مسرحية غنائية سورية تجعل من المأساة ملهاة / نضال قوشحة

“درب الخبز” عمل موسيقي حي على خشبة المسرح ينأى عن قصص الآلام منشدا الوئام.

في تجربة موسيقية وفنية نادرة اختار صناع العرض المسرحي السوري “درب الخبز“ الطريق الصعب لأجل تنفيذه، معتمدين على العزف الحي في الصالة، حيث يترافق العازفون والمغنون معا في تقديم العرض المسرحي الغنائي مع الممثلين والراقصين.

 “درب الخبز” عرض مسرحي يصنّف ضمن إطار المسرح الغنائي، وهو عرض تضافرت فيه جهود العشرات من الأشخاص، فهناك 70 مغنيا ومغنية هم عدد أعضاء “جوقة الفرح” الجامعية، و70 راقصا وراقصة لفنون الرقص التابعة لفرقة “آرام”، و16 عازفا موسيقيا إضافة إلى عدد من الممثلين، كلهم أمّنوا العرض الذي قدّم مؤخرا في دار الأوبرا السورية في دمشق وسط إقبال جماهيري كبير تفاعل مع العمل، مُثمّنا الجهد الكبير لهذا اللفيف الواسع من المبدعين.

و”جوقة الفرح” أسّست عام 1977 على يدي الأب إلياس زحلاوي، المعروف في الوسط الثقافي السوري، إضافة إلى مكانته الدينية، من خلال التأليف والترجمات المسرحية، وتوسعت الفرقة في أعمالها حتى باتت عددا من الفرق بين أطفال وطلاب جامعة، وكبار، وهي تمثل سوريا في أهم المحافل الموسيقية والغنائية عالميا، وسبق وأن زارت بلدانا في أوروبا وأميركا.

أما مسرحية “درب الخبز” فقد ألفها ميشيل نصرالله، وأخرجها عروة العربي بمشاركة المرنّم وسام عازر، وهي من بطولة خالد القيش، محمد قنوع، يوسف المقبل، علي كريم، عاصم حواط، روبين عيسى، أنس الحاج وغالية نونة، علاوة على فرقة الرقص “أرام  للمسرح الراقص”.

إلياس زحلاوي: العرض ثمرة جهود مئتي فنان بين موسيقيين وراقصين وممثلين
إلياس زحلاوي: العرض ثمرة جهود مئتي فنان بين موسيقيين وراقصين وممثلين

ويقوم نص هذا العرض المسرحي الضخم الذي تم الاشتغال عليه لعدة سنوات على حكاية افتراضية عن قريتين تعيشان متجاورتين منذ أمد بعيد، هما “درب الخبز” و”درب المي” (الماء)، لكن الفتنة تقع بينهما نتيجة محاولة قتل صبية، ثم خطف المختار من القرية الثانية، وتوالت الأحداث لتصل إلى حد عطش إحداهما ومن ثم تجويع الثانية، وتمر السنوات وينتهي الخلاف بينهما، لكن بعد خسائر كبيرة وآلام جسام.

وشارك في العرض الفنان السوري دريد لحام في دور الراوي، الذي شكل تدخله الصوتي المتكرر جسر الوصل بين فقرات العرض المسرحي الذي امتد لما يقارب الساعتين من الزمن.

واعتمد العرض المسرحي الغنائي على العديد من المقاطع الغنائية العربية الشهيرة، خاصة تلك المأخوذة من المسرح الغنائي اللبناني للأخوين رحباني وملحم بركات لتكوين مداخلة غنائية تعمق الحالة الحكائية للعرض في مفصل محدد.

وعن العرض الذي قامت به “جوقة الفرح” في ظهور جديد لها، قال الأب إلياس زحلاوي مؤسس الجوقة “سوريا بلد حضاري، وتاريخها واسع وعميق، دارت على أرضها أحداث حملت معارك

 وآلاما جساما عبر الآلاف من السنين، ولا بد لهذا كله أن يتشكل في وعي الناس ويخرج إبداعيا في العديد من الفنون، منها المسرح والموسيقى والرقص وغيرها.. وما قدّم في العرض الحالي هو ثمرة جهود لما يقارب المئتي شخص بين كاتب ومخرج وموسيقيين وتقنيين وراقصين وممثلين وبالطبع جوقة الفرح، حاولنا تقديم لمحة عمّا جرى في سوريا خلال السنوات الماضية، وما قدّمته هذه البلاد من تضحيات غالية في سبيل الوصول إلى السلام”.

وعن تفاصيل التجربة واعتمادها على أغان ومقاطع من مشاهير المسرح الغنائي العربي، قال “اعتمدنا على مقاطع جاهزة من المسرح الغنائي العربي الشهير، الذي وجدت أبرز محطاته العربية في لبنان، خاصة على يدي الأخوين رحباني، ولكننا هنا اتجهنا نحو التجريب، ونسعى في المرات القادمة لأن يكون لدينا ما نقدّمه من ألحان وأفكار من ذواتنا، وهذا ما يعني أن خطواتنا في المسرح ستكون قد تطورت، أما بالنسبة لعملنا على هذه الفكرة، فقد سبق وأن عزمنا عليها منذ بضعة أعوام، وقدّمناها بشكل فني معين، ولكنها لم تكن في صيغة الشكل النهائي لهذا العرض، هنا الأمور أكثر اكتمالا”.

والجانب الصوتي والموسيقى لعبا في العرض دورا مهما، كونهما في حالة عرض حي يتداخل مع العرض المسرحي، وعن هذه الحالة بيّنت رجاء أمير شلبي قائدة “جوقة الفرح”، أن “العرض كان صعبا، نال منا الكثير من الجهد والوقت، لكن بتضافر جهود الجميع تغلبنا عليه، كنا نأمل في إيصال رسائل بعينها للجمهور السوري، أهمها أننا موجودون، وثانيها أننا قطعنا خطوة هامة في مجال المسرح الغنائي في سوريا، ونرجو أن يكون العرض قد قدّم بالشكل الذي يرضيه”.

Thumbnail

وعروة العربي مخرج العرض المسرحي، الذي أخرج خلال سنوات ماضية في المسرح السوري العام والخاص ما يزيد عن عشر مسرحيات من بينها عرض مسرحي في فن الميوزيكال حمل عنوان “زرياب”، قدّم في “درب الخبز” جهدا كبيرا في صناعة مشهدية تليق بالعرض، فاعتمد  على مجموعة من الممثلين الذين يحققون على المسرح حضورا خاصا، إضافة إلى اعتنائه بتقديم مشهدية بصرية تميزت بالضخامة في أعمال الديكور وتوليف إضاءة لونية متغيرة وموظفة.

وعمّا قدّمه للجمهور السوري، يقول العربي “عملت سابقا على المسرح بكل تنوعاته، وكان هاجسي العمل على المسرح الغنائي الذي هو غائب عن العروض السورية تقريبا، وقد سبق أن تعاملت مع جوقة الفرح، وفي هذا العرض نقدّم جهدا موسيقيا وغنائيا يحكي بشفافية عمّا يجري في سوريا منذ سنوات”.

______________

المصدر / العرب

موقع الخشبة

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش