عين على المسرح-مــن جــربــة جـزيـرة الأحــلام افتتاح فعاليات الدورة 26 لمهرجان فرحات يامون للمسرح في طابع مغاربي عربي يؤسس لفعل مسرحي واعد-بقلم : عــبــاســيــة مــدونــي – ســيــدي بــلــعــبــاس – الــــجــزائـــر

مــن جــربــة جـزيـرة الأحــلام افتتاح فعاليات الدورة 26 لمهرجان فرحات يامون للمسرح

 

في طابع مغاربي عربي يؤسس لفعل مسرحي واعد

 

جزيرة الأحلام جربة  بتونس الخضراء ، فتحت أحضانها في ليلة بهيّة لرفع ستار فعاليات  فعاليات االدورة  السادسة والعشرين لمهرجان فرحات يامون للمسرح في محور ” المسرح والتراث” على مستوى دار الثقافة ” محمد غازي” بحومة السوق .

العرس الثقافي في طابعه العربي ، الدولي الممتد الى غاية 02 من شهر مارس 2017 ، شهد أجواء احتفالية تعانقت فيها  رايات الدول العربية على مستوى شوارع ساحة حومة السوق ، التي شهدت عروضا احتفالية وأخرى تنشيطية ايذانا بانطلاقة المهرجان ، تناغمت فيها الأناشيد وعزف الفرق النحاسية ، ناهيك عن مشاركة الدول االعربية للحدث بالشوارع .

الطبعة السادسة والعشرون التي حضرها السيد ” زين العابدين محمد ” وزير الشؤون الثقافية التونسية ، والذي أشرف بدوره على الافتتاح الرسمي للمهرجان ، سبقه زيارته لمعرض الملابس المسرحية التاريخية للمسرح الوطني التونسي ، كما أجاب عن أسئلة الاعلاميين المتعلقة بالمهرجان ومدى اثرائه للوجه الثقافي والسياحي للجزيرة ، مركزا في ردوده على أن المسرح بشكل عالم يسهم في نحت الجمال وإرساء ضوابط الابداع ، والعمل على مدّ جسور التواصل بين الأجيال ، مثمّنا كل المجهودات المبذولة بغية إنجاحه .

بعدها مباشرة ، ضمّت قاعة دار الثقافة جمعا غفيرا من الجمهور ، وضيوف المهرجان من شتى البلدان العربية المشاركة بالمهرجان ، ليتمّ الاعلان الرسمي عن انطلاق فعاليات المهرجان في دورته السادسة والعشرين ، والذي نشّط ركحيا  مراسيم الافتتاح الاعلامي المسرحي ” أحمد سمير” من دولة مصر الى جانب الشابة ” نسرين ” ، وقد تخلل حفل الافتتاح الاشادة بأهميّته ، ومدى اسهامه في الحراك الثقافي والفني ، بخاصة وأن هته الدورة تعدّ دورة استثنائية من حيث احتضانها لطبعة عربية دولية تضمّ كل من الجزائر ،  المغرب ، مصر ، ليبيا ، الأردن ، وفلسطين ، لتؤكّد في تلاقيها مسرحيّا أنّ الابداع يجمع ولا يشتّت ، وأن المسرح لغة للحوار الفاعل والفعال ، وأنه دون منازع اللغة الانسانية السامية التي تظلّ شاخصة في وجه مجابهة الارهاب ودحض عوامل العنف ، باعتبار أن الفن الرابع سلاح للوعي ، للحضارة وللثقافة في معناها الشامل .

 

وقد ركّز الدكتور ” زهير بن تردايت” مدير مهرجان فرحات يامون في كلمته على أهمية هذا الموعد المسرحي الذي يطلّ كلّ سنة محمّلا بالابداع ، وبالعطاء وبأوجه متعدّدة من الجمال والفن ، مشيدا بجهود كل من سيهم من قريب أو من بعيد في انجاح فعالياته واثراء محطاته ، منوّها بجمهور جربة العاشق للفن الرابع والذي لولاه لما تواصل المهرجان إلى غاية هته الطبعة ، كما أكّد على الجهود المتبادلة بين الأطراف الفاعلة لدفع عجلة تقدّم وتميّز هذا المهرجان ، بخاصة في طبعته المغاربية ، العربية والدولية ، وأن جربة ستظلّ حاضنة لهذا المهرجان بفعل جمهورها الوفيّ ، وبفعل تعاضد الجهود وعلى رأسها مساهمة الدكتور ” زين العابدين محمد” في هته الدورة بشكل خاص.

هذا وتواصلت سهرة الافتتاح ، ليتمّ تكريم وجوه فنية ، اعلامية وشخصيات فاعلة في الحراك الثقافي والفني وكانوا على الشكل التالي : الفنان المبدع ” طلعت زكريا” وابنته ” أيمي طلعت” ، والفنانة ” ندى بسيوني ” من مصر ، الى جانب كل من الاعلامي ” ابراهيم أبو ذكرى ” والمخرج

” جمال ياقوت” من مصر  ، والإعلامية ” مدوني عباسية ” من الجزائر ، والفنان المبدع الشاب

” أنس فويتح ” من فرقة كواليس بتيط مليل من المغرب ، بالإضافة الى المبدع والفنان ” عز الدين المدني” والمسرحي المتألق ” أنور الشعافي ” من تونس ، ومن الأردن الفنان والناقد المسرحي  ” مؤيد حمزة ” وكذلك المخرج الايطالي ذا الأصل الأردني ” عاهد عبابنة” ، ومن ليبيا الأستاذ الجامعي” عبد الرزاق العبارة ” .

 

ليرفع بعدها مباشرة الستار على عرض ” أو لا تكون ” رباعية شكسبير  للمخرج

” أنور الشعافي ”  من توقيع مركز الفنون الدرامية بمدنين .

 

العرض المسرحي الذي استمدّ نواة الطرح الدرامي من أكبر مناجاة للأدب العالمي للكاتب الانجليزي

” وليم شكسبر”  لأكثر من 400 سنة خلت ، عاد ليضع المخرج لمسته ببعد ورؤية مغايرة ضمن كولاج فني ومونتاج لرباعية شهيرة ” هاملت” ، ” عطيل ” ، ” الملك لير ” و ” روميو وجولييت ” ، هذا المزيج الذي ألبسه المخرج للفيف الممثلين على الركح ، راح يناجي السؤال الجوهري الذي يقبع بذات كل انسان ” أكون أو لا أكون ” تلكم العبارة الشهيرة التي نطقت بها أكثر شخصيات شكسبير ابهارا ألا وهو” هاملت ”  أمير الدانمارك ، الذي كان يصارع ويرزخ تحت ضغط هائل يتماوج بين مسؤولياته وبين نزعة الانتقام لوالده الذي قتله أخوه ” كلوديوس” ، والتفكير في الانتحار ووضع حد لحياته الى الأبد ، ومع ذلك لم يكن ” هاملت ” حاسما في قراره وبقي عالقا ، ورغم تصوير “شكسبير ” له على قدر من الحكمة والحنكة ، إلا أنه وضعه في دائرة عدم القدرة على اتخاذ  قرار مصيري ، لتنطلق من هنا اللمسة الاخراجية لذلك السؤال في تسلسل المزيج الدرامي لرباعية شكيبر ، مع لمسة سينوغرافية اعتمدت تقنية القماش الذي أبرزت جهد الممثلين في طرح أبعاد الرباعية من هاملت الى عطيل ، الى روميو وجولييت الى الملك لير ، التقنية التي  ربطت بين تقنية السيرك في توظيف القماش وربطه بالتقنية المسرحية من حيث الحركة والتوظيف الدرامي من حيث الحوار والتواصل داخل الركح بين أداء كل ممثل وآخر ، من حيث تواجد الممثلين معلقين بالهواء وبذلهم الجهد البارز من حيث الأداء والكوريغرافيا وتناسقهم مع الموسيقى ، وذلك في تعاملهم مع نص كلاسيكي من الأدب العالمي في تقمصهم لأكثر من شخصية  .

 

فـ ” روميو وجولييت ”   العاشقين التي تؤول قصتهما في الأخير الى مصير محتوم نتيجة صراع بين العائلتين ، و” عطيل ” الذي صوره شكسبير بالرجل المغربي أسمر البشرة ، الأمين ، النابذ للخيانة والغدر ، العاشق لـ” ديدمونة ” واللذان نتيجة تآمر مدبّر ونتيجة الحقد الدفين ، تحاك قصة الخيانة بناء على المنديل ، أين يضطر ” عطيل الى قتل محبوبته ، مكتشفا براءتها في  آخر المطاف ، فيضطر الى قتل نفسه خيبة وحسرة وندما ، في حين أن ” الملك لير ” كانت موضوع  المأساة في علاقة الآباء بالأبناء ، الا أن الملك لير كانت تصويرا لعلاقته ببناته الثلاث ، وكيف حرم الصغرى من الميراث نتيجة قولها الحقيقة ورفضها الخداع والكذب .

 

عرض ” أو لا تكون ”  انطوى وأسس لأبعاد رمزية ، باعتماد المخرج الشخوص المعلقة بين الارض والسماء التي تحيل  الى طبيعة  الانسان بصفته خليفة الله في الأرض والذات البشرية التي تتوفر على جانب من الطهارة الفطرية وجانب من الصراعات الغريزية في تقرير المصير أو اتخاذ القرارات الصائبة ، هي حالات  الإنسان  وهو يصارع بسبب رغبته في التخلص من مرتبة الانسانية والتمرد عليها وفق ما تمليه الأحداث والمستجدات .
العمل برمته يسعى للنظر الى الموت باعتباره حدث بيولوجي قدري والقتل كأولى الجرائم التي ارتكبها الانسان على الأرض،  مع ملامسة العدم والمجهول في البحث العقيم عن الحلول وسط صراعات

أقوى ، ليغدو المجهول بصمة كل ما نحياه وما سنكابده .

وعليه ، فإن  جربة الساحرة ، جربة المسرح ستواصل تفاصيل عرسها المسرحي لتنحت الجمال ، وتؤسس للابداع  بحكم كمّ العروض المبرمجة ما بين عروض للأطفال وأخرى للكبار ، مع تنشيط للمدارس وللساحات ، ناهيك عن حيثيات الندوة الدولية في محور ” المسرح والتراث ” والتي ينشطها خيرة  الأساتذة والمهتمين من شتى الدول العربية ، على غرار الجزائر ، مصر ، الأردن وليبيا تقريبا للمفهوم وإثراء للمحتوى مع التركيز على أهمية التراث في مواكبته التسارع التكنولوجي وكيفية الاستفادة منه ابداعيا لا سيّما مسرحيا خدمة للفن وهم الأساتذة والدكاترة

عز الدين المدني، محفوظ الغزال ، الهاشمي حسين ورضا الأبيض من تونس ، جمال ياقوت من مصر ، الأستاذة برمانة سنية سامية من جامعة الجيلالي ليابس-قسم الفنون- سيدي بلعباس الجزائر ، مؤيد حمزة من الأردن وعبد الرزاق العبارة من ليبيا  ، أين سيكرم ” توفيق المدني ” في رفع أشغال الندوة عرفانا وتقديرا لعطاءاته وإبداعاته مسرحيا ، منظّرا ومفكّرا  ، مواكبا للحداثة ، متّكأ على التجريب والابداع .

 

بقلم : عــبــاســيــة مــدونــي – ســيــدي بــلــعــبــاس – الــــجــزائـــر

 

 

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *