوفا  بحق كتاب “فيزياء الجسد، مييرهولد ومسرح الحركة والإيقاع” للدكتور فاضل الجاف، والصادر عن مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون.
هذا الكتاب جاء متحدثاً عن مييرهولد، محرك المسرح الجسدي والإيماءات،”إنكم على حق هكذا يجب أن يكون اللعب”، عبارة قالها الشاعر الروسي بوريس باستيرناك عن المخرج الروسي العظيم. 
أن حب مييرهولد لا يحرك وجدان الشعراء فحسب، فالصفحات التي تسرد ذكريات عن المخرج مفعمة بالحب، كما أن الحب هو الدافع إلى البحث عن إبداعه، وضمن مثل هذا الحب يمكننا أن ندرج كتاب فاضل الجاف.
لقد تصور الكاتب أنه لا يمكن الإحاطة بأسلوب إبداع مييرهولد وبالعمق المطلوب ما لم تستند دراسته على أساس فهم متميز لطبيعة إبداع الممثل. ومما هو جدير بالاهتمام أن المبادرة لتناول تراث مييرهولد من هذه الزاوية تصدر عن مرب مسرحي، جوهر عمله يقوم على مزج التقاليد التأرخية بالوظيفة المعاصرة للمسرح.
ان الأهمية التطبيقية لموضوع البحث تتجلى في حقيقة أن تناولها تم من قبل باحث ضليع في التربية والتعليم المسرحيين إلى جانب كونه مخرجاً مسرحيا.
هذا الكتاب يعرض بجلاء العملية التاريخية التي أدت إلى بروز مييرهولد وإبداعه كظاهرة في الثقافة المسرحية العالمية للقرن العشرين، ولدى قيام الجاف بمقارنة بين الدراسات الإنكليزية المكرسة لمييرهولد ونظيرتها الروسية يكتشف وجود تماثل بين المسلمات العلمية، أحياناً تتطلع تلك الدراسات إلى منجزات زملائهم الروس، وفي أحيان أخرى تتقدم على هؤلاء الزملاء في سياق طرح قضايا جديدة.
إن اهتمام الغرب بإبداع مييرهولد بدأ في العشرينات من قبل كل من المخرج البرطاني ب.دين والكاتب المسرحي التجريبي التعبيري الألماني إ. تولر، والأمريكيين البروفيسور ه. دانا، والمخرج لي سيمنسون، وإ. بيسكاتور، وهؤلاء جزء يسير من قائمة الذين زاروا روسيا السوفيتية في العشرينات.
المؤلف لم يقدم بشكل ايجابي نضارة آرائهم وانفتاحهم، وثراء أوصافهم، إلا أنه يتخذ منها موقفا ناقدا من حيث قيمتها العلمية ويبدو له بكل صواب أن رسم شخصيات مييرهولد من قبل هؤلاء وعلى عجل كرمز للثورة يجانب الواقع على الرغم من ان مييرهولج وحاشيته ساعدوا إلى درجة ليست بالقليلة على انتشار مثل هذا الوهم.
وفاضل الجاف على صواب عندما يرى أن مثل هذا التصور يشوه المسيرة الابداعية لمييرهولد، كما شوه واقع التغييرات الثورية وحقيقتها بالدرجة نفسها، إن وصف المسرحيين والغربيين لمييرهولد بأنه دشن العصر الذهبي للمسرح الروسي، الذي بدأ حسب زعمهم في العشرينات بالانفجار الثوري جعلهم يتبعون ولفترة طويلة اسلوبا سوفيتياً، ناسين العصر الفضي لمييرهولد والثقافة الروسية.
ويتحدث الكاتب عن فصول الكتاب مشيراً إلى أنها اربعة فصول تخصصت بسيرة مييرهولد الفنية وقضاياه الابداعية ومسرحه، وآليته الشعرية، ومختوماً في فصلة الرابع بعدد من الاعمال المسرحية، إضافة إلى بعض الصور الخاصة بالمخرج.
ويختتم المؤلف مقدمته قائلاً أنه توخى في هذا الكتاب إبراز الجوانب الجوهرية والممتعة والمفيدة في موضوع مسرح مييرهولد دون الإيغال في التفاصيل التي تكون عادة مملة لغير المختصين، كما حرصت قدر الامكان على عدم ايراد النصوص اللاتينية للمصطلحات والاسماء الاجنبية تخفيفاً عن ذهن القارئ وتسهيلا للمتابعة. كما قام الكاتب بترجمة عناوين المصادر من الروسية والانكليزية والسويدية إلى العربية للسهولة وعليه فإن الاستشهادات الواردة في الكتاب هي من ترجمة مؤلف الكتاب.
———————————————————————-

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *