سأموت في المنـفـى” لغنّام غنّام: رحلة البحث عن الهويّــة : محمّد علي خليفة

نشر / محمد سامي موقع الخشبة

اختار الفنان الفلسطيني غنّام غنّام في افتتاح الدورة الثانية لتظاهرة “مسرح الـ 100 كرسي” بالقلعة الكبرى تقديم عرضه المسرحي “سأموت في المنفى” في فناء مسرح “كورتينا” معتمدا منهج المسرح التفاعلي، حيث كان محاطا بحلَقة من الجمهور الذي تابع العرض وأنصت وتفاعل وطرب وسافر مع غنّام في رحلته من منفاه إلى منفاه…

واستلهم غنّام عمله من سيرة عائلته، بدءا بكفاح جدّه وأبيه وترحيل العائلة قسرا من مسقط الرأس كفرعانا إلى أريحا ثم، عقب عدوان جوان 1967، من أريحا إلى الأردن، وصولا إلى النشاط السياسي في الجامعة وعذابات ملاحقات أجهزة الاستخبارات وفي كلّ ذلك يبقى سؤال الهوية محرّكا لكل الأحداث… فلسطيني لاجئ في وطنه، ثمّ مواطن فلسطيني بجواز سفر أردني، لا شيء فيه يحمل اسم فلسطين وصورتها سوى “شاهدة القبر” بعد وفاته، هي التي ستشهد أنّه فلسطيني من “كفرعانا” لكنه مدفون في أرض غير أرض فلسطين، كما دُفن آلاف من قبله…

غنّام أخذ الجمهور الحاضر معه إلى تفاصيل دقيقة من حياة الفلسطينيين في الشتات، إلى منزل العائلة في أريحا، ذي الثلاث وعشرين درجا، إلى مواويل كانت ترددها أمّه قبل استشهاد ابنها الأكبر وبعده، إلى ابن الجيران الذي يعمل في قسم المخابرات ويشرف على تعذيب جاره (الشقيق الأصغر لغنّام) بسبب نشاطه السياسي في جامعة اليرموك الأردنية، إلى معابر أثقلت كواهل الفلسطينيين ونغّصت حياتهم اليومية وسُلبت فيها أشياؤهم وذكرياتهم، وأحجارهم وترابهم حتّى، كما روى ذلك في إحدى المرات الكثيرة التي عبر فيها غنّام من أريحا إلى الاردن مرورا ببوابة جسر الملك حسين، حيث صودرت حقيبته التي لا شيء فيها سوى حفنة تراب وبضع أحجار من أريحا، و”ذاكرة الكترونية” تضمّ صورا لفلسطين…

“سأموت في المنفى” صرخة من فلسطيني لا يزال رغم تجاوز العقود الستّة من عمره يبحث عن فلسطينيته، ويعلم علم اليقين أنّه سيموت في منفاه الذي لم يختره، بل سيق إليه كما سيق كثيرون من قبله ومن بعده…

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *