عين على المسرح العربي – سيدة المسرح السعودي , علامة فارقة و مختلفة

المرأة السعودية كانت وستظل دائماً هي تلك التي تجاوزت بإصرارها وإرادتها كافة العقبات التي حاول المجتمع من قديم أن يضعها أمامها.. امرأة كان لحضورها المحلي وقع القوة، ولحضورها العالمي وقع المفاجأة.. استطاعت أن تستفيد من كل نافذة شرعت لها، ومن كل باب فتحه أمامها ولاة الأمر واحداً بعد واحد.. قالت بكل الطرق وبكافة الوسائل هذه أنا؛ المرأة التي أعطيت خمسة فأنتجت عشرة، أثبت جدارتي في كل موقع وأقدم دليل وطنيتي في كل محفل..

ابنة هذا البلد المعطاء ابنة المملكة العربية السعودية التي اعتزت ببلادها فاعتزت بها البلاد وكرمها العباد وتلقى أنباء صعودها القاصي والداني بتقدير وإعجاب كبيرين..

السفيرة الحقيقية والمتحدثة الرسمية والبرهان المعجز على أن أقل من مئة عام في بلاد تتمتع بالحصافة والثقة والإرادة يمكن أن تغير الظروف وتقلب الموازين وتحول المرأة التي كانت كائناً مستضعفاً مغيباً إلى كيان ذي حضور وقوة يتحلى بالعلم ويترقى في العمل مع احتفاظه بعراقة الجذور وصلابة النشأة.

ضيفتنا لهذا العدد هي د. ملحة عبدالله سيدة المسرح السعودي التي لا يمكن وصفها إلا ب”ظاهرة”، لم وربما لن تتكرر فسيرتها الذاتية مليئة بالإنجازات والجهود الفردية التي تتميز بالشمولية وبعد النظر والتي ربما فاقت إنجاز الكثير من المؤسسات الثقافية، وهي بذلك تعد نموذجاً للأديبة العربية بما ضمت من فكر وإبداع في مجال المسرح والنقد الأدبي والعمل الثقافي ولتكون بذلك وجه مشرق للمرأة السعودية.

د. ملحة عبدالله هي مفكرة عربية وكاتبة وناقدة مسرحية، وكاتبة صحفية، تمثل العلامة الفارقة عند الحديث عن المشهد المسرحي في المملكة على وجه الخصوص، وعلى مستوى العالم العربي بشكل عام.

سعودية قادمة من قمم جبال منطقة عسير، وتحديداً من مدينة أبها، التي اكتسبت منها الشموخ والأنفة، للوصول إلى النجومية، عبر ما سطرته أناملها من إبداعات في عالم النقد والدراما، والمسرح.

حصلت على العديد من الألقاب الفخرية، إلا أن اللقب الأقرب إلى قلبها هو “سيدة المسرح السعودي” الذي نالته عن جدارة، لقاء ما قدمته من أعمال مبهرة خدمت المسرح وعشاقه في السعودية والوطن العربي.

الهوية المسرحية

* د. ملحة عبدالله كيف تعرفنا بنفسها؟

– ابنة وطن عربي أصيل أحبته فأحبت المسرح، طفت البلاد العربية والغربية بحثاً عن المعرفة، فالمعرفة أمر مقلق للغاية والبحث عنها أمر صعب لأن لها دهاليز غائرة كلما فتح أحدها انفتح ألف باب، بحثت عن المسرح في وطني في أول المطاف منذ خمسة وعشرين عاماً فلم أجد كاتبة للمسرح، ولم أجد نظريات وتألق يضعه على الخارطة المسرحية العالمية، وبدافع الغيرة البعيدة عن البحث عن الذات بحثت عن المسرح وفي المسرح من أجل الوطن، ولذا كان أول بحث لي كان أثر الهوية الإسلامية على المسرح في المملكة. وكانت المفاجأة أن البداوة بالمعنى القبلي هي ذات الأثر الأكبر على المسرح، وحينها كتبت المسرح منطلقة بأول نص مسرحي لي وهو “أم الفاس” من خلال حكاية شعبية من تراثنا ومطرزة بالموروث الشعبي لنا في كل حياكتها، وبذلك حازت على جائزة أبها الثقافية في أول عمل مسرحي اشتغل به، وفي الوقت ذاته كانت تعرض لي مسرحية وهي “المسخ” التي كانت تلاقي نجاحاً كبيراً على مسرح الدولة بمصر، ولم يكن هذا النجاح لي في أول عملين اكتبهما بعد تخرجي من أكاديمية الفنون بالقاهرة سوى مؤشر أولي يبين أولى درجات الرؤية بأنني على الطريق الصحيح، ثم توالت الأعمال أما الدراسة فهي دخول أكاديمية الفنون.

أما المناصب فقد وجت نفسي محتاجة إلى التفرغ لأني وجدت نفسي أول امرأة محترفة تكتب المسرح ومتخصصة فيه في المملكة وأعرف جيداً أن تاريخ الفن لن يرحمني فأنا أعلم كيف نتدارس تاريخ الرواد منذ القرن الثاني قبل الميلاد حتى يومنا هذا، وبدافع الغيرة أيضاً على وطني وصورة الرواد فيه، تفرغت للمسرح وللكتابة وللنقد فأنا لا أحب أن أضعه إلا في أبهى الصور حتى لو كان ذلك على حسابي الشخصي وعلى حساب المكسب المادي الذي يمكن أن أحققه من خلال المناصب لأنني أعلم من خلال أبحاثي أن المناصب تفسد المبدعين وتقيدهم بأغلال المصالح.

وفي آخر الأمر أنشأت شركة للإنتاج الفني لكي أفرغ فيها معيني الثقافي إن استطعت، كما أنني عملت مراسلة صحفية لجريدة البلاد في مصر عدة سنوات ومديرة مكتب لجريدة عمانية عدة سنوات أيضاً وكاتبة ناقدة في الصحف وهو في عمق تخصصي.

محطات مهمة

* وما أهم المحطات الحياتية التي قادتك لكل هذا النجاح والتميز؟

-أهم المحطات الحياتية تتمثل في الزواج المبكر وفي الهدية التي منحني الله عز وجل إياها وهي ستة أبناء، وكان لمولودي الأول وقع كبير في حياتي، وكنت طفلة تحمل طفلاً كما يقال إذ كان عمري حينها أربعة عشر عاماً.

والمحطة الثانية هي ذهابي إلى سورية حينما سمح لنا المغفور له بإذن الله الملك فيصل بأن نرافق الجيش السعودي في حرب 1973 كنت أحمل طفلاً في يدي وأذهب مع زوجي لكي نشارك جنودنا تلك الروح المعنوية التي كانت واضحة على الجنود وهم يملأون الطائرة وأنا المرأة الوحيدة بينهم وبطبيعة الحال كان زوجي قد سبقني، كان الجنود يرقصون ويغنون، ومكبر الصوت يتعالى صوته بقوله “لا أحد يضايق العائلة” .. كانوا يقومون على رعايتي بينهم ويحملون الطفل وكأنهم ذاهبون إلى عرس، حفظ الله جنودنا ما أشجعهم.

والمحطة الأخيرة هي الرحيل إلى القاهرة إلى المعرفة فهي قبلة العلماء من قديم الأزل.

أما المحطات العلمية فهي دخول الأكاديمية وكنت حين التخرج أعتقد أنني سأكون على قمة الهرم وأقود المسرح لكن الحقيقة أنني وجدت أن المسرح لا يعترف إلا بالعباقرة وبالعلماء وحينها أدركت أن الطريق لا يزال طويلاً، ثم نيل الماجستير والدكتوراه وكانت أيضاً بدافع أن أجد شقاً في حائط المسرح ومن شدة اهتمامي بما يفعله المسرح كانت الدراسة في النقد والدراما وفلسفة المسرح.

والمحطة المهمة هي حصولي على المركز الأول في المسابقة الدولية في المسرح وكانت من منظمة اليونسكو حينها تنفست الصعداء، وعرفت أنني وضعت المسرح السعودي على الخارطة المسرحية العالمية وهو أول هدف دخلت به الأكاديمية منذ الوهلة الأولى، ثم جاءت المحطة الأهم وهي تكريم الأمم المتحدة لي ومنحي شهادتين دكتوراه الأولى في نظرية البعد الخامس وتكوين الوجدان في المسرح والثانية في خدمة السلام العالمي ومكافحة الإرهاب في أعمالي وبطبيعة الحال كانت جائزة الأزهر وتكريمه لي تاج على رأسي فهو منارة للدين وهنا يرتبط الدين بالمسرح وهي نقطة مهمة في تاريخ المسرح لمن يدركون المسرح جيداً ولا أنكر أن جائزة الأمير خالد الفيصل هي من وضعت قدمي على الطريق الصحيح في البداية.

وبطبيعة الحال كنت السيدة العربية الأولى التي تكرَّم وتمنح الدكتوراه الفخرية في المسرح من الأمم المتحدة “اليوناريتس”.

الزواج المبكر

* غالباً ما يكون الزواج المبكر ومسؤولياته عقبة أمام الفتاة المبدعة.. ما مدى تأثير الزواج والانتقال للإقامة والدراسة بالقاهرة وأثر ذلك على مسيرتك الكتابية؟

– نعم الزواج المبكر عقبة، ولكن من يريد الارتقاء يكون قوياً يكسر كل الحواجز فالهدف هو الابن الشرعي للمفكر ولطالب العلم، ثم إنني تزوجت وأنا ابنة الثلاثة عشر عاماً وأنجبت في ست سنوات وتفرغت لأطفالي، وحينما دخلوا المدرسة كانت رحلة العلم معهم وبهم ونجحنا سوياً جنباً إلى جنب كنا نجلس نستذكر دروسنا ونذهب ونحضر معاً في رحلة طلب العلم والتفوق وكلهم ولله الحمد متفوقين، إذاً المسألة تحتاج إلى تخطيط وجهد مضني بطبيعة الحال ولم يكن لدينا وقتا للترفيه واللعب والمجالس والعزائم..لا.. كنا مجندين في صفوف البحث عن النجاح وكنت مثَلهم الأعلى.

الجوائز الأغلى

* حصلتي على عدة جوائز وتكريم وحققتي مراكز متقدمة.. حدثينا عن تلك الجوائز وذلك التكريم وإيهم أقرب لقلبك؟

– كل جائزة تمثل محطة في حياتي ولها دورها.. فالأولى جائزة أبها الثقافية وهي تمثل انطلاقة لأنها على اول عمل لي ومن وطني ومن بلدي أبها ولذا لها مذاق خاص.

والثانية هي جائزة الجيل الواعي وهي عربية من الكويت، والثالثة هي جائزة أبها الثقافية للمرة الثانية ومذاقها أنها على مجمل أعمالي وكانت في الرواية والمسرح، أما الرابعة فهي جائزة اليونسكو للمونودراما عن مسرحية العازفة وهي تمثّل لي مكسباً عالمياً ومكسباً للمسرح السعودي فهي جائزة دولية، والخامسة هي الدكتوراه الفخرية من الأمم المتحدة وكانت بالنسبة لي جائزة فكرية وإبداعية دولية تتويج لكل ما أنتجته، أما أولى الجوائز فهي جائزة أكاديمية الفنون في القصة وكانت فاتحة خير بالنسبة لي حينما كنا طلاباً كما أني حصلت على جائزة أحسن نص في مهرجان الشمال للكوميديا.

مكافحة الإرهاب

* هناك قضية رأي عام دولي وهي الشغل الشاغل للعالم حالياً وهي الأرهاب مصدره وطرق تحجيمه ومكافحته.. فما هي وجهة نظر د. ملحة في هذا الجانب؟

– الإرهاب ليس له وطن، والسلاح الوحيد لمكافحة الإرهاب هو الوعي، وصناعة الوعي الجمعي لدينا صعبة فالوجدان الجمعي وصياغته يحتاج إلى أسس وعلم نفس في الخطاب الإعلامي، والقنوات الخاصة التي تبحث عن الربح وتجري وراء الإعلانات ووراء عداد المشاهدة هي من زيفت الوعي وعملت على تشتيته.

يجب أن تكون لدينا قناة إخبارية كبيرة لكن تقوم على المصداقية وتكون عالمية وبلغتين تنقل للعالم أفكارنا وديننا وتسامحنا، وتنقل لنا ما يحدث وما يحاك لنا من عالم هلامي لا نعرف مصدره.

نحن والحمدلله بلادنا لديها القدرة على إنشاء مثل هذه القناة وهي شديدة التكاليف، ولا يقدر عليها سوى بلد مثل المملكة وكم ناديت بإنشاء مثل هذه القناة بعلماء متخصصين ولها مراسلون في كل الدنيا لأن القنوات الباقية لا تحمل لنا الحقائق وأعتقد أن لها أغراضاً قد لا تخدمنا، وعلينا أن نخدم شبابنا بأن ننشئ هذه القناة لإيقاظ الوعي العام ونسف كل ما يسمى في علم الإعلام (تزييف الوعي)، وفي المسرح عملت على ذلك ولذا منحت الدكتوراه الفخرية على محاربة الإرهاب ولكن يجب على الدولة أن تؤسس هذه القناة وبدون تأخر ويكون القائمون عليها وطنيين من الدرجة الأولى.

د. ملحة عن قرب

– عائلتي مكونة من ستة أبناء فيصل رحمه الله مهندس ومؤسس قسم المساحة في وزارة الدفاع توفي منذ عام، وعبدالعزيز مهندس تقنية ومدير في إحدى الجامعات العلمية، وأحمد مرشد سياحي وباحث، وهند خريجة ترجمة فورية، وريم خريجة جامعة القاهرة إدارة أعمال، وسميرة حاصلة على ماجستير إدارة أعمال وعلوم سياسية، وتعمل حالياً في وزارة الخارجية وكانت من أولى الدفعات اللاتي تعيّن في الخارجية بحمد الله.

– أتواصل قليلا مع صديقاتي فأنا مقصرة معهن لأني دائمة الاعتكاف على القراءة والكتابة في مكتبي إلا إنني أتزاور حينما تكون الحاجة ملحة، وأعشق البيت والجلوس للتأمل. وأعتقد أن الجلسات الدائمة تفسد التأمل وتفسد الإبداع لكن صديقاتي يعرفن ذلك فتأتين هن إليّ وأنا أشكرهن وأمتن.

– هوايتي لعب الشطرنج والكتابة والقراءة فقط والجلوس في الفضاءات المفتوحة.

مسيرة ملحة في سطور

تعد ملحة عبدالله أول دارسة أكاديمية سعودية للمسرح، وأول كاتبة سعودية متخصصة في مجال علوم المسرح، وأول امرأة تحصل على جوائز دولية ومحلية في النص المسرحي، وأول من أصدر كتابا عن العادات والتقاليد في السعودية، وأول امرأة سعودية تعمل مراسلاً صحفياً معتمداً من الهيئة العامة للاستعلامات بالقاهرة.

وهي أول من أصدر نظرية عربية في المسرح ”البعد الخامس“، وأول من أصدر موسوعة في نقد النقد “حكمة النقد بين الأنس والاغتراب” وأول وكيلة قناة سعودية بالخارج “قناة ديوان العرب”، وأول امرأة تكرم في المملكة في مجال المسرح ”تكريماً رسمياً“، وأول امرأة عربية تحصل على جائزة الهيئة العالمية للمسرح عن نص “العازفة”، وأول جائزة دولية في المسرح السعودي، وصاحبة أول نص تجربة عالمية مونودراما طفل للكبار “بن الجبل”، وأول من حصل على درجة الدكتوراه الفخرية في المسرح في السعودية، وأول من عمل على تحديد مفهوم المصطلح “مونودراما”.

وقد عرض لها ما يقارب 45 عرضا مسرحيا في القاهرة وفي الدول العربية.

وهي حاصلة على بكالوريوس النقد والدراما من أكاديمية الفنون بالقاهرة، وحاصلة على دبلوم اللغة الإنجليزية من كلية البرازيل بإنجلترا، وحاصلة على الماجستير “العبد الخامس في التلقي والمسرح”، والدكتوراه في النقد والدراما “حكمة النقد بين الأنس والاغتراب” من جامعة بركلي الولايات المتحدة الأمريكية، كما حصلت على الدكتوراه الفخرية من الأمم المتحدة (يوناريتس) عن البعد الخامس وتطور الفنون، إضافة إلى الدكتوراه الفخرية من الأمم المتحدة عن محاربة الإرهاب وخدمة السلام العالمي.

د. وفاء الفوتي: مسرح ملحة يثير القضايا ويطرح الأسئلة

قالت د. وفاء الفوتي الأستاذ المساعد بجامعة طيبة والحاصلة على درجة الدكتوارة في رسالة حملت عنوان «التشكيل الدرامي للشخصية في النص الدرامي لملحة عبدالله» إن من السمات التي اسهمت في تميز ملحة، وجعل شخصيتها حاضرة بقوة في المشهد المسرحي الموهبة وكونها مسكونة بالبحث والاطلاع، والاحتكاك بالوسط المسرحي النابض والحي، وكل هذا يفرز مزيدا من الابداع والتألق والتمكُّن، وكونها ردفت الموهبة بالدراسة الأكاديمية واشتغالها بالنقد، فثنائية ممارسة الإبداع وممارسة النقد جعل نصها ينبض بهذا المستوى من الوعي و الفهم ،فهي تكتب نصا مدروسا بشكل جيد قبل أن ينساب أحرفا على الورق.

وأكدت د. وفاء أن اسم ملحة عبدالله يقفز في صدارة قائمة الكاتبات السعوديات، مضيفة «لا نبالغ إن قلنا إنَّها في صدارة من كتبوا النَّص المسرحي من السعوديين، وذلك لاعتبارات منها غزارة الإنتاج المسرحي ونوعيته، على الرغم من أنَّ عدداً من الأديبات قد سبقنها في كتابة النَّص المسرحي، مثل آمنة صبيان الجهني، وكوثر عبدالله الميمان، ورجاء عالم، ووفاء الطيب، واستطاعت من خلالها أن تسهم في إثراء النهضة المسرحية العربية السعودية على السواء، وتميزها على مستوى لغة النص وشكله فهي تكتب نصوصها باللغة العربية الفصحى وبالعامية على اختلافاتها بين الأقطار العربية». وأشارت إلى أن تَأْثِيْر ملحة يتجلى على المسرح العربي والمسرح السعودي بشكل خاص، فمسرحها يتسم بأنَّه مسرح قضية بمعنى أنه مسرح يثير القضايا ويطرح الأسئلة ولكنْ من خلال سياق درامي يأخذ بعقل المتلقي ووجدانه، فمسرحها يتناول الصراعات التي يهتم بها إنسان العصر الحديث في ظل بحثه عن هويته، فيذيب كل القوميات في بوتقة واحدة كالعالم الذي تتحكم فيه المادة وتصنع ما تصنعه في الانتصارات، لتباع في المزاد كما في «إغتيال المواطن دو».

وقالت د. وفاء الفوتي «بصمتها لا يمكن أن تمَّحي في عالم المسرح لأنها حاولت أن تخلق من اللاشيء شيئاً في عالم الإبداع الأنثوي على صعيد المسرح السعودي، فهي تتكلم بلغة هذا المجتمع وترصد زواياه وتناقش خفاياه وأوجاعه، وترسم رؤاه وأحلامه».

د. الفضيل: ملحة وتد جنوبي عربي حقيقي

أوضح د. زيد بن علي الفضيل الكاتب والإعلامي والمدير التنفيذي لمركز باديب للدراسات والاستشارات الإعلامية أنه للوهلة الأولى التي رأيت فيها د. ملحة عبدالله في شقتها بحي المهندسين بجوار نادي الصيد، أدركت أن سراً يكمن خلفها يجعلها قادرة على اصطياد أفكارها الخلابة حين تكتب مسرحاً، ولم تكن متبخترة في مشيتها إلي وكنت سأدرك سبب ذلك، بل لم أستشعر وأنا بحضرتها بأي إحساس بالفوقية والتميز عن الغير، وهو شعور يخالط العديد من المشاهير في فنهم على الأقل.

وقال “أدركت لحظتها أنني أقف أمام وتد جنوبي عربي حقيقي، لا تغره الأسماء والمسميات، ولا يأبه لأي مدح هنا أو إطراء قادم من هناك دون أن يكون له سبب موجب، وأيقنت أن ذلك هو سر كينونتها الذي به أصبحت ملحة عبدالله الكاتبة المسرحية المتألقة في حلبة السباق المسرحي الصاخبة المكتنزة بكثير من روادها وأدبائها ومبرزيها”.

وأضاف “إنها حقا سمة التواضع المعرفي الذي يدركه كل من يتلامس معها، وهي سمة المعرفيين الصادقين الباحثين عن كنه المعرفة وليس قشورها أو لنقل بريقها اللامع”، مشيراً إلى أن إسهامات الكاتبة المسرحية ملحة عبدالله قد رفع من مكانة المسرح السعودي ولو في شقه الكتابي ضمن الكيان المسرحي العربي، فكانت خير سفير للمسرح السعودي الظلوم حتى الآن وكانت خير سفير للتراث والهوية السعودية.

وقال إن المتابع لحركتها المسرحية سيدرك أهمية ما وصلت إليه، لكونها قد استحقت مكانها وهي في عاصمة الثقافة العربية القاهرة، حيث أسود وأشاوس المسرح العربي بوجه عام، ثم تأتي تلك المرأة الجبلية لتنصب لنفسها خيمة صلبة وسط تلك الغابة من الفحول الكبار.

 

بلاقيود – متابعة

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *