عرضان سوداني وعراقي ضمن مهرجان «الكويت لمسرح الشباب العربي» :

 

             مراكب الموت

المصدر : الراي : نشر محمد سامي موقع الخشبة

يما كانت «مراكب الموت» تنقل الهاربين من بين أنياب الفقر والعوز إلى فم البحر الغدّار، كان الطريق «ون واي» محفوفاً بمخاطر الحروب والأزمات علّ النهاية تقود إلى المحبة والسلام.

فضمن عروض مهرجان الكويت لمسرح الشباب العربي، شهد مسرحا كيفان والدسمة أول من أمس على تقديم مسرحيتين، الأولى بعنوان «مراكب الموت» ممثلة جمهورية السودان، فيما الثانية اتخذت عنوان «ون واي» لتمثيل جمهورية العراق.

على مسرح كيفان، أبحرت «مراكب الموت» وسط حضور حشد غفير، تقدمه السفير السوداني وعدد من أعضاء السلك الديبلوماسي للسفارة السودانية وكوكبة كبيرة من المسرحيين العرب. يناقش العرض الهجرة غير الشرعية التي يقبل عليها الشباب العربي باندفاع تحت تأثير الظروف الاقتصادية الطاحنة في بلادهم، وأملاً في الوصول إلى أوروبا لتحقيق حلم الحياة الكريمة غير عابئين بالمخاطر الشديدة التي تحيط بهذه المغامرة، وقد يدفع الشباب حياتهم ثمناً لحلمهم القاتل وتنتهي بهم الحال إلى الموت إما في الصحراء القاحلة أو في عرض البحر، فهى أشبه برحلة انتحارية.

على مستوى الأداء التمثيلي، حاول أعضاء فريق العمل تقديم أفضل ما لديهم، فنقلوا للحاضرين مأساتهم، وكسبوا التفاعل أيضاً مع أفراحهم عبر الإيقاعات السودانية والرقصات التي أضفت جواً من البهجة خفف قليلاً من حدة المأساة. كما كان المشهد العرائسي لأعضاء البرلمان الذين يناقشون قضايا الشباب والمجتمع ذكياً في السخرية من نواب الشعب.

يُذكر أن مسرحية «مراكب الموت» من تأليف ربيع يوسف الحسن، وإخراج ماهر حسن سيد، في حين تشارك في بطولتها كل من أبو بكر فيصل، حسين عثمان، إسراء اسهري، مرتضى حسن وسناء سعيد، فيما تولت مهمة مساعد المخرج سلمى يعقوب، أزياء وماكياج مهيرة الطيب محمد وموسيقى ومؤثرات حسين عثمان.

أما على خشبة مسرح الدسمة، فقد استطاع عرض جمهورية العراق «ون واي» أن يقدم قضايا لا تخص دولاً معينة، بل تشمل عدداً من الدول العربية وغيرها، وتلامس أي شعب في أي زمان وفي أي مكان.

العرض الذي استطاع أن يقدم شيئاً ينال الإعجاب من قبل جمهور المسرح، كان حضوره من المهتمين بالمسرح ومن مختلف المجالات.

المسرحية الإنسانية جمعت مواضيعها بين السلم والدمار والخوف والأمان، حين تشتعل الحرب وتكثر نيرانها من دون وجود من يطفئها، وقد يستمر إشعال النار أياماً وأحياناً سنين، وبلا شك للدمار أثر سلبي يطبع في النفس.

«ون واي»، وهي لمفهوم طريق أو اتجاه واحد، كتبها وأخرجها وميض كاظم، الذي سعى جاهداً إلى توصيل فكرته وسط عتمة الحياة. كما اعتمد على أداء وحركة الممثلين الذين قدموا أداء يحسب لهم كعرض أول للمسرحية، على الرغم من بعض الهفوات، منها الإضاءة، لكن مرت الأمور كما هو مطلوب ورغم أنها حجبت ملامح وجوه الممثلين.

أعقب العرضان ندوتان نقاشيتان، حضر الأولى منها مخرج مسرحية «مراكب الموت» ماهر حسن، وعقب عليها الدكتور يحيى عبدالتواب وأدارها ادريس النبهاني، بينما تناولت الثانية مسرحية «ون واي» وأدارها خالد الرويعي وعقب فيها المخرج علي العلي، بحضور مخرج ومؤلف العمل وميض كاظم.

في الندوة الأولى، تطرق النبهاني إلى «مراكب الموت»، مؤكداً أنها تلامس قضايا عدة، مثل الغربة والهجرة والبحث عن الحياة والبعد عن الوطن، مشيداً بالمخرج الذي قدم لنا رؤية شبابية ثاقبة.

بدوره، قال المعقب الدكتور يحيى عبدالتواب: «استمتعت كثيراً بهذا النص، الذي كان عميقاً في مضمونه، فهو حمل البساطة والمتعة والشفافية في آن معاً»، لافتاً إلى أن قضية المهاجرين غير الشرعيين من أكثر القضايا خطورة في الوقت الحالي، مثنياً على أداء الممثلين في المشهد الأخير، الذي جسد مأساة ومعاناة المهاجرين.

من ناحيته، شن الناقد محمد عبدالرسول هجوماً عنيفاً على العرض السوداني، مؤكداً أنه غير واضح ولم يفهم منه شيئاً، منتقداً في الوقت ذاته اللجنة الفنية على اختيارها لهذا العرض، في حين قال مدير المهرجان علي وحيدي: «اللجنة الفنية في الهيئة العامة للشباب هدفها رعاية واحتضان الشباب جميعاً، ونحترم جميع العروض المشاركة»، متمنياً كل الدعم والرعاية لهؤلاء الشباب للارتقاء بأعمالهم في الآتي من المهرجانات المسرحية.

أما الندوة النقاشية الخاصة بمسرحية «وان واي»، فشهدت الكثير من المداخلات الإيجابية، وإن لم تخل الآراء من الإضاءة على بعض السلبيات.

في البداية، أشاد العلي بنص العمل، قائلاً: «عندما قرأت النص تساءلت كيف سأراه على الخشبة»، لافتاً إلى أن الممثل كان هو كل شيء وكان الموسيقى، المغني والتشكيل الجسدي والتعبير الحركي، معتبراً أن الإضاءة تعتبر الكاميرا على المسرح، لذلك أثرت على الصورة واللغة الإخراجية.

وفي المداخلات، تحدث الفنان ناصر كرمان، فقال: «المهرجان بدأ الليلة بهذا العرض المتقن، والمخرج استطاع أن يضيء الخشبة، وأوصل الفكرة والمضمون الراقي بنفس مسرحي عراقي».

أما الفنان القدير عبدالعزيز الحداد، فلفت إلى أنه استمتع بالعرض في المجمل، مشيدا بأداء الممثلين، الذين لم تخدمهم الإضاءة فتاهت تعابير وجوههم بسبب الحركة الخاطئة وعدم الانسجام مع الإضاءة.

بدوره، قال الزميل محمد عبدالرسول: «الممثلون أبدعوا في عرضهم، واتضح لنا كيف أن المخرج اشتغل وعمل على فريقه»، فيما نوّه الزميل عبدالمحسن الشمري بالعرض وأضاف: «كنت آمل لو أن العرض قُدم باللهجة العراقية المحببة»، مشيراً إلى أن العمل لم يقصد بلداً بعينه بقدر ما حمل رسالة للإنسان العربي بشكل عام، الذي يجد نفسه أمام حروب ودمار. كما لفت إلى أنه من البداية كانت آهات وهمهمات وأنات الممثلين تقول الكثير، فالإنسان العربي لم يعد يستطيع التعبير عما في داخله، ما دعاه للجوء إلى الهمهمات والأنات، وعندما تحدث الممثلون تحولت كلماتهم إلى أفعال.

وفي رده، أكد المخرج والمؤلف وميض كاظم أن مشاكل الإضاءة وقعت لثلاثة أسباب، هي: «أن العرض يقدم للمرة الأولى، وثانياً ضيق الوقت في الاستعداد له، إضافة إلى قلة أجهزة الإضاءة»، مبرراً السوداوية في العرض بأنه نقل الرسالة كما هي من دون تجميل.

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *