سيدنا سقوط المُخلص / داليا همام

المصدر / محمد سامي موقع الخشبة خاص

على مسرح قصر ثقافة “نجيب الريحانى “قدمت فرقة عين حلوان ” العرض المسرحى “سيدنا”تأليف محمد أمين عبد الصمد ،إخراج “على خليفة ”

فى بلدة مجهولة المكان يحدث ماقد تعرفه ،عن سائر البلاد التى يمتلك معظمها السيد ،والذى يعرفهالفلاحين بأنه” سيدنا” لايرى  وجهه أى شخص ،عدا مندوبه المرسل على الدوام ،لهذه البشر الفقيرة .

الفلاحين فى تلك الأرض يعملون بجد وبشكل مستمر لكن كل عملهم لايكفى لسداد ديون السيد ،فيظلون فى تلك الدائرة المغلقة التى لاتنتهى ،عملهم مثل فعل سيزيف اللامنتهى،سيزيف الذى تثقل الصخرة  كاهله فما إن يصعد بها أعلى الجبل، حتى تسقط من جديد وهكذا عليه الصعود بها بشكل لامنتهى وبمجهود مضاعف مرة بعد أخرى.

فى خضم ذلك القهر الذى يخيم على المكان تظهر بارقة أمل حيث ذلك الحب مابين “ساندرو “و”برياسكا”وبزواجهما يخيم الفرح على القرية ،لكن المؤامرة على الدوام هى طريق الأسياد فى القضاء على أى فرح أو إتحاد ،ذلك أن ساندرو  فتى القرية المنتظر يأملون مساعدته فى التخلص من سطوة السيد ،إنه”ساندرو” المُخلص الذى يرجوه الجميع ،ولاسبيل فى إستمرار سطوة السيد كما هى الا بقضاءه على ذلك الشاب المُخلص .

عبر وسيط السيد فى القرية يتم إستغلال أحد الكارهين لهذا الحب مابين ليساندروا وزوجته ،فيزرع الشك فى قلبه تجاه زوجته ،ويسمم الزرع عدا زرع”ساندرو” فيتسرب الشك فى قلب أهل القرية،بأن مخلصهم هو قاتل زرعهم خائنهم ،وكما يمكن لأى شعب أن يرفع الأشخاص إلى مصاف الآلهة يمكنه أن يهبط بهم إلى عمق القاع ،تلك المؤامرة يقع فى حبائلها الجميع بما فيهم الزوجة “برياسكا”التى تحاول إنقاذ زوجها بالذهاب لمندوب السيد وإعطاءه حُلى زواجها وفاء للدين ،إلا أن ذلك الفعل يجعل الشك يزداد فى قلب الزوج المُحب ،ويصدق بأن الطفل الذى أنجبته ليس إبنه بل إبن مندوب السيد.                                        .

كم كبير من التراث المسرحى المصرى والعالمى عرض لهذه التيمة الدرامية”حيث ذلك الصراع بين السيد الظالم ،والعبيد منتظرى المُخلص ” إلا أن الصياغة ورؤية المخرج تستطيع أن تغير من وقع أثر تلك التيمة فى نفوسنا كمتلقين ،هذا مايبدو واضحا فى عرض سيدنا.

فمن العنوان يمكن إداراك صيغة السيد والعبيد ،الا أنه وفق مايكمن فى ثقافتنا الشعبية بأن سيدنا قد تطلق على الأتقياء والصالحين ،وهو مايرهص له المخرج منذ بداية العرض حيث يتم وضع شكل لمأذنتين فى مقدمة خشبة المسرح على الجانبين

،فتعرف أن سيدنا  تعتبره تلك القرية من الأولياء الصالحين، وتخضع دائما لأى أوامر يقال أنها من قبل “سيدنا”،فى نهاية العرض يتم الكشف عن شخصية سيدنا فنجده فاقد للبصر ولأحد أقدامه ويجلس على كرسى أشبه بكرسى العرشوكأنه ملك على تلك البلدة ،وتنتهى المسرحية بهروب ذلك المخلص بوازع من سيدنا وذلك بعد قتل زوجته”برياسكا”التى ظن خيانتها له ،ولأن الأمل يظل كائن مادام فى الأرض حياة ،يختتم المخرج أحداثه بأن الإبن  يغنى كما كان الأب يغنى لتعرف كمتلقى أنه مُخلص جديد يأمل فيه الشعب ،يمكن إدارك أيضا أن الحبكة هنا دائرية فستعيد نفسها من جديد ،وعليك تخيل حياة الطفل فى القادم أشبه بحياة والده .

الديكور ل”أحمد فتحى” يؤكد ويدعم الرؤية الإخراجية بشكل واضح ،ففى مقدمة خشبة المسرح تجد بإرتفاع بسيط عصى صغيرة لأقفاص خشبية وكأنه السجن الذى يحيا فيه أهل هذه البلاد إلى جوار ،تلك التكوينات الموجودة عى خشبة المسرح وجميعها من نفس الخامة الخشبية،يتم تجميعها بما يتناسب مع المشهد المؤدى ،تجد اهل القرية وقت النوم ينامون فى داخلها أو يقفون صامتين متى أمر لهم بذلك، وكأنهم يحيون داخل سجون صغيرة هى بيوتهم ،تلك الحالة من إستلاب الحرية التى يؤكد عليها العرض المسرحى تدعم من فكرة أن السعى الدائم فى سبيل لقمة العيش وسداد الديون بالتأكيد يجعل من صاحبه مُستلب الحرية ،يحيا فى سجن دائم .

الأغانى والأشعار ل”أيمن حافظ”وقد عبرت تماما عن الحالة الدرامية المطلوبة ،خصوصا فى لحظات القهر التى يعيشها أهل القرية.

“عبد الرحمن صلاح،محمد مصطفى ،محمد صلاح ،حازم طه”تميزوا فى تقديمهم الأدوار الموكلة إليهم .

مريم ناظم “قدمت شخصية العجوز “بشكل ينبئ عن موهبة حقيقية .”حسام الدين محمد ،دينا حسنى”قدما دورى ساندرو وبرياسكا ،وأستطاعوا تجسيد شخصياتهم بشكل موفق .

أهل القرية “آية ماهر ،علاء خيرى ،طارق وائل ،رضوى عادل ،محمد سمير ،عنان عاطف،ابراهيم عاطف ،هاجر مصطفى ،منة الله أباصيرى،عاطف ناظم ،تامر محمد،محمد محمود ،هاجر عادل ،أشرقت عبد الرحمن ،عبد الله ابراهيم ،سيد سعيد ،أحمد ياسين ،فرج فتحى ،إبراهيم محمد “قدموا أدوارهم بشكل موفق وبإيقاع منضبط ساهم فى إضفاء الجو العام على العرض المسرحى .عرض سيدنا من العروض ذات المجهود الواضح من قبل المخرج خصوصا مع تفاوت أعمار الممثلين وبالتالى تفاوت خبراتهم التمثيلية .

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *