مسرحية «طريق السعادة» لـPIPPO DELBONO في مهرجان الحمامات الدولي: خلف سراب الألـم شعاع للأمل فابتهجوا / مفيدة خليل

ماذا لو تاملت تفاصيل يومك وحولتها الى عمل مسرحي؟ حتما سيكون ثريا ومميزا؟ كيف لحياتك اليومية بكل جزئياتها الا تكون عملا مسرحيا يشاهده الاخر فينبهر بما تعانيه

وتعايشه ولو جلس للحظات امام مرآته لوجد أيضا أن حياته يمكن لها ان تكون عملا دراميا هي الأخرى، عن الخيط الرفيع بين الفرح و الترح كتب، عن تعبنا في البحث عن السعادة حدّ نسيان المتعة بيومنا وحياتنا كتب pippo delbeno وأمام جمهور متعطش للفنون قدم عملا من اروع المسرحيات التي احتضنها ركح الحمامات إلى الآن.
«الطريق الى السعادة» عنوان المسرحية الايطالية التي قدمت ضمن فعاليات الدورة الرابعة والخمسين لمهرجان الحمامات الدولي مسرحية هي شحنة ابداع وطاقة عجيبة للحياة للحب و للسعادة فمن اليومي البسيط صنعوا اجمل الحكايا.

اليك ايها الانسان كن صديق نفسك واحلم
المسرح فعل نقدي، المسرح حياة والركح عنوان للولادة المتجددة لكلّ فنان حتما، الركح يختزن حكايا الانسان وشجونه وفي مسرحية طريق السعادة كان اللقاء مع حكايا pippo delbono التي قدمها على الركح صحبة مجموعة من المسرحيين الايطاليين الذين صاحبوه في رحلته الابداعية منذ عشرين عاما.
ظلام دامس الركح باللون الاسود، ممثل يحمل مرشا يسقي ارضا بورا، بعد كل قطرة ماء تزهر تلك الارض وتخضرّ لتحلّ الورود محل الجفاف والفراغ فمنذ البدء يؤسس العمل للحياة للبهجة بدل الموت ليحدثنا المخرج ان المهتم بالورود كان ذات مرة مشردا يعيش في الشوارع ثم عشق الورود واصبح حاميها وراعيها وحارس الجمال.
مشهد اول يكون فيه المخرج على الركح يحمل المايكروفون ليحدث الجمهور عن البهجة و السعادة والفرح، و يحملهم لاكتشاف خبايا ذواتهم والاستمتاع بالحياة بكل صعوباتها ومشاكلها.
في العمل يكون BOBO عنوان للبهجة، بوبو بلغ من العمر ثمانين عاما، يتجول مع المخرج منذ اكثر من 22عاما في اعماله المسرحية، بوبو اخرس لا يتكلم ولكن جسده ينطق بكل تعابير الحياة، بوبو عشق المسرح والسيرك ولبس لباس المهرج ليسعد الآخرين أينما حلّ و يسعد نفسه ويرضي ذاته باعمال احبها كطفل صغير عشق قطعة حلوى، بوبو اخرس ولكنه غنى بطريقته الخاصة، شيخ انهكته السنون ولكن السنون لم تذهب عن قلبه حبّ الحياة، بوبو في العمل عنوان للبهجة درس في البحث عن السعادة الكامنة فينا فقط على الانسان ان يكون صديق نفسه.

بين الحياة والموت خيط رفيع والمسرح عنوان للحياة
ساعة ونصف من الابداع، من الجمال من النقد و نشر تباشير الامل، ممثلون أبدعوا في تقمص شخصياتهم حد التماهي، ابدعوا في ايصال رسائل مفعمة بالحياة الى جمهور مهرجان الحمامات الدولي، مشاهد ممتعة وجميلة نذكر منها مشهد السفن الورقية التي زينت كامل الركح بضوء جميل وكانها اشارة الى السفر الدائم الذي يعيشه المسرحي سفر من ورق احيانا ومنهك ولكنه ممتع حتما فكل تجربة يقوم بها المسرحي تكون شعلة جديدة للبهجة.

طريق السعادة مسرحية مفعمة بالحب، مفعمة بالاختلاف فشخصيات العمل هي نماذج عن المجتمع الايطالي اولا ونماذج عالمية ثانيا، تجد عاشقة الرقص المنهكة لفقدان حبيبها، يقابلك المشرد يصنع عالمه الخاص ومريض التوحد يصنع لنفسه عالم من الموسيقى ويقاوم الاختلاف ليكون انسانا ويصنع سعادته معقد من اللؤلؤ، و عاشقة الورد ومحب السيرك و المهرج المبتسم على الدوام وبداخله براكين من الالم، جميعهم شخصيات اثرت في PIPPO وجعلته يكتب نصا مسرحيا مملوءا شجنا ومشحونا بالحب حب الحياة والبحث المتواصل عن السعادة.

من لحظات تعب ذاتية ولدت المسرحية من لحظات انهيار ووجيعة ولد العمل المليء حبا، فالألم يخلّف الأمل والوجيعة تقدم أجمل الأعمال كما قال المخرج، في طريق السعادة بين الفرح والترح خيط رفيع وبين الموت والحياة تفاصيل شفافة جسدها على الركح ببراعة إذ أشاروا إلى الموت بأوراق الاشجار الميتة لصوتها ولخصوصية لونها الذي يشير إلى العدم.
أما الحياة فجسدت بالورود بالوانها المختلفة الوان وزعت على كامل الركح، ورود غطت الأوراق الميتة وخلقت من المشهد لوحة فيفسائية جد جميلة، مشهد يؤكد أن طريق السعادة أسهل من الموت مشهد يدعو الى خوض مغامرة الحياة واستكشاف اغوار الامل دون السقوط في هوة الالم ، مشهد مليء بتفاصيل الحب والبهجة فالورود كانت عنوانا للسعادة التي بحث عنها المخرج ووجدها في المسرح.

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *