(عين)مهرجان يامون للمسرح والفنون الركحية تربّصات تكشف إبداعات شباب في مجال “عروسة الماروطة ” و” مسرحة الحكاية ” – الجزائر

تفعيلا لحركية المسرح وإثراء للعديد من محطاته ، وضمن فعاليات مهرجان  فرحات يامون في دورته الخامسة والعشرين للمسرح والفنون الركحية ، الذي تعيش أجواء احتفالاته جزيرة الأحلام جربة ، نظّمت هيئة المهرجان تربصات لصالح الشباب والمهتمين والمربين ، التربص الأول كان على مستوى مركز نادي أطفال جربة بميدون والذي اختص في مجال صناعة عروسة الماروطة ، التربّص الذي أشرف عليه وأطّره الفريق الجزائري من جمعية مسرح الشباب والطفل سيدي بلعباس ، الجزائر جمعهم بلفيف من مربّي الطفولة بنوادي الأطفال بمدينة مدنين الذين وفدوا الى قاعة التربص بميدون بغية التلاقي والتواصل ، والاستفادة أكثر  من تقنيات صناعة عروسة الماروطة .

 

وسط أجواء أكثر من فنيّة ، تمّ تلاقي الأجيال وتواصل المربين مع المؤطرين من الفريق الجزائري الذي اعتمد شقّين من التأطير لصالح مربّي الطفولة بين التنظير والتطبيق ، مع الشرح والتبسيط والتعرّف على أكثر من تقنية يتمّ اعتمادها في تشكيل وتصميم عروسة الماروطة ، مع التركيز على أهميّة عروسة الماروطة ودورها في حقل تنمية قدرة المصمم على الإبداع ووضع لمسته وفق رؤية معينة ومرجعية ذات صلة بالفن والمسرح بشكل خاصّ ، حيث تمّ تقسيم فريق المتربّصين إلى مجموعات وكلّ مجموعة حاولت تطبيق ما حصّلته ضمن فعاليات التربّص ، الذي كانت نتيجته في ظرف قياسيّ إنجاز ستة عروسات ماروطة ، كل عروسة ببعدها وشكلها ، وكل عروسة وفق رؤية معيّنة رأتها تلكم المجموعة أو الأخرى ، فكانت هنا دمى بأشكال وأحجام متباينة ، وكل عروسة تسرد واقعا ما ، ليكون التربص بذلك عصارة قراءات لكل ما يختزنه الشباب من آفاق وأبعاد ، من بعد فنيّ كامن داخل كلّ فرد ، وبالتالي ثمرات ذلك التربص كانت جليّة تنمّ عن وعي وثقة ، عن حاجة ماسة لكذا تربصات التي لابدّ ألا تكون مناسباتية بل وجب التكثيف منها بخاصة على مستوى جربة المحتضنة لفعاليات المهرجان والتي تعرف حركيّة مسرحيّة نضرة هته الأيام .

 

 

 

من جانب آخر تمّ تنظيم تربص ثان تحت مسمّى ” مسرحة الحكاية ” على مستوى جمعية النهوض المسرحي بحومة السوق بجربة ،  تحت إشراف الأستاذ ” زياد غناينية “  بمشاركة ثلّة من المتربصين الشباب والمهتمّين بعالم الحكاية ، وقد حاول الأستاذ المؤطر للتربص تقريب مفهوم الحكاية ودورها وكيف أن الحكاية عالم يجمع مابين الخيال والواقع ، والبون شاسع في الحكاية لدى الطفل ولدى الشاب ، فكلاهما يملك أفقا ووجهة نظر معيّنة ، فالطفل يستحوذ عليه الخيال أكثر من الواقع ، بينما الشاب الحكاية لديه لابدّ أن تتماهى بين الخيال والواقع ، وكيف للواقع أن يطغى بغية توصيل الرسالة والهدف من كلّ حكاية ، وقد أشار لنا الأستاذ المؤطر أنّه انطلق من ركيزة التوظيف الفني لهته الحكاية وكيف لها أن تتحول مسرحا بوضع اليد على استكشاف شخصية كل حكواتي يعتزم خوض غمار الحكاية ، بالإضافة الى أن الحكاية ذات طابع ذاتي محض تنمّ عن تجربة ما ، عن خلفية ما ، وعن بعد معين يسعى الحكواتي لبلورته وتشكيله ومنحه أفق الحكاية ، كما طرح على المتربصين كمّا لا بأس به من تجارب المحترفين في مجال الحكاية في محاولة المساس بتقنيات كل حكواتي محترف ، وكيف يطوّر آليات الحكي لديه نتاج التجربة المتكررة ، والوقائع الحاصلة ومحاولة ربطها في سياق تربوي ، توعويّ هادف ، وقد تعامل مع المتربصين بناء على منبعهم الذاتي وما يحملونه من سمة الحضور ، بالإضافة الى تركيزه على حضورهم الجسدي والعقلي وكيفية الاستفادة من كذا ميزة ، ناهيك عن التأكيد على أهمية الإيماءة والحركة التي تصنع الفارق في الحكاية وتحمل على عنصر التشويق والاهتمام والمتابعة ، انطلاقا من أبسط الأشياء التي تتشكّل وتتبلور لدى المقبل على الحكاية حتى يوصل حكايته بشكل تلقائي لكنه مدروس الخطوات ، فالحكاية هي العنصر الأساس ولبّ السرد ، إذ لابدّ من توافر عنصر الحكاية الذي هو مفتاح لباقي الأبواب لاستكمال سردها واستحضار مفاتيحها التي من شأنها أن تصنع حكاية مكتملة العناصر وتحمل كلّ الأبعاد الفنية والفرجوية .

 

وقد تمّ اختتام فعاليات التربّص في حقل ” مسرحة الحكاية ” بأربعة حكايات اعتمدها المتربصون ضمن مجموعات ، كانت الكلمة الأخيرة لهم بحيث أن كل مجموعة كتبت حكاية معيّنة ومستمدّة من لبّ الواقع المعيش ، ومحاولة  تضمينها آليات السرد وكيفية التوصّل الى الوقوف عند تقنية استفتاح الحكاية ، ثمّ عرضها وبالتالي تضمينها نهاية تكون بمثابة الأفق المفتوح لعبرة وهدف ما ، والحكايات تماوجت بين واقع معيش وبعد فنيّ ورسالة هادفة سعت كل مجموعة لإيصالها .

 

فبين العلاقة بين الرجل والمرأة وعدم إنجابهما أكثر من لغز سيجد حلا ما نتاج تطورات أحداث

الحكاية ، وبين حكاية تستحضر الذهن وعنصر الاجتهاد لإيجاد حل لمسألة معقدة بالحياة أمر يحمل على التركيز والعطاء ، وبين استحضار واقع همّ عربيّ وبلد بحجمه ومحاولة توصيل رسالة التحدي والوجود والكينونة كلّها حكايات تربّي المتلقي وتحمله على التأمّل أكثر .

وقد أختتم التربّص بتكريم المؤطرين في مجالي ” عروسة الماروطة ” و” مسرحة الحكاية ” مع توزيع شهادات مشاركة على كل المتربصين بكلّ المجالين ، دعما لهم وتشجيعا لمبادراتهم واهتمامهم بكذا تربّصات أثرت المشهد المسرحي بجربة ضمن فعاليات المهرجان .

بـقـلم : عــبـاسيـة مـدوني – سـيـدي بـلعـبـاس – الــجــزائــر

 

 

 

 

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *