قراءة في صورة الممثل حضورا واستحضارا وحضارة لوحة بصرية من عرض “جنون الحمائم” من عروض المسرحية لمهرجان المسرح العربي ببغداد قراءة: أحمد طنيش – المغرب

منذ أن كان المسرح يعد الممثل ذاك الوسيط بين جميع المكونات بين المبدعين والتقنيين والنقاد والمنظرين والدارسين وحتى الجمهور، ومنذ أن كان المسرح فالممثل هو السيد والقائد والمرسل والآلية والمبدع، والدليل أن أفق انتظارنا غالبا يكون هو الممثل ، أستحضر هذه المقاربات بمناسبة الدورة 14 لمهرجان المسرح العربي ببغداد، الذي تنظمه الهيئة العربية للمسرح، والمدخل أو بوابة هذه المقاربة القرائية لحضور ودور الممثل في الإبداع المسرحي، هو صورة دفعتني أن أنخرط في عبق الخشبات وروحانيتها وعملية التلقي عبر إرسالية وبلاغة وحضور الممثل، فنحن جميعا بشكل حضوري وعن بعد في ضيافة الممثل، وتبلغنا الصورة التي أمام أعيننا بدلالات وإيحاءاتها وتعدد الرؤى والتطلعات التي تقتبس منها، رؤى متعدد الوجهات بثلاثية الاتجاهات من نقطة التقاء واحدة نحو نقطة استقبال من عدة جوانب، لثلاث ممثلين من العيار الكبير وهي شهادة في حق الصورة ومناسبتها وعرضها ومؤثثيها ومرسليها يضاف إليهم ما وراء الصورة أو قل خلفيات الصورة التي ترصد التجربة والفعل والممارسة روحا وحضورا عبر بلاغات أداء أوصلته لنا سيميائية الصورة بدلالات اللون والشكل والتركيبة والمشهدية، في حضور سينوغرافي للممثلين والكرسي وكأنه ممثل رابع، كرسي له ثلاثة وجهات هو الآخر تتوسطه علامات ثلاث لها إيحائها وغالبا توظيفها، تقول الصورة بصوتها المبحوح إن كلاماً ما قيل أو سيقال، أو ربما هو كلام نحيب، كلام الصمت والصورة، المترجم لدراما ما بعرقها وآهاتها ونفسها بتعبير يصل بقوة الصورة، وهناك نص الصورة، توشي لنا الأيدي الأربع لثلاث شخصيات، أن هناك اتجاهات وتحركات وتعابير دلالية تشخصها يدان على جسد ويدان على خشب، وهناك كلام العيون ونظر إلى الأمام وآخر جانبي وآخر لا يريد النظر تمركز في الوسط مغمض العينين يرى داخله أو يرينا داخله ليخاطبنا جميعا.

صورة تقول أن فلسفة الممثل ونص الممثل والممثل المؤلف والممثل المخرج والممثل السينوغراف هي روح تكمن في الأداء التمثيلي التشخيصي الأدائي التعبيري المترجم للمعنى عبر مبنى والمترجم لوجهة نظر المخرج المسرحي الذي يترجم النص المسرحي بصريا أو قل يركب النص سينوغرافيا، للوصول إلى صوفية الأداء والانسجام والصدق في الأداء الذي يظهر لنا مع هذا الثلاثي من الممثلين ويبلغ رسالة مفادها أن المسرح هو حضرة الممثل، ومن أجل الممثل كتب المؤلف للمسرح وللممثل كان المسرح خشبة وإنارة ومؤثثات وجغرافية وجدران وستائر ومن الممكن أن يكون فضاء مشرعا أو تعبيريا بشكل من الأشكال، ويأتي المخرج بفضل الممثل وتأتي أدوار ومهام باقي التقنيين لإبراز الممثل وخدمة له تم تتأتى للمتلقي فرجته بالممثل وعن الممثل ومن خلال ما يرسله الممثل، في بساط عرض له ما قبله بتعدد وله حينه بتعدد وله ما بعده بأبعاد.

هي إشكالية وقضية وموضوعة بسطتها كثير من النظريات والنقاشات والاختلافات والتنظيرات والاتجاهات المسرحية وغيرها بطلها الممثل حضورا وجسدا وروحا وغيابا وأثرا وبعدا.

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد العاشر