مسرحية «الدب والأرانب» للمخرج محمد علي بن حمودة ضمن مهرجان نيابوليس لمسرح الطفل: مسرح الطفّل وعاء للحب وحقوق الانسان / مفيدة خليل

المسرح حياة، عملية ولادة متجدّدة لأحداث وشخصيات تنبع من ايمان المسرحي بأهمية

الفن الرابع وقدرته على التغيير، ومسرح الطفل مطية للحلم للنقد ولإيصال رسائل الحب و السلام و التعايش السلمي وقبول الاخر بكل اختلافاته، مسرح الطفل مطية للتربية و الترفيه ، مسرح يخاطب عقل الطفل ووجدانه ويرسخ فيه القيم الانسانية و مهرجان نيابوليس لمسرح الطفل عنوان لتحصين الطفل بكل مبادئ الانسانية والدفاع عن حقوقه وأهمها الحق في العيش بسلام كما تنادي مسرحية «الدب والارانب» للمخرج التونسي محمد علي بن حمودة .

«الدب والأرانب» مسرحية اخراجها تونسي وإنتاجها قطري تحديدا الفرقة القطرية لفنون الدمى التابعة لمركز شؤون المسرح، مسرحية عن نص لحصة العوضي وتمثيل وليد جابر و سمر ظاهر ومعاذ مليص وعيسى اخزاعي وهيا الصالحي والبندري سلطان وحسن المندني ومحمد دلول ونور عبد العزيز وابراهيم العقيدي واداء صوتي لصلاح الملا وجاسم الانصاري وناصر محمد ومحمد انور وهيا الصالحي و البندري سلطان وكلثم المناعي وغصوان الكعبي وندى احمد.

المسرح مطية للحلم
والفكر
موسيقى جميلة نوتات هادئة تنبعث في كامل القاعة، موسيقى من تصميم محمد الكناحي واحمد اليحياوي تكون عنوانا لانطلاقة العمل، مشهد لمرج اخضر يمتع البصر و منازل صغيرة الحجم وجميلة سكانها ارانب يعيشون بهدوء في قريتهم الجميلة، الضوء يميل الى الزهري كأنّه يحمل الطفل الى عالم من الالوان و البهجة، عالم من الجمال يمتع روحه و بصره بأبهى الحكايا.

فجأة تتغير الموسيقى ومعها الضوء ليميل الى الصفرة المقيتة ذاك اللون الذي يبعث على الحيرة، فصوت لحيوان يبدو شرسا، يقترب اكثر ليظهر انّه دبّ ومن هناك تنطلق عقدة العمل، فالمسرح عادة ما يقوم على «الصراع» بين البياض و السواد، بين الخير و الشر، بين الافكار و الكبار، و في العمل يكون الصراع بين الارانب اصحاب الارض و «الدب» الهارب من حديقة الحيوان، تتغير الاحداث ومعها يتغير النص و المؤثرات الموسيقية لتشويق الاطفال بأصوات تبدو مخيفة حينا و مضحكة احيانا اخرى.

تأثيرات موسيقية وضوئية تتلاءم مع نسق الاحداث وتتوجه بالخطاب الى فكر الاطفال الحاضرين بأعداد غفيرة في المركب الثقافي بنيابوليس، فلمسرح الطفل اهميته لأنه يخاطب العقول و الوجدان معا ويسعد الاطفال ويزرع فيهم رسائل عديدة تتعلق بحقوق الطفل وحقوق الاخر و الوطن و الدفاع عن الارض، رسائل تقدم لهم في الاعمال المسرحية التي تبدو بسيطة لكنّها جدّ عميقة لأنها تخاطب جمهورا مختلفا وهم الاطفال.

«الدب والارانب» مسرحية عرائسية، الممثلون هم من يحركون الدمى و الديكور ويصنعون الحكايا، ابطال القصة حيوانات صغيرة يحبّها الاطفال ويقبلون على مشاهدتها، تتواصل متعة الحكاية فالأرانب تهجر القرية بعد مجيء الدب الذي يخرّب المنازل ويهدمها ويجلس على حافة البحيرة للاستمتاع بجمال المكان، هنا تتساءل الأرانب عما ستفعله بمن حطّم منازلها، فتقرر استعمال العقل لاصطياده وبالفعل ينجح الأرانب صغار الحجم في اصطياد الدب الاكبر حجما، فالعمل هنا يدعو الصغار الى استعمال العقل فالشجاعة لا تقدّر بحجم صاحبها وانما بارادته على النجاح، في المسرحية ايضا رسائل للإنسانية والحوار فالآخر الذي نراه مخيفا متى تحاورنا معه سنكتشف انه يختلف عنا في الشكل فقط كما الدب في المسرحية هو مسالم فقط وجسده مخيف، مسرحية تدعو الاطفال الى الحوار والحديث مع الاخر كما تقول الطفلة لينا.

«الدب والأرانب» مسرحية عرائسية للأطفال، ميزتها دقة في تحريك العرائس و السينوغرافيا الممتعة التي تراعي المشاهد الطفل في الالوان والموسيقى و الضوء، عمل بإخراج تونسي وتمثيل قطري ولهجة وان بدت صعبة للأطفال لكن حركات الدمى والقصة امتعت صغار نيابوليس.

تجربة تونسية رائدة
مسرحي مختلف، عاشق لمسرح الدمى من الكفاءات التونسية المختصة في صنع العرائس بجميع اشكالها وأحجامها، اسمه محمد علي بن حمودة اسم يعرفه جيّدا كل من سبق له التعامل مع المركز الوطني لفنّ العرائس، فهو الفنان العاشق والطفل دائم الابتسام هو المقبل على حبّ مسرح الدمى والمشرف دوما على ورشات صنع العرائس في كلّ التظاهرات الموجهة للأطفال.، فالمسرح عنده انساني و الدمية تنطق بالحياة وتجمع كلّ الاختلافات منا قولة فولتير «فى المسرح وحده تجتمع الأمة ويتكون فكر الشباب وذوقه وإلى المسرح يفد الأجانب ليتعلموا لغتنا لا مكان فيه لحكمة ضارة ولا تعبير عن أية أحاسيس جديرة بالتقدير إلا وكان مصحوبا بالتصفيق إنه مدرسة دائمة لتعلم الفضيلة».

لأعوام ومحمد علي بن حمودة يصنع ديكور اغلب مسرحيات المركز الوطني لفن العرائس ولسنوات وهو يتجوّل في ربوع تونس لتعليم الاطفال ابجديات صنع العروسة ومعها بعث الحياة في قطعة القماش او اللوح المرمية، محمّد علي بن حمودة الفنان التونسي والعرائسي المختلف انطلق منذ عام ونصف في تجربة مهنية جديدة في قطر مع الفرقة القطرية لفنون الدمى، تجربة جدّ مختلفة لانهم هناك يفتقرون إلى مسرح الدمى ووجود تونسي متمكّن من صناعة العروسة في الفرقة احدث الفارق واستطاع الفنان تقديم ذلك خلال مسرحيات وهي «الدب والأرانب» و«القطرات الأربعة و«موقف صادق» التي ستقدم ثلاثتها في تونس بين نابل وتونس في اطار مهرجان نيابوليس.

وتجربة محمد علي بن حمودة تأتي في اطار شراكة بين المركز الوطني لفن العرائس بتونس ومركز شؤون المسرح بقطر، «تجربة مهمة جدا تؤسس عبرها الفرقة القطرية لفنون الدمى وهي جرأة كبيرة وصعوبات عديدة لكن حب التعلم هو الدافع الاول و الضامن للنجاح» كما يقول محمد علي بن حمودة.

وأكد محدثنا ان عرضهم في نيابوليس هو الاول خارج قطر وهو الاول دوليا مشيرا ان اغلب محركي الدمى يصعدون للمرة الاولى على الركح ولاول مرة يقدمون عرضا في قاعة مسرح مجهزة بالضوء وبكل تقنيات العرض «لان العروض الاخرى نقدمها عادة في المدارس والساحات ولكن صعودهم اليوم على الرّكح أكّد نجاحنا فالمسرح جرأة» كما يقول بن حمودة.

______________

المصدر / المغرب

موقع الخشبة

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *