مسرحية لوثة الشاعر بقلم يوجين أونيل

 

المصدر / محمد سامي موقع الخشبة

(حول العرض المقدم لها على خشبة مسرح هيلين هايث 2 أكتوبر 19588) ولقد تم نشر المقال في3أكتوبر1985بجريدة النيويورك تايمز بقلم بروك أتكينسون

قدمت مسرحية لمسة الشاعر الليلة الماضية على مسرح هيلين هايث وكان الممثلون الأساسين هم السيدة هايث وأريك بورت مان وكيم ستانلي وبيتي فيلد .أن من عادة أونيل أن يشعرنا في عمله الدرامي على إجبار الخشبة على تأدية الفعل الذي تخيله عندما قام بكتابته.

فلو قدر له ان يرى العرض المذهل الذي أخرجه هارولد كليمان فربما ولو لمرة سيصبح سعيداً.فآداءالممثلين جاء متفقاً مع النص .فالعرض تضمن مجموعة ملهمة قادرة على التمثيل من الصعوبة بمكان أن تجد نظيراً لها على المسرح.

ان مسرحية لمسة الشاعر العمل الخامس الذي أعد له في حلقة مكونة من أحدى عشر مسرحية ,ولكن أونيل لم يتمم مشروعه فالحلقة تغطي 175عاماً من عمر حياة عائلة أمريكية ,من ذوي الملاك والمحرومين.فالمنظر المسرحي في لمسة الشاعر يقع عند حانة كئيبة بالقرب من بوسطن في عام1828,حيث تحمل الإمتصاص الأوروبي لفكرة الديموقراطية الأمريكية .

فبدون إطار عام فنحن ندرك ان مسرحية لمسة الشاعر بها طابع أونيلي .فنجد أباً ذا دماً حاراً من أصل أيرلندي وأم منقادة وابنة مستهزءة متمردة,والحديث الجهوري والإفراط في الشراب ,والوهم المبهرج,والأحلام البعيدة,وطوفان السخافات والخيالات الرومانسية,فهذه الأشياء تعد السمة الرئيسية لأوجين أونيل فهي تميز أعماله المسرحية الأولى .ولقد أصبحت هاجسه الأهم في مسرحياته الذي أجتهد في اتمامها عند انتهائه من أعماله الأخيرة.

في مسرحية لمسة الشاعر نجد الأب الثرثار المستبد,وقد تخيل نفسه جينتلمان وجندي الذي يجني ,من دوق والنتون شرفاً بارزاً,في ساحة المعركة .لكن كل شخص آخر في الرواية على علم بانه ليس كذلك بل سكير فضولي,وكسول نصاب .ومن المؤكد ان ابنته على نفس الشاكلة.فهي تحب ولداً ثرياً يدعى يانكي يعمل في التجارة,الذي يكون مريضاً في غرفة نوم بالفندق استبقاه والدها.فابوها يعد ياناكي الشخص الذي يليه في الأهمية.لكنه يستغرب عندما يعلم بان يانكي يعتبره هو وابنته شخصين تافهين.

بينما لايوجد أحد في المسرحية قد قتل أو مات ,فلا يمكن أن نعتبر مسرحية لمسة الشاعر واحدة من مسرحياته ذات البعد التراجيدي الذي اعتدنا عليه في مسرحيات أخرى لأونيل.فإن التراجيديا في مسرحية لمسة الشاعر تقتصر على تحطم كبرياء بطلها الجعجاع.لكنها تحتوي على الحجم والضوضاء,لخدمة أغراض الإشتباك,ان المشهد المكتوب كبير ,ففيه شحنة درامية هي الأهم فيما كتب أونيل لما يحتويه من وصف للمرارة والكراهية والتهور .فلقد جاءت الكتابة مفعمة بالحيوية وعلى نحو متميز متوازنة الى حد بعيد.

ان كل ممثل يلوح في أفضل هيئة .فلقد جسد ,الممثل بورت مان شخصية الثرثار الأيرلندي بما فيه من ثرثرة العاجز عن الإفصاح .فتجسيده لشخصية المتبجح الكذاب بين بالفعل بعدها الكارثي فلقد كان أستاذاً في ابراز ذلك,فلقد أوضح بقوة العواطف الوحشية.أما الممثلة فيلد جاء أداؤها متوازناً ببراعة,فسيدة يانكي تجعل رقتها حائط صد لعنف الشخصيات الأخرى,بصورة مدهشة.

ان مسرحية لمسة الشاعر أبرزت لنا ممثلتين رائعتين,تعبران عن جيلهما ,الأولى تؤدي دور الأم (الممثلة هايث)والثانية الإبنة(الممثلة ستانلي).
لايسنح الوقت أن نكتشف مهارة السيدة هايث المسرحية,فلقد عايشناها منذأعوام.لكن الدجاجة الرثة المنكمشة تم تقمصها من قبلها كمن إكتشف شيئاً جديداً,فلقد تقمصت هذه الهشاشة بإتقان,ولمعان وسرعة فطرة وابزاز جيد للإبتذال البدني,والروح الجميلة.

ولم يأت آداء الممثلة أستانلي بحيوية تواصلها المسرحي مفاجئ.فهي ممثلة ناضجةوخلاقة منذ عدة مواسم سابقة. بينما أكتمال توصيفها للشخصية وحياتها الداخلية وماتحمله من عواصف عاطفية ,إضافة تعبيراتها الداخلية تم على نحو رائع من جانب الممثلة ستانلي

هناك شيء جوهري في هذه المسرحية أن آداء السيدة هايث والسيدة ستانلي كان كلاسيكياً.فالأم والإبنة تظلان وحداهما بالليل وفي غرفة الطعام بالفندق تتجذبان وتمتص كل واحدة منهما الأخرى,بسبب إختلاف الأفكار-فذلك مشهد سيظل حياً ,عميقاً وخالداً.

فهكذا يكتب أونيل.فمسرحية لوثة الشاعر مادتها تعبير عن جوهر الإنسانية والمسرح.

الصورة للممثلة هايث في دور الأم والممثلة ستانلي في دور الإبنة

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *