عين على المسرح العربي – أ.د.كمال الدين عيد في حواره مع الناقد حسن سعد: “مسرحيات الساعة الواحدة تقليعة عربية خاسرة.. و الفرق كبير بين الدراما والدراماتورجيا

يقول الكاتب والناقد المسرحي الفنان حسن سعد في حوار مع الدكتور كمال الدين عيد الذي تم نشره مؤخرا في صفحة المسرح بجريدة الجمهورية.. ذكرت للدكتور كمال الدين عيد أن مصطلحا جديدا شاع في عروض المسرح المصري. بعد أن كثر استعماله. فمن أين ورد هذا المصطلح؟

قال أعرف كتاباتكم عن لفظة “دراما تورج” ودعني أقول لك قولا علميا واحدا قاطعا.. ان علم الدراما شيء. وعلم الدراما تورجيا شيء آخر. نحن نعرف ان الدراما منذ عصر الاغريق أنها تعني الحدث بفروعها الثلاثة الدراما الملحمية والشعر.. حدث يؤديه ممثلون ويتضمن منولوجات وديالوجات وحواراً مسرحياً ولا حياة للدراما بغير ذلك. تستكمل الدراما الكورس والمجموعات كأساس عضوي وجوهري “المسرح الاغريقي” وتستعيد بالراوي عند “مسرح برخت” وتقدم الدراما التداخل في التعبير بمعني تقسيم الحوار علي أكثر من شخصيته. وتعبر عن المواقف الحساسة والداخلية والنفسية “منولوج شيكسبير في درامته هملت أمير الدانمرك.. تعبير “ملحمي” يفضي الي الماضي والي التاريخية لكن الدراما تعرض الحي والواقع والتصرفات والحدث الآني. وأمام حضرة الجماهير. لاتوجد درامات تكتب لمجرد الكتابة فقط دون ان تعتلي خشبة المسرح علي غرار بعض درامات توفيق الحكيم والليبي عبدالله القويري.

وقال عن الزمن المثالي للمسرحية في قوانين الدراما ان الوقت لتمثيل الدراما محدد بحسب العرف الطبيعي.. طول الدراما قد يضعف من شغف الجماهير او يشتت الذهن. كما ان تعدد الاستراحات بين الفصول قد يهز العمل الفني. ويقطع استمرارية الدراما. والزمن المثالي هو ما بين ثلاث ساعات أو تزيد ليفعل الزمن فعله في التأثير الفني للمشاهدين.

وعن ما يسمى بمسرحيات الساعة الواحدة أو التي تزيد عن ذلك قليلا.. قال رأيي أنها تقليعة مسرحية عربية خاسرة. حتي وإن بدأها انطون تشيكوف في بداية حياته. لكنه عاد الي المسرحيات الكاملة التي أرخت لحياته “طائر البحر. الشقيقات الثلاث. الخال فانيا. بستان الكرز”.

أما عن تقبل الدراما المعاصرة تجديدات العصر فأكد  أنها تقبل بطبيعة الحال.. ولم لا. فالتقنية الحديثة هي عامل من اعمال خطواتها علي خشبة المسرح لانها تعطي فرصا غالية للتأثير وسهولة الانتقال وسرعتها.. استعمال الشريط السينمائي أو الفانوس السحري في المسرح يضيف جديدا ويعكس تقنيات العصر الحديث لكل انواع الدراما قديمها وحديثها وقد أكد نظريو المسرح ان هذه الوسائل الحديثة تريح الجماهير وتكسب اهتمامهم وانفعالاتهم واستحساناتهم منذ القرن العشرين مع أنها أحيانا ما تتضارب مع المضامين الجادة والمهمة التي تحملها الدراما وتتقدم الدراما علي الملحمية وعلي الشعر في ابراز المضمون الدرامي للادب المسرحي.

وعنجوانب الدراما الأخرى عدا التقسيم الكلاسيكي الذي وضعه أرسطو.. أكد أن الدراما تنقسم  الي نوعيات عديدة جاءت بعد أرسطو.. عرف تاريخ المسرح “درامات الهدف. الدراما التحليلية. الدراما القومية. درامات الأفكار. الدراما الانسانية. الدراما البرجوازية. درامات المواطنين – درامات الطبقة الوسطي. الدراما التاريخية. دراما الحياة. الدراما الرعوية. الدرامات الشعبية. الدراما العاطفية. دراما الاحياء – درامات عصر النهضة. دامات العصر الفيكتوري. الانجليزي. وغيرها من نوعيات اخري.
هناك دراما الشخصية الواحدة – مونودراما مسرحية مذكرات رجل مجنون عن قصة الروسي جوجول من تقديم المسرح الفرنسي لاول مرة دراما ضرر التبغ لتشيكوف.
ثم دراما الشخصين مسرحية أحلام جبل جاليرت لكارنتي فرانسي المجري. المرجيحة للأمريكي وليم ببسون. ودرامات الشخصيات المزدحمة المليئة بالأدوار الصامتة علي خشبة المسرح. اضافة الي الدرامات الفلسفية عند البير كامي. جان بول سارتر.
واضاف د. كمال : نعرف في تاريخ الدراما الطقوس والعبادات في مسرح الشرق الأقصي في الصين واليابان وبعدهما اندونيسيا ثم الدراما الهندية “كاليداسا”. النو” الياباني.
ومن النوعيات الدرامية “دراما الرقص” DANCEوهي نوع يختلف عن الرقص الدرامي. درامات ولدت علي يد كل من نوفر J.G.NOVER فيجانو في القرن “18” ميلادي.
واكد د. عيد : هناك أيضا الدراما السيكولوجية نوع لايهتم بالحدث قدر اهتمامه بمصادر الابداع من داخل النفس البشرية. لرصد التغيرات النفسية في الشخصية المسرحية في القرن العشرين العصر الذهبي لها “اعمال إبسن. هاوبتمان. يوجيد أونيل” ثم الدراما الشعرية التي قاربت علي الاختفاء بعد شيكسبير. الفرنسي الكساندرين ALEXNDRIN ودراما صورة الحياة ضعيفة المضمون هزيلة الحدث خالية من التطور والاستمرارية ودراما اللامعقول.. ما فوق العقل في فرنسا منذ أعوام 1949 ميلادية والتي شطبت علي “لغة الكلمات” واستبدلتها بوسائل تعبيرية أخري صمويل بيكيت. يوجيد يونيسكو. جان جانييه. فرناندو أربال. آرثر اداموف: هارولد بنتر. ثم الدراما الاخلاقية التي تعطي درسا أخلاقيا او أثما أدبيا ينطوي علي الدرس الاخلاقي “درامات كل انسان. أي انسان للألمان وعروض النمساوي المخرج ماكس راينهاردت في المسرح الصيفي المكشوف بمدينة سالسبورج النمساوية عام 1920 ميلادية كما تنتمي دراما قلعة المثابرة الانجليزية ودراما الجنس البشرية الي نوع الدرامات الاخلاقية الانجليزية.
و عن الدراماتورجيا وبعيدا عن الدراما يقول:. أولا أحب الاشارة الي ان علم الدراماتورجيا هو مادة علمية درستها في ثلاث سنوات في جامعة الفنون – المجر.. ولاتزال المادة تدرس في كل جامعات الفنون الأوروبية.. أطلق الاسم عليها الفرنسيون الدراميون “علم كتابة الدراما”.. وتطلق مراكز البحوث الفنية اسم “علم فلسفة الفن المسرحي” لأنه يبحث في قواعد البناء المسرحي. والدرامي. تاريخا وأشكالا وانماطا. وتأثيرا. وكذا الأسباب والبواعث والمبررات.
وأضاف د. كمال عيد قسم علماء الدراما تورجيا المادة الي مبحثين اساسيين. المبحث النظري. المبحث العملي.. التطبيقي يعود انبثاق المبحث النظري الي الالماني جوتهولد أفرايم ليسنج.
“1729-1791” ولاتزال قواعد علمية سارية حتي اليوم وهي تبحث عن الاشكال والطرق التي تختارها قواعد البناء الدرامي لايجاد دراما نافعة جيدة الصنع كما تبحث الي جانب الاشكال والطرق علاقتها بالعرض المسرحي. وذلك في محاولات لايجاد نظام متصل ومحكم بيد عناصر هذه الاشكال والطرق. وفي منطقية سليمة وواضحة.. الهدف منها اقرار البناء الدرامي الامثل. الاكثر قيمة وعرضا مسرحيا.
وأكد الدكتور كمال عيد انه تتحدد مهمة رجل الدراما تورجيا – الدراما تورج في خطة توجيه الدرامات أو المسرحية الي خشبة المسرح من الناحية النظرية البحتة – وهي حاملة المواصفات وقواعد ونظريات الدراما السليمة من كل نواحيها.
اضافة الي عملية “التوليف” أو التوليد التي من صميم عمل الدراما تورج لا ليقف في مواجهة المبحث النظري. ولكن لكي يطوع النص والدراما ويقربهما من منعطف هذه القواعد. واساسيات علم الدراما تورجيا بغية اتاحة الفرصة له للدخول الي مرحلة العرض المسرحي العملي – الثانية.
ويبني ويشيد هنا الجانب الثاني في المبحث العملي علي شكلين اثنين لا ثالث لهما. وأعني بهما “المضمون والشكل” يقوم المبحث العملي عليهما بالضرورة وتماما وأعظم تطبيق لهذا المبحث العملي هو كتاب أرسطو المعنون “فن الشعر”.
قال : يتطور علم الدراما تورجيا في عصر الكلاسيكية الفرنسية بدءا من القرن 17 ميلادي يظهر هذا التطور في الدرامات التي كتبها الدراميون الفرنسيون “ميريه لاميناردير كورني ويرجع الفضل في تطور علم الدراما تورجيا ابان تلك الفترة الي البحوث العلمية الفرنسية الجادة وكذا الي المناقشات التي افردتها المسارح الفرنسية كافة لمناقشة العلم الجديد – علم الدراما تورجيا وعلي الاخص في الالتزام بتحقيق جوانبه العلمية النظرية. والعملية التطبيقية في الحقول المسرحية الفرنسية عاصمة وريقا.
قال : تخرج علينا المحطة الثانية لتطوير مادة علم الدراما تورجيا عند الفرنسي دنيس ديديرو.

“1713 – 1784” الفيلسوف الفرنسي الشهير لبدئه اعدال الموسوعة المعرفية الفرنسية – دائرة المعارف الفرنسية عام 1745 ميلادية وهو أعظم كتاب العقل في عصره امتازت فلسفته علي العلوم الطبيعية متأثرا بنظريات شافتزبوري معالجا تدخل النظريات المفيدة في علم الجمال. ينتقد ديديرو الفكرة التي تردد ان الجمال وراثي في الانسان. أو أنه منحة من الله عز وجل. وهو يقدم الدليل البديل لتحقيق الجمال في النظام. والتوازن والوحدة النوعية. تنبع فلسفته من قواعد علوم الجمال في عصر النهضة الاوروبي. رافضا كل افكار التاريخ ومقررا ان الفنون يجب ان تصدر “تقريرات” تكشف عن الاخطاء وترفع النقاب عن المذنبين وتبعث الخوف في قلوب الجشعين. يقول ديديرو ليس باستطاعة التقليد أو المحاكاة عكس الطبيعة او النموذج الاصل ولذلك تظهر الصورة علي المسرح غيرها في الحياة اليومية.
س .. وماذا بعد الفهم غير الواضح بالنسبة لمصطلح الدراماتورجيا؟ ماذا يمكن العمل للتصحيح؟
قال د. كمال: مع استمرار الاذان غير المصغية. ومن ثم انتشار مصطلح غريب وشاذ في مسرحنا المصري. فقد قررت تأليف كتاب بعنوان “علم الدراتورجيا” قد يستغرق عدة شهور تكون ابوابه علي الوجه التالي:
علم الدراما.. ويشمل مقدمات نظرية عن الدراما. تصميم الدراما لغة الدراما. انواع الدراما. الدراسات الاجتماعية الدراما الشعرية. المسرحية الشعبية. وعلم الدراما تورجيا.. ويشمل تواجد الدراماتورجيا.. حتي قبل انبثاقها نظريا وعمليا خلال العصور السابقة “الفهم الدراماتورجي للمسرحيات” تطبيقات.
وعن نتائج الدرماتورجيا في الزمن المعاصر. أنهي الدكتور كمال الدين عيد بأن: الهدف من الكتاب.. اقرار أوضاع غير سليمة تلقي بالشعارات الدرامية واللادرامية كذبا وزورا وبهتانا.. ولابد من الاصلاح العلمي الدقيق وقد بدأنا القرن الحادي والعشرين.

موقع: المسرح نيوز

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *