عن كتاب “النقد المسرحي وموقعه من الحياة المسرحية اليوم وغداً” د. بشار عليوي

 

عن كتاب “النقد المسرحي وموقعه من الحياة المسرحية اليوم وغداً”

د. بشار عليوي

يتمتع النقد المسرحي بأُسس منهجية ذا تقاليد مُمنهجة ومُنضبطة , سواء ما يُنشر من مُقاربات نقدية عن العروض المسرحية أو تنظيم للجلسات النقدية التي تأتي بعد العروض مباشرة , أو في معنى (المصطلح) الدال على حرفة النقد المسرحي الذي يُشكل العمود الفقري للحياة المسرحية , التي لا تكتمل إلا بوجود النقد الذي يُكمل العرض , فالنقد المسرحي كما هوَ معروف يبدأ من العرض وينتهي إليهِ والفعل النقدي المُحايث للعروض لا يُمكن لهُ أن يتطور الا بوجود مسرح مُتطور يستوعب مُختلف تبديات العصر , إذا ما سلمنا القول بأنَ فض الإشتباك بين كون الناقد المسرحي هوَ ناقد جمالي وليس ناقد أدبي قد تَمَ بالفعل على إعتبار أن العرض المسرحي هوَ فُرجة فنية آنية بصرية لا تحمل أية ملامح أدبية , وثمة خطاب مسرحي موحد يجمع كُلا القُطبين (نص المؤلف) و(نص المُخرج) في فضاء واحد هوَ الفضاء المسرحي كَكُل , وبالتالي فقد تنوعت وتعددتْ المُقاربات النقدية للعرض المسرحي وفقاً للمُتداول في المشهد المسرحي عموماً كالمُقاربة السيميولوجية , والمُقاربة السيسيولوجية , والمُقاربة التحليلية , والمُقاربة التفكيكية … وغيرها من المُقاربات المُتداولة على صعيد الحركة المسرحية في مُختلف مناطق العالم .

وفقاً لما تقدم نجد أن الأهتمام بدأ يتنامى بالممارسة النقدية المُحايثة للنتاج المسرحي بشكل عام , فصدرت عدة كُتب تُناقش واقع النقد المسرحي , ومنها هذا الكتاب الذي أيدينا والموسوم (النقد المسرحي وموقعهِ من الحياة المسرحية اليوم وغداً) الذي قامَ بتحريرهِ الباحث والناقد التونسي المعروف د.محمد المديوني وهوَ في أصلهِ مُجمل أشغال الندوة الفكرية لمهرجان أيام قرطاج المسرحية19 لعام2017 والتي نُظمت بدعم كامل من قبل الهيئة العربية للمسرح التي تولت طباعة هذاالكتاب لاحقاً في 327 صفحة من القطع الوسط وتوزيعهِ ضمن سلسلة وثائق . فالندوة التي أشرف عليها وسيّرها د.المديوني كانت بمُشاركة ثُلة من الباحثين والنُقاد العرب والأجانب .

( يبدو النقد المسرحِيُّ ، فِعلاً ضروريًّا متّصلاً بالمسرح وبمساراته وبالحياة المسرحية وصُوَر تحقُّقِها، له وزنُه في تحقيق غايات هذا الفنّ وله دورُه في إبراز سماتِه وفي توجيهِ خياراته , الكلام في النقد المسرحيّ، إذن، هو كلامٌ في صميم المسرح وفي جوهر الحياة المسرحيّة. ومساءلةُ النقد المسرحيّ والنقّاد المسرحيّين لا تعني، من ثمّة، الباحثين والنقّاد، وحْدَهم، ولا مؤرِّخي هذا الفنّ، وإنّما تعني المسرحييّن، كذلك، وتعني المسرح في معناه العميقِ , لعلّ في هذا ما يفسّر قيام النقد المسرحيّ، منذ عقودٍ، مِهنةً من بين المِهن الرّائجة، يختصّ فيها مَنْ يختَصُّ ويُهيّأُ السّاعون إلى تعاطيها درْسًا وتدريسًا. ولعلّ في ذلك ما يفسّر، كذلك، قيامَ مؤسّساتٍ نقابيّةٍ، في أوروبا وأمريكا، تُدافع على المهنة وممتهنيها وتسعى ليكون لها موقِع مؤثّرٌ في الحياة المسرحية في تلك الأصقاع) . بهذهِ الكلمات يفتتح د. محمد المديوني كتابه هذا الصادر حديثاً , ويُضيف المديوني أن الهدف من هذهِ الندوة وأشغالها التي شَكلَتْ محور الكتاب , يتمحور حولَ ما يلي :

  1. النقد المسرحي في جوهره وتحوّلاته، الموروث، المؤسّسات الأدوات، الوسائط التقليدية والحديثة؟
  2. بين النّقـد الأكاديمي القائم على التحليل والتّأليف والنقد الفنّي المتابع والمقوِّم للأعمال المسرحية : مسألة منهج أو قضيّة صياغة؟ هل يمكن الكلام عن صرامة ودقّة في مقابل تسامح وتجوّز؟ هل من صورٍ من التلاقي بينهما؟
  3. النقد المسرحيّ والحياة المسرحية: النقد المسرحيّ وسيطًا مرغِّبًا في المسرح ونتاجاته، الأدوات والوسائط، الصعوبات والعراقيل.
  4. هل من مواصفاتٍ للناقد المسرحيّ المنشود: هل يتعلّق الأمر بـمسألة معرفةٍ وتكوّنٍ وتكوين؟ بكيفية تعامل مع الأثر المسرحي وأصحابه؟ بقدرة على التواصل؟

ومن خلال معالجة المحاور السابقة , يُمكن أستشراف ما يمكن أن تكون عليه آفاق النقد المسرحيّ ودورُه في الحياة المسرحية اليومَ وغدًا . لقد تضمنَ الكتاب تصديراً بقلم الفنان حاتم دربال مدير أيام قرطاج المسرحية جاء فيهِ ( ليس هذا الكتاب حدثاً نهائياً وشاملاً في التفكير المسرحي , بل تدوين لمشاغل المسرحيين والنقاد , ومحاولة جدية في اختراق السائد من زاوية تستشكل الخطاب النقدي المحيط بهذا الفن , هو الان يجد طريقه الى الضوء , مفتوحاً للقراء والباحثين والمهتمين بالشأن الثقافي , مضيفاً النزر القليل والكثير في آن الوقت لهمومنا المسرحية ولا هدف منه غير التفكير بشكل جاد في راهن هذا الفن ومستقبله ) . أما الاستاذ اسماعيل عبد الله الأمين العام للهيئة العربية للمسرح فجاء في تصديرهِ للكتاب الذي حملَ عنوان”هكذا … نكون” قائلاً (ان ندوة النقد المسرحي وموقعه من الحياة المسرحية اليوم وغداً والتي عقدت في دورة 2017 بشراكة بين ادارة أيام قرطاج المسرحية الدورة 19 والهيئة العربية للمسرح , كانت مهمة لنا كهيئة وكمسرحيين عرب , كما انت مهمة لمهرجان أيام قرطاج المسرحية والمسرحيين في تونس والمشاركين في الندوة , مهمة من ناحية عنوانها الذي طرح سؤالاً نحن بحاجة الى طرحه على هذ الإقنيم الهام من أقانيم صناعة المسرح ألا وهو النقد) . تضمنت محتويات الكتاب مُساهمات الباحثين التالية :

  1. عز الدين بونيت (المغرب) ، موقع النقد في المؤسسة المسرحية ملابسات نشأة حقل ثقافي مزدوج .
  2. محمد مومن (تونس)، وَالنَّقْدُ إِبْدَاعٌ .
  3. حاتم التليلي محمودي(تونس) ، ماهيّة النّاقد الأخير: أو في مشروعيّة وساطة الفلسفة.
  4. سامي النصري(تونس)، نسيج النقد الأكاديمي والمشهدة المسرحية الراهنة (السطوح الصحفية الدعائية ومعول هدم الأصنام .
  5. عبد الحليم المسعودي(تونس)، حول النقد المسرحي سرقة النار و صيرفة الرّماد .
  6. صبري حافظ(مصر)، النقد المسرحي “فكر .. وتفكير أيضاً .
  7. حسن عطية(مصر)، النقد المسرحي ووهم سقوط الإيديولوجيات تطور مفهوم النقد عربيا .. مصر نموذجاً .
  8. عاصم نجاتي(مصر)، المسرح بين مطرقة الناقد وسندان الجمهور .
  9. حميد علاوي (الجزائر) ، العرض المسرحي وسلطة النقد في الجزائر: مساءلة منجز النقد الأكاديمي وإسهام النقد الإعلام .
  10. عبيدو باشا (لبنان) ، ورقة النقد .
  11. بسمة فرشيشي (تونس)، مسرح تونس اليوم، بين جعجعة الفنّان وحيرة النّاقد .
  12. فوزية بلحاج المزّي (تونس)، نقد النقد المسرحي في تونس عود على بدء .
  13. عبدالكريم عبود عودة (العراق)، تجليات النقد المسرحي في الثقافة المسرحية (مسارات_ تحولات ) .
  14. عزّالدّين هلالي، النَّقدُ المســــــــرحيُّ بين توسُّــــــلات المؤلِّف المسرحيِّ ووســــائل المخــــرج .
  15. سعيد الناجي (المغرب)، داء العطب… في مسرح العرب .
  16. عجاج سليم الحفيري ( سوريا)، النقد المسرحي العربي وآليات التكوين الأكاديمي .
  17. مخلد الزيودي (الأردن)، فض الاشتباك وإزالة الحواجز .
  18. بشار عليوي (العراق)، النقد المسرحي الجديد .. مقترح لقراءة ميديولوجية للعرض المسرحي المعاصر
  19. Jean-Pierre Han (France), La critique théâtrale aujourd’hui et demain
    Michel Vaïs (Canada), De la pratique à l’éthique : le code de l’AICT

 

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *