مهرجان «نيابوليس» الدولي لمسرح الطفل: إلى متى و«نيابوليس» يعاني من تحجّر الدعم / مفيدة خليل

ثلاثة وثلاثون عاما من الإبداع ثلاثة وثلاثون عاما من التميز وصناعة الفرجة و تقديم مشهد مسرحي مختلف،

ثلاثة وثلاثون عاما من ابداع موجه لتعليم الاطفال ابجديات الحلم و النقد و الحياة، ثلاثة وثلاثون عاما من الاختلاف وتقديم البديل، ثلاثة وثلاثون عاما من الدفاع الشرس عن حقّ الطفل في المسرح و الدفاع عن حق الطفل في الابداع ثلاثة وثلاثون عاما من الاعتراف باهمية الطفل المواطن والسعي لإيصال المسرح إليه أينما كان بإمكانيات جدّ محدودة وعزيمة اشد قسوة من صلابة حجارة التجاهل من قبل السّلط المشرفة المحلية والوطنية.

ثلاثة وثلاثون عاما هو عمر مهرجان نيابوليس الدولي لمسرح الطفل، المهرجان الاول و المختص في مسرح الطفل المهرجان الذي يؤمن بحقوق الطفل ويسعى للدفاع عنه وتقديم فرجة مميزة واعمال محترمة، مهرجان هو السند الاول للاطفال ولحقهم في الابداع، مهرجان دولي تتوفر فيه كلّ مقاييس الدولية، لكن بدعم جد «ضعيف» وميزانية «منهكة» فهل سيتمّ مأسسة المهرجان ليصبح مؤسسة مستقلة بذاتها؟ أو وهل ستتحرك الدولة للاهتمام بتظاهرة صادقة موجّهة الى شريحة حساسة هي الأطفال.

نيابوليس محجّ محبّي الحياة
صفّ طويل، ضحكات هنا و كلمات هناك، اطفال و اولياء انقسموا الى صفين، الاول اقتطع تذكرته و ينتظر الدخول و الثاني ينتظر عله توجد اماكن شاغرة لاقتطاع تذكرته «فوحده نيابوليس الذي تباع جميع تذاكر العروض في جميع القاعات، لأنه مهرجان له خصوصيته» كما تقول احدى الامهات التي تنتظر دورها للدخول الى المركب الثقافي نيابوليس.
في الداخل زيّن كامل بهو المركب بصور للأطفال مع العرائس التي صنعوها مع معرض للدمى المختلفة الاشكال و الأحجام دمى من صنع الاطفال و المشرفين، كلّ ما يوجد في القاعة يغري المرء بزيارة نيابوليس واكتشاف تفاصيل المهرجان الاعرق عربيا وافريقيا في مسرح الاطفال، منذ مدخل المدينة حيث وضع مجسّم للمهرجان الى اللافتات الى الصف الطويل للاطفال كلّها مغريات ستتساءل معها هل يلاقي المهرجان حظّه من الدعم امام المجهودات التي يقدمها؟.

هنا نابل عاصمة مسرح الطفل، هنا نيابوليس فضاء الحب و المسرح والنقد هنا سيلتقي الاطفال لأسبوع مع 120 عرض مسرحي عالمي و 15 عرض تونسي، هنا سيعانق ابناء منزل بوزلفة و بني مروة و تاكلسة كل اشكال الدمى و احجامها ليستمتعوا بالفعل المسرحي الذي يزورهم اينما كانوا وتلك هي ميزة وخصوصية نيابوليس تحطيم فكرة مركزية الثقافة وايصال مسرح الطفل الى الاطفال في نابل و اعماقها وأريافها و الانفتاح على مهرجانات اخرى موجهة للأطفال.

نيابوليس «الاسم العالي» و«الدعم الخالي» ؟
مهرجان نيابوليس الدولي لمسرح الطفل، مهرجان بلغ من العمر ثلاثة وثلاثين عاما من الدفاع عن حق الطفل في المسرح وحق الاطفال في التمتع بالفنون، مهرجان مختص لا نظير له في تونس من حيث جودة العروض وعددها، مهرجان يؤمن بالطفل المواطن ويسعى ان يقدم له دروسا في الفنون.

نيابوليس ايضا فرصة لتبادل الخبرات فهو لا يكتفي بالعروض ولا بورقة «انجاز نشاط» او «شهادة انجاز عرض» انما يقدم لرواده وزوّاره مجموعة من الورشات تحديدا لطلبة المعهد العالي للفن المسرحي بتونس وطلبة معهد الموسيقى والمسرح بالكاف فنيابوليس اصبح مدرسة هو الاخر لتعلم صنع الماريونات وتحريكها.

ولأنه مهرجان مختص ومهرجان يجسّد لامركزية الثقافة، ولأنه مهرجان يحقق ارقام قياسية من حيث نسبة الاقبال الجماهيري ولأنه مهرجان يحظى باحترام سكان نابل و كلّ من يتوجه الى مسرح الطفل، ولأنهم يعملون في صمت للرقي بالمشهد الثقافي بالجهة و لأنهم يدافعون بشراسة على حق الطفل والحق في الثقافة و لأنهم يعملون كثيرا ويتحدثون قليلا تجازيهم دولتهم بالكثير من التجاهل وككل عام تهديهم وزارة الشؤون الثقافية الكثير من «الصبر» في انتظار «نزر الدعم» الذي لن يكفي لتكلفة الاقامة، دعم ينتظرونه لأشهر قبل الانطلاق في التحضير للمهرجان، دعم قليل من الوزارة و الولاية و البلدية وغيرها من المؤسسات التي تجبر الهيئة المديرة وتقيّدها «للدقيقة تسعين» لانجاز المهرجان رغم انهم يبدأون التحضير للدورة الجديدة بمجرد انتهاء الدورة الحالية و لكن السلط المشرفة لا تؤمن بالفعل قدر ايمانها بالشعارات شان وزارة المرأة والطفولة التي توزع الكتيبات وتتغنى بدفاعها عن الطفل وحقوقه وفي المقابل تقدم «صفر مليم» لمهرجان يدافع عن حقوق الطفل في الثقافة.

«نيابوليس» الا يستحق ان يكون مؤسسة مستقلة لها ميزانيتها الخاصة مثل مهرجان قرطاج الدولي؟ اليست «نيابوليس» ايضا منطقة رومانية قديمة قدم قرطاج فهي اقدم مدينة ذكرت بعد قرطاج أي انّ اسمها التاريخي يشفع لها لتتمع بدعم مادي محترم شان تظاهرات «مهرجان قرطاج لـ» التي ينتجزها وزير الشؤون الثقافية كل مرة، (فمهرجان فن العرائس الوليد تمتع بـ 150 الف دينار منحة من وزارة الشؤون الثقافية، اما نيابوليس فمنحة ب 25الف دينار و بالتدخلات و الوساطة اصبحت 45 ولكنهم لازالوا ينتظرون «رحمة ربي» و الوزير فالدعم لم يدخل بعد الى ميزانية المهرجان)؟ فهل سيطول الانتظار؟ وهل سيقدر المهرجان على تخطي أزمته المالية؟ حتّى لا يجبر أبناؤه على النخلي عن الحلم والوقوع في خانة اليأس؟.

________________

المصدر / المغرب

موقع الخشبة

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *