في افتتاح الدورة 17 لأيام قرطاج المسرحية: الشارع يستيقظ من سباته… تونس ترقص والشباب بصوت واحد يحيا المسرح

نُحِبُّ الحَيَاةَ إِذَا مَا اسْتَطَعْنَا إِلَيْهَا سَبِيلاَ وَنَسْرِقُ مِنْ دُودَةِ القَزِّ خَيْطاً لِنَبْنِي سَمَاءً لَنَا وَنُسَيِّجَ هَذَا الرَّحِيلاَ وَنَفْتَحُ بَابَ الحَدِيقَةِ كَيْ يَخْرُجَ اليَاسَمِينُ إِلَى الطُّرُقَاتِ نَهَاراً جَمِيلاَ نُحِبُّ الحَيَاةَ إِذَا مَا اسْتَطَعْنَا إِلَيْهَا سَبِيلاَ

نحب ا لحياة و الفنون، نحب تونس ار ض الفن والحياة، نحب الخضراء بلاد المسرح، واليوم عيد المسرح في تونس، هكذا كتب على لافتة حملتها احدى الصغيرات في الشارع مساء السبت 16 اكتوبر.

شارع الحبيب بورقيبة، الكل منتش الكل يسال عما يحدث،ـ موسيقى هنا وصغار هناك طفل يحب الرقص و اخر يقدم عروضا استعراضية، حركة المرور حولت وجهتها الى شوارع أخرى و جود امني كثيف، الكل واقف كلما وليت وجهك وجدت الفن، تلك هي سمة شارع الحبيب بورقيبة يوم 16 اكتوبر منذ الحادية عشرة صباحا بمناسبة افتتاح ا لدورة 17 لايام قرطاج المسرحية.

الشارع لنا…الشارع للفنون
منذ العاشرة صباحا تغيرت صورة شارع الحبيب بورقيبة خرج من صمته وتكلم باسم الفنون الشارع الخالي من السيارات أصبح يعج بالمتفرجين، عشاق الموسيقى، منذ العاشر ة كان الموعد مع النغمات الافريقية ولقاء مع «ماما أفريكا» ، عرض ر حل فيه الحضور الى اغوار القارة السمراء ليكتشفوا كنوزها الموسيقية، رقصات على نغمات الطام طام وبعض ا لالات الافريقية ايقظت ا لكل ودفعت المتفرج للوقوف والرقص أحيانا.

موسيقى، رقص، لافتات في كل مكان شارع باريس هو الآخر احتفل بطريقته فهناك شباب توزع أمام دار الثقافة ابن رشيق كانوا يعزفون للمارة وآخرون اختاروا تقديم ارتجالات أمام قاعة الفن الرابع.

امام نزل «الهناء الدولي» كان طبال جربة والغناء الشعبي التونسي مع حراسة مشددة فالأمن يفتش كل من يريد عبور الحاجز لمشاهدة ما يقدم أمام نزل الهناء، في المقابل العروض في ا لجهة المقابلة امام المسرح د ون تفتيش؟.

عروض متباينة نشرت الفرحة عند الجميع ليكون افتتاح التظاهرة عرسا أخرج الشارع من صمته وبؤسه المعهود، عروض موسيقية متباينة دفعت الجميع الى المشاركة بعضهم بالرقص وبعضهم بالغناء… فنحن نحب الحياة… اذا ما استطعنا إليها سبيلا.

في الافتتاح الرسمي يبدع بن جمعة
افتتحت وزيرة الثقافة لطيفة الاخضر الدور ة 17 لايام قرطاج المسرحية، الدورة التي انطلقت فعالياتها في الجهات وتحديدا م طماطة قبل ان تصل الى العاصمة، وذلك بحضور رئيس الحكومة الحبيب الصيد وعدد من السياسيين والمسرحيين.

وفي كلمة الافتتاح اكد الاسعد الجموسي مدير هذه الدورة ان هيئة هذه التظاهرة عملت على انتشارها في عديد الجهات تكريسا لمبدإ اللامركزية الثقافية الذى اقره الدستور التونسي، وقال « ولأن العالم يتكون من عدة مناطق توتر واضطراب تمت خلال هذه الدورة صياغة مشروع اعلان دولي بعنوان اعلان قرطاج لحماية المبدعين المعرضين للمخاطر» و سلم كتيب الى رئيس الحكومة ليسلمه لاحقا الى الامم المتحدة.

«Trois coups trois actes» في عرض الافتتاح وهو عرض من تصوّر الفنان محمد علي بن جمعة الذي ساهم اضافة الى الاخراج في كتابة النص صحبة حاتم القروي، وروى العرض من خلال لوحات مختلفة قدمها 13 ممثلا مراحل من مسيرة المسرح التونسي، كما سلط عرض الافتتاح خلال اكثر من 20 دقيقة الضوء على قرابة 80 مسرحية تونسية انطلاقا من مسرح علي بن عياد والمسرح العبثي الى مسرح عز الدين المدني والمسعدي وصولا الى مسرح اليوم، كما قدم العرض وفي لمسة وفاء الى المسرحي الراحل عز الدين قنون مقتطفات من مسرحية «حب في الخريف (1997)».

ما يقارب عن 30 دقيقة مضت دون ان نشعر فيها بالملل و القلق و كنا نضحك مع كل مشهد و نتفاعل مع الايحاءات و المشاكسات لبعض الشخصيات المسرحيّة التي بقت راسخة في الذّهن من مسيرة المسرح التّونسي…

والمشهد المفتاح في عرض البارحة هو ذلك الذي جسّده الثّنائي الذي اقتحم الرّكح في ثلاث مرّات في محاولة لتقديم شئ ما و كان مدير القاعة في كل مرة يطردهما حتى تمكّنا في ثالث محاولة من تقديم عرض السّيرك و ابدعا في تقديمه…

هذا المشهد هي دعوة يطلقها بن جمعة للقائمين على الشّأن الثقافي لفتح اركاح دور الثّقافة و المؤسسات المسرحيّة الخاصّة للطاقات الشّابة لابراز طاقاتهم و تقديم انماط جديدة تتناسب و تطلّعات شباب اليوم، كما كتب الناقد منير الفلاح .

قنون…حاضر رغم الغياب
العظماء لا يموتون، شعار يردد دوما ولكنه كان حقيقة في ا فتتاح الدورة 17 لايام قرطاج المسرحية و في بادرة لطيفة مررت على الشاشة صور لعدد من المسرحيين الذين فقدتهم الساحة الفنية هذا العام منهم منية الورتاني وحبيبة السويسي ومحمد المحضي وعزوز الشناوي والطيب الوسلاتي والحبيب ذياب والكاتب المسرحي ابراهيم بن عمر ورضا دريرة وعبد المجيد الاكحل وفوزي رواشد وعز الدين قنون.

قنون كان حاضرا من خلال عرض مسرحية غيلان وحضر في اداء ابنته سيرين قنون.
وكأننا بقنون يقول على لسان درويش:

وَنَزْرَعُ حَيْثُ أَقمْنَا نَبَاتاً سَريعَ النُّمُوِّ , وَنَحْصدْ حَيْثُ أَقَمْنَا قَتِيلاَ
وَنَنْفُخُ فِي النَّايِ لَوْنَ البَعِيدِ البَعِيدِ , وَنَرْسُمُ فَوْقَ تُرابِ المَمَرَّ صَهِيلاَ
وَنَكْتُبُ أَسْمَاءَنَا حَجَراً ‘ أَيُّهَا البَرْقُ أَوْضِحْ لَنَا اللَّيْلَ ‘ أَوْضِحْ قَلِيلاَ
نُحِبُّ الحَيَاةَ إِذا مَا اسْتَطَعْنَا إِلَيْهَا سَبِيلا…

كما افتتحت و زيرة الثقافة المقهى الثقافي بالمسرح الوطني الذي فتح أبوابه لاحتضان عروض أيام قرطاج المسرحية بعد اشغال الصيانة،افتتاح التظاهرة كان عرسا في الشارع رغم بعض الهنات التنظيمية واولها التاخير وعدم احترام الوقت، فكيف ستكون بقية الدور ة 17 التي تتواصل الى غاية 24 اكتوبر الحالي.

 

مفيدة خليل

http://www.lemaghreb.tn/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *