“ماخلصناش مانخلصوش”: عندما تخفف الكوميديا قتامة الواقع / مريم مرايحي

ظل المسرح منذ نشأته الأولى عند الإغريق مقياسا لنمو الشعوب ومعيارا لتقدمها ومساهما رئيسيا في تغييرها. إذ يعد الفن الرابع على مر العصور المرآة العاكسة لخفايا المجتمع.

ورغم نخبوية جمهور المسرح في تونس تتواصل العروض المسرحية تقريبا بشكل يومي، فتتنوع المواضيع والرؤى المسرحية بهدف عودة الصحوة المسرحية لدى الجمهور التونسي من جديد.

وقدم  مساء الخميس 21 فيفري 2019، قطب المسرح والفنون الركحية، بمدينة الثقافة، مسرحية “ماخلصناش مانخلصوش”، وهي من إخراج محمد علي القلعي وتأليف غسان حفصية وبطولة سماح التوكابري وطلال أيوب وعمار اللطيفي وضحى العوني وحمودة بن حسين.

فكرة العمل

مع الإرتفاع المشط في الأسعار، تسيطر مجموعة من النساء على إحدى المراكز التجارية ويقمن بسرقة البضائع دون دفع ثمنها رافعات شعار “ماخلصناش مانخلصوش”، فيدخلن في صراع مع أزواجهن الذي يؤمنون بقيم إحترام القانون وتتوالى الأحداث.

النسق الدرامي للمسرحية 

إنطلق المخرج محمد علي القلعي من فكرة إرتفاع الأسعار وهي الفكرة الرئيسية أو الفكرة المنطلق التي تعد تمهيدا لبقية الأحداث.

ثم قام بتصميم بقية المواقف ونسج عديد المشاهد الجدلية التي ظهرت خلالها الشخصيات حيث تتبنى كل منها فكرة معارضة للأخرى وهو ما خلق المواقف الكوميدية في العمل.

الشخصيات

تعد الشخصات في العمل مألوفة لدى المتفرج فهي نماذج متعارف عليها في المجتمع، مثل “صلوحة” وهي امرأة عاملة من الطبقة المتوسطة تعتبر أن عدم قدرتها على توفير مقومات العيش مبررا للنهب والسرقة، أما “توفيق” زوجها فهو موظف مدافع على هيبة الدولة ومناهض للنهب والفوضى، و”مريم” متحصلة على شهادة الدكتوراه وتعمل بمركز نداء وزوجها “فرجاني” نقابي مدافع على حقوق الطبقة الشغيلة، وأخيرا الضابطان، الأول صاحب شهادة عليا أجبر على الإلتحاق بقطاع الشرطة هروبا من البطالة، وفي نفس الوقت هو مؤيد للتحركات الشعبية ضد السلطة، ليبقى متأرجحا بين تلبية واجبه المهني ومبادئه، والثاني ظابط قامع للحريات وصارم في تطبيق القانون.

القضايا المطروحة

الصراع بين ماهو قيمي وماهو عقلاني واقعي، ثنائية التشبث بالمبادئ وصعوبة تطبيقها في اليومي المعاش، تدهور الوضع الإقتصادي في البلاد وما يحمله من مخلفات وما يمكن أن يحدثه من تغييرات في النفس البشرية، كلها ظواهر تطرق إليها مؤلف العمل بشكل كوميدي ساخر يحد من قتامة الواقع.

توظيف الكوميديا السوداء

وُظفت الكوميديا السوداء أو “الكوميك الصادم” في العمل وهي تعد ألية من أليات الكتابة الدرامية والمسرحية، إذ مزج مؤلف العمل بين الجد والهزل قصد نفض الغبار على قضايا المجتمع بطريقة ساخرة الهدف منها التخفيف من حدة التراجيديا ولإضفاء حس كوميدي على العمل.

إعتماد تقنية كسر الجدار الرابع

وظف المخرج تقنية كسر الجدار الرابع ونعني بها التخلي عن الحاجز الركحي بين المشاهد وأبطال العمل.

وتخدم هذه التقنية إضفاء واقعية على الأحداث وتحويل المتفرج من مجرد متلقي إلى مشارك في العمل.

فقام المخرج بكسر الإيهام بين المتفرج والممثل وكان هناك تواصل مباشر بينهما، ووُجه الخطاب بصفة مباشرة للجمهور وكانت حركة الممثلين تلقائية في كامل قاعة العرض.

______________

المصدر / حقائق اون لاين

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *