عزلة المسرح في زمن كورونا (21) المسرح باق يجسد روح الحياة..أما الأوبئة والحروب فلا تدوم – خالد رسلان

عزلة المسرح في زمن كورونا (21)

المسرح فن جماعي، وطبيعة جسد الفرجة المسرحية لا يتحقق جوهرها الا بالجماعة وفي الجماعة.. سواء على مستوى التشكل الابداعي من خلال التداريب والتحضير أو على مستوى التلقي والتفاعل الجماهيري الحي.

فماذا عن “عزلة المسرح في زمن كورونا”؟ وهل ما عرفته المنصات الوسائطية الالكترونية من مبادرات واسهامات “مسرحية الكترونية” قدم لهذا الفن الجماعي الحي والعابر، ما كسر شيئا من عزلته وانكماش فعله وفاعليته وتفاعله؟ هل تلبى رغبة الفرجة الحية بكبسولات فيديو ؟ وما تأثير الافكار المبتكرة الكترونيا على الفرجة المسرحية؟ المسرح وعاء ابداعي يحتضن الفنون جميعها.. فما تاثيرها على قواعده الثابتة والمتغيرة ؟ وما الفواصل بين التأثير الحقيقي والتاثير المزيف الزائل؟

ملف تشارك فيه مجموعة من الأسماء المسرحية العربية لإبداء الراي ومناقشة حاضر المسرح في الزمن المرتبط باكراهات الظروف المعطاة التي فرضتها الجائحة على الجميع… وما طبيعة النشاط المسرحي الإلكتروني الذي عرفه الظرف “الكروني”…

إعداد: عبد الجبار خمران

المسرح باق يجسد روح الحياة..أما الأوبئة والحروب فلا تدوم

خالد رسلان (مصر)

المسرح وإرادة الحياة…

قد يفسر البعض مقولة المسرح هو الحياة، في كونه تجسيدا داخل فضائه المحدد، للحياة وتفاصيلها، إلا أن الحقيقة تكمن في غير ذلك. حيث إن المسرح يتماس مع الحياة في صيرورتها، فطالما كانت الحياة مستمرة، فإن المسرح سيظل باق ينبض بالحياة كذلك، فجوهر المسرح يكمن في الفعل الإنساني الذي نعيشه ونراقبه، ونمر معه/وبه عبر الزمن دون عودة إلى الوراء، ذلك الزمن الذي يموت حين يولد، وبذلك يصبح المسرح تعبيرا عن الحياة المتجددة بصورها كافة، صحيح أن المسرح قد تأثر بالعديد من التغيرات الاقتصادية والاجتماعية، والتطورات التقنية لعالم الوسائط السمعية والبصرية، إلا إن الحضور الحي للإنسان يظل أمرا لازما لأبي الفنون.

قد يتعرض الحضور الحي عبر التاريخ للعديد من الأزمات التي تعوق تحققه المتعين، والتي تشكل اتجاها ضد الحياة والطبيعة نفسها أيضا، مثل الحروب والأوبئة، إلا إن إرادة الحياة تنتصر في النهاية، لأن تلك الأزمات ستظل أمرا طارئا، فرغبة الإنسان في الحياة أقوى من أي عوامل متغيرة، فمثلما يموت الزمن حين يولد وتبتلعه الحياة، تموت تلك الأزمات حين تولد، ومن هنا تنشأ قوة المسرح وعظمته.

وإذا كنا نتحدث عن أزمة مرض العصر “كوفيد 19” الذي ظهر ليكون عائقا حقيقيا للتواصل الإنساني الحي، ويتسبب في أن يكون بديلا له التواصل الرقمي، فيظن البعض أنه من الممكن للمسرح أيضا – كجزء من جوهر الحياة – أن يتم رقمنته أيضا، إلا أن ذلك “مستحيل”، ففي النهاية هذا التواصل الرقمي ضد الحياة ذاتها، وضد طبيعة الإنسانية. قد نستخدمه كعنصر مكمل لشبكة العلاقات الفعلية في الواقع، لكن من المستحيل أن يصبح هو الأساس، فالحياة تبتلع العزلة وتبتلع التباعد، مثلما تبتلع الطبيعة الأزمات والتلوثات البيئية، إن الحياة ستظل باقية رغم الطاعون، والحرب العالمية، رغم أزمنة العوز والجوع، وهكذا المسرح باقيًا، مجسدا روح هذه الحياة، والفعل الإنساني الذي ينبض فيها.

وأخيرا، سنلتقي في الأسواق، والاحتفالات الموسمية، سنصل أرحامنا، ونبتهج بحفلات الزواج والميلاد، ونواسي بعضنا في المآتم، سنحب ونكره، نضحك ونبكي، وسنلتقي في المسرح لنعبر عن كل ذلك، فالزمن لا يدوم والأوبئة لا تدوم والحروب لا تدوم.

خالد رسلان – مصر

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …