شهيد نديم: على الفنان أن يكون جادًا حتى وهو يقدم عملًا كوميديًا – ناهد نصر

    بمناسبة اختيار الكاتب المسرحي الباكستاني شهيد نديم لكتابة رسالة اليوم العالمي للمسرح العام 2020 من قبل المعهد الدولي للمسرح (ITI) في باريس، والتي يتلقيها في احتفالية اليوم العالمي للمسرح 27 مارس2020 ننشر هذا الحوار الذ أجرته معه ناهد نصر ونشر في النشرة اليومية للدورة 23 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي 29 سبتمبر 2016 بمناسبة تأطير نديم لورشة مسرحية ضمن فعاليات المهرجان

—————————-

     شهيد نديم واحد من أبرز المسرحيين في باكستان، كتب وأخرج العديد من المسرحيات على مدار أكثر من ثلاث عقود ركزت على قضايا اجتماعية منها حقوق الإنسان والتسامح الديني والسلام. يعمل مديرًا تنفيذيًا لمسرح أكوجاAJOKA وقد حصل على عدد من الجوائز الهامة أبرزها جائزة الشرف للفنون الأدائية التي منحتها له حكومة بلاده عام 2010. شارك نديم في الدورة الثالثة والعشرين لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي بورشة بعنوان “المسرح في زمن الجهاد” وقد تحدث إلينا عن محتوى ورشته وانطباعه عن فعاليات المهرجان، والصلات الثقافية بين الشعب المصري والباكستاني.

ما انطباعك عن الدورة الثالثة والعشرين لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي والمعاصر؟

ليست هذه المرة الاولى لمشاركتي في المهرجان فقد شاركت في أحد دوراته منذ عشر سنوات بعرض مسرحي، وكانت خبرة عظيمة ايضًا. المهرجان آنذاك كان أكبر من الآن لكن من المهم جدًا أن مهرجان بحجم مهرجان القاهرة الدولي قد عاد مجددًا بعد توقف. وهو يقدم هذه العام مجموعة من العروض المميزة، وقد أعجبتني العروض المصرية جدًا خاصة على المستوى التقني وقدر الاحترافية الكبيرة في العروض المصرية، أعجبتني مسرحية الزومبي والوصايا العشر من ناحية تصميم العمل والرقصات،كما شاهدت أيضًا عرضًا مصريًا خارج المهرجان وهو العشاء الأخير لأحمد العطار وكانت أيضًا مسرحية جيدة جدًا خاصة في تصميم الرقصات والحركة على المسرح والإضاءة.

هل أمكنك تكوين فكرة عامة عن المسرح المصري خلال هذه الزيارة القصيرة؟

من الصعب تكوين فكرة عامة عن المسرح المصري في هذا الوقت القصير، لكنني تأثرت جدًا باحترافية الممثلين وتدريبهم العالي المستوى، وكذلك بتصميم الاضاءة والرقصات. ولاحظت أن أغلب المسرحيات المصرية تناقش قضايا اجتماعيه، وإن لم أتمكن من المتابعة الجيدة للمحتوى بسبب اللغة. مع ذلك أؤكد أن المسرح المصري لا يقل في مستواه عن أي مسرح آخر حول العالم فأنتم تتبعون مقاييس عالمية.

ورشتك في المهرجان حملت موضوعًا مميزًا عن خبرة العمل المسرحي في ظل التشدد الديني. حدثنا عن الورشة؟
ورشتي في المهرجان بعنوان “المسرح في زمن الجهاد” وهي تعكس وعي بالظروف المحيطة بالفنانين والتي تجمع بين المجتمع الباكستاني والمصري. فالتطرف الديني في باكستان تسبب في قتل الآلاف على مدى السنوات الماضية. أيضًا هناك الآيدولوجية المسيطرة في البلاد وهي في باكستان تنظر للبلد على أنه إسلامي وبالتالي يتم استبعاد كل غير المسلمين فضلًا عن المسلمين الذين يدعون الى فصل المعتقد الديني عن شئون الحياة ومن بينها الفن،حيث تفرض تفسيرات دينية معينة للإسلام على كل شئ. ونحن نقاوم هذا التوجه من اجل مزيد من حرية التعبير.

ما أبرز التحديات التي تواجه المسرحيين في باكستان؟

الدولة والقوانين في بلادنا غير داعمة للفن والفنانين وقد كانت كذلك خلال مراحل تاريخية مختلفة برغم إختلاف طبيعة الحكام. مثلًا هناك القوانين المتشددة والمحافظة، وهناك المحاذير السياسية التي تفرض علينا إنكار تاريخنا الثقافي المشترك مع الهند، فهم لا يدركون أن الخلافات السياسية لا يمكنها أن تنفي حقيقة ارتباطنا بشبه القارة الهندية من ناحية الثقافة والتاريخ وكذلك من ناحية الأحلام والآمال المشتركة لشعوبنا. وهناك أيضًا مشكلة القيود المفروضة على النساء في العمل المسرحي سواء بسبب الأفكار المتشددة أو بسبب المجتمع الذكوري. بالإضافة الى التحديات الاقتصادية ومحدودية الدعم والافتقار الى مؤسسات التدريب.

من واقع خبرتك كيف يمكن مواصلة العمل المسرحي في ظل تلك التحديات؟

هناك بعض الامور التي من الممكن اتباعها للعمل في ظل الحساسيات السياسية والدينية التي يواجهها الفنانين. اهمها البحث عن طرق خلاقة لتقديم ما تريد بشكل غير مباشر. مثلا الموسيقى والغناء دائمًا تلعب دورًا مؤثرًا في توصيل الرسائل وتلمس قلوب الجمهور. ايضًا الكوميديا فعندما تضحك الجمهور يكون أكثر استعدادًا للتفاعل مع ما تقدم. وكذلك الاعتماد على القصص الحقيقة لأناس عانوا بالفعل من نفس المشكلات التي تود التحذير منها، فعندما يصدق الجمهور القصة يكون أكثر قربًا من القضية التي يناقشها العمل. مثلًا تقديم قصص عن المعاناة التي تواجهها أسر وأمهات ضحايا الإرهاب توضح للناس الآثار المؤذية والبشعة لإتباع طريق التشدد والعنف. هناك ايضًا تقديم اعمال تبرز أعلام المتصوفين من الماضي الذين لهم شهرة كبيرة والذين لعبوا دورًا هامًا في مواجهة الحاكم والأفكار المتشددة في أيامهم. أي محاولة تقديم نموذج مختلف للإسلام غير التشدد والعنف والقتل هام جدًا. وأضيف أن على الفنان في بلاد تمر بظروف مثل تلك التي تمر بها بلادنا أن يكون جادًا في خدمة مجتمعه حتى وهو يقدم عملًا كوميديًا.

ما الذي يجمع بين الشعب المصري والباكستاني؟

هناك الكثير من الأمور المشتركة بيننا وبين المصريين ف كلا البلدان يتمتعان بحضارة عريقة وثقافة غنية. وقد مررنا أيضًا بمراحل سياسية متشابهة إلى حد ما. فضلًا عن تنامي موجات التطرف الديني وإن كانت بدرجات متفاوتة. على الجانب الآخر الشعب المصري والشعب الباكستاني تجمع بينهم روح الدعابة وحب الحياة، فهم يواجهون أصعب الظروف بالابتسام والتفاؤل وهو ما لا يجعل اليأس يتسلل الى قلوبهم في اسوأ الظروف. شيء آخر وهو أنكم تقودون السيارات بجنون مثلنا في باكستان.

هل ترى أن التقارب الثقافي بين بلدين تجمع بينهما كل تلك المشتركات يتم بشكل مرضي؟

هناك أهمية كبيرة للتقارب الفني والثقافي بين البلدين، لكن مع الأسف لا يتحقق ذلك بالقدر الكافي، لأن الدولة في باكستان لا تدعم الفن بالشكل الذي يتيح لنا كفنانين تجاوز الكلفة العالية للتنقل والقيود المفروضة على الحركة. ونحن نأمل أن تتاح لنا نفس الفرص التدريبية المتاحة للمسرحيين في مصر لأننا نفتقر إلى أي فرص تدريبية على المستوى الأكاديمي إلا بعض المبادرات الفردية التي يقوم بها بعض المسرحيين. وهنا تكمن أهمية مهرجانات مثل مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي كمنصة فريدة للتفاعل الثقافي بين شعوبنا. انها خبرة رائعة بالنسبة لي أيضًا أن تتاح لي فرصة مشاهدة عروض متنوعة من الشرق الاوسط ومن الخليج في المهرجان فلم أكن أعرف بوجود حركة مسرحية هناك. ونأمل أن يواصل المهرجان دوره الهام في التقريب بين شعوب العالم عن طريق فن المسرح.

ناهد نصر – مصر 

( نشرة الدورة 23 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي 29 سبتمبر 2016)

شاهد أيضاً

الكتاب المسرحي العربي للمرة الأولى في جيبوتي. اسماعيل عبد الله: حضور منشورات الهيئة العربية للمسرح في معرض كتب جيبوتي حدث مفصلي في توطيد الثقافة العربية.