سينوغرافيا المسرح الملحمى Epic Theater لبرتولت بريخت

المسرح الملحمى Epic Theater هو اتجاه مسرحى يعتبر المضمون أهم من الشكل ، والحقيقة أهم من المجاز والإيهام المسرحي ، أسلوبه قصصي وتعليمي ، و ظهرت هذه الحركة في ألمانيا على يد المخرج المسرحي إرفن بيسكاتور ، وبيرتولت بريخت Bertolt Brecht بعد الحرب العالمية الأولى .
يعتبربرتولت بريخت ( 1898 /1956) من أهم كتاب المسرح العالمي في القرن العشرين ، وهو شاعر وكاتب ومخرج مسرحي ألماني. ويعد من أهم كتاب المسرح في القرن العشرين. ويقوم مذهبه في المسرح على فكرة أن المشاهد هو العنصر الأهم في تكوين العمل المسرحي، فمن اجله تكتب المسرحية، حتى تثير لديه التأمل والتفكير في الواقع، واتخاذ موقف ورأي من القضية المتناولة في العمل المسرحي.

تأثر بريخت بسمات المسرح ” الملحمى Epic Theater ” أو بالإلمانية ” “Episches Theater، و ابتكر أسلوب يمنع الاندماج بين المشاهدين والشخصيات أو الحدث ، ويحرض على الرؤية النقدية أمام ما يقدم من عروض للوصول لحالة التطهير العاطفى catharsis – الأشبه بالتطهير الأرسطى[ التطهير : ورد فى المأسى عند أرسطو حسب ما اورده في كتابه (الشعر)، والغرض منه تنقية نفوس الجمهور بوساطة فزعهم مما يمر به بطل المسرحية، وشفقتهم عليه، فيحدث لهم حالة من التطهيراً من خلال هذه الانفعالات.]- حتى يصل الجمهور لحالة من الرضى، كما أراد من الجمهور إعادة ضبط إدراكهم النقدى لمعرفة ما يعانى منه الآخرون من الإجحاف المجتمعى والاستغلال.

وابتكر “بريخت” قاعدة أساسية تدعى “تأثير البعد “distancing effect أو بالألمانية “Verfremdungseffekt The “– وتعنى “كشف المألوف والبديهى self-evident ” بشكل ذاتى ، وخلق حالة من الاندهاش وحب المعرفة ، واستخدم للتعبير عن ذلك فى عروضه الإضاءة البراقة والحادة والأغانى لقطع الحدث المسرحى واللافتات الإيضاحية. كما استخدم الآليات والتجهيزات المسرحية فى عروضه ، و استخدم ” المسرح الدوار” ذا السيكلوراما ذات الألوان الباهتة فى معالجته لنص مسرحية ” دائرة الطباشير القوقازية ” من تصميم “فون آين”عام 1954م وهو في المنفى بأمريكا أثناء الحرب العالمية الثانية ، وخلق مسرحاً ملحمياً جديداً يواجه الأحداث العالمية ، من خلال حركة الممثل والغناء والرقص والارتباط مع الجمهور بشكل مباشر . وتميز أسلوبه بكونه “غير واقعي anti-realist ” بمعنى أنه يعرض مسرحيّة بداخل مسرحيّة، و أراد فى مسرحه تحريض الجمهور على تغيير المجتمع الذي عاشوا فيه بإجبارهم على التفكير مجدّداً[- http://en.wikipedia.org/wiki/Bertolt_Brecht ] بما يسمى بـ “تأثير البعدdistancing effect” ليظل الجمهور واعياً بالحقيقة ،واستخدم الحركة فى عرضه كعنصرسينوغرافى للتعبيرعن ذلك من خلال عدد من التقنيات من آليات وتحريك المنصة والإسقاط الفيلمى والإضاءة والموسيقى وغيرها من التقنيات.

ففى عرض” كوريولانCoriolan “عام 1964م – والمأخوذ عن نص شكسبير باسم Coriolanus” ، والذى أعاد “بريخت” كتابته لتناسب توجهاته الاشتراكية – حرك “بريخت” المسطحات الرأسية الأشبه بالقلاع أثناء العرض وغير اتجاهها وأضاف لها السلالم والمستويات مستخدماً تقنياته فى البعد ومنع الاستغراق فى العرض ليعبر عن مأساة العمال. والعرض للمصمم ” كارل فون ابينKarl Von Appen ” والمخرج ” مانفريد ويكويرث Manfred Wek Werth [- Le Décor De Théâtre Depuis 1960, p61. ]” واستخدم القلعة للتعبير عن روما ولتجسيد مكانة كوريولانوس فى روما.
ولقد تمتع مسرح بريخت بقدرة كبيرة على تغيير المجتمع بشكل مباشر، فقد كان يطمح دائماً إلى إنشاء مسرح تنويري، وأراد أن يفضح الأقوياء ويسقط أقنعتهم، بالإضافة إلى احترامه كبير للعدالةوشعوره بكونه مسئولاَ دوماً عن مصلحة المظلومين.

————————————————————

المصدر : مجلة الفنون المسرحية – د. راندا طه 

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *