(عين) رحيل عبد الجبار الشرقاوي.. الذي قتله حب العراق

فقدت الاوساط الفنية والثقافية العراقية الفنان الكبير عبد الجبار الشرقاوي نتيجة تعرضه لذبحة صدرية على خشبة المسرح الوطني اثناء مشاركته في التدريبات على مسرحية جديدة ،لكنه سرعان ما فارق الحياة على اثرها عن عمر 63 عاما .     نعى الفنانون والمثقفون العراقيون الفنان الكبير عبد الجبار الشرقاوي الذي رحل عن الدنيا ظهر يوم الاحد في مستشفى الراهبات في منطقة الكرادة الذي تقل اليه بعد تعرضه لذبحة صدرية اثناء تأديته التمرينات لمسرحية جديدة على خشبة المسرح الوطني ، ويعد الراحل واحدا من ابرز نجوم الفن العراقي ، والذي يحمل هموما وطنية كبيرة لاسيما انه طالما يتحدث عن وجعه الكبير الذي اسمه العراق ويعلن عن اسفه لما آلت اليه الاوضاع فيه ،ولا ينفك ان ينتقد الاخطاء والممارسات السلبية التي تؤدي الى تدهور في احوال البلد ، مثلما كان يتألم لعدم اهتمام الدولة بالفن وكان يقول (الدولة والأحزاب السياسية لديهم نظرة دونية للفنان وينظرون للفن على انه حرام وحتى كلمة فنان غير موجودة في الدستور العراقي ونعاني من التمويل الذاتي حيث لا يوجد دعم لدائرة السينما والمسرح وهم يعاقبون الفنان العراقي لأننا لم نمجدهم والسياسي يغار من شهرة الفنان وحب الناس لأننا دخلنا قلوب الناس من دون انتخابات وأعتبر هذا التهميش بسبب الغيرة من الفنان وأجزم بذلك وأؤكد عليه) .    والراحل عبد الجبار محمد العيبي الشرقاوي من مواليد  بغداد الكرخ ، كرادة مريم في الاول من كانون الاول / يناير عام 1953 ، وعن ذلك يقول (في طفولتي التي عشتها بمنطقة كرادة مريم كنا عائلة كبيرة لكنها فقيرة الحال و والدي كان يعمل في سلك العسكرية ، وكان في محلتنا دكان للعطور ، فيه عارضة سينمائية يعرض فيها صور للاطفال ،وعلى الرغم من شظف العيش الذي كنا نعيشه الا انني كنت اجمع مبالغ يومياتي من اجل ان ادخل هذا الدكان) ، وعلى الرغم من انه مارس الرياضة والعزف الا ان التمثيل كان قدره للمواصفات التي كان عليها، وكان ذلك من خلال الاستاذ خالد العزي الذي سكن كرادة مريم وقد ذهب الى بيته القريب منهم ومنحه فرصة احد الادوار الثانوية عام 1969 في عمل مسرحي من بطولة ليث عبد اللطيف وجنان خالد ضمن فرقة ( الفنون المسرحية) التي ادى فيها ادوارا لم تعزز شيئا من طموحاته ، فانضم الى فرقة المسرح الجماهيري التابع لوزارة الثقافة والاعلام ومارس العمل الاقرب للاحتراف وكانت هناك عدة مسرحيات مهمة من اعداد الفنان قاسم وعل السراج، ومنها البهلوان للكاتب محمد الماغوط واخراج مقداد مسلم، ومسرحية كفر قاسم للمخرج مقداد مسلم ايضا، وذلك في مسرح الخيمة الجوالة، ودخل معهد الفنون الجميلة لصقل مةهبته بالدراسة، وهناك تدرب على عدة مسرحيات واجادها  مثل” انطونيو وكيلوباترا” ويقول عنها (كنت اباهى بصوتي الجهوري) ،كما ادى مسرحية عطيل وهي نقطة تحول مهمة في حياته ،ويقول انه راجع طبيبا نفسيا للوقوف على اعراض مرض الصرع لان عطيل كان مصابا به، وكما انه عمل في التلفزيون والاذاعة وعمل مع كبار الممثلين وتوالت عليه الادوار الاذاعية وهو لم يزل طالباً في المرحلة الثانية من المعهد ، وبعد تخرجه من معهد الفنون الجميلة ، عمل في الفرقة القومية للتمثيل، وشارك في اعمالها فضلا عن مشاركته في العديد من الاعمال الاذاعية والتلفزيونية، أما بدايته الحقيقية في التلفزيون فقد كانت في التسعينيات ، بمشاركته في أعمال كبيرة وبأدوار متميزة وأولها مسلسل “حكايات المدن الثلاث” من تأليف عادل كاظم وإخراج محمد شكري جميل، ومسلسل “ذئاب الليل”  ومنهما انطلقت شهرته بعد ان قدم ادوارا مميزة فضلا عن تميزه بصوته الجهوري القوي الذي كان علامته الفارقة وكذلك التزامه الفني الذي جعله قريبا من الناس ، فيما هو يؤكد ان الفضل في نجاحاته للموهبة من الله سبحانه وتعالى ومن ثم الدراسة التي منحته قدرة على الاختيار لكنه لا ينسى ان هناك من كان له دور في حياته مثل الفنان مقداد مسلم والمسرحي فتحي زين العابدين وسعدي السماوي والمخرج الإذاعي حافظ مهدي، حتى انه شاركت بأكثر من مئة وعشرين مسلسلا ، وهو إنجاز يضاهي إنجاز أقدم الفنانين العراقيين ،وحصل على دبلوم فنون مسرحية / مسائي عام 1985. كما ان الراحل بعد عام 2003 وخلال وجوده في سورية شارك في عدد من الاعمال منها مسلسل مع المخرج حسن حسني (اعلان حالة حب) ومسلسل (ذكرى وطن) مع مخرج سوري ، كما شارك في مسلسل عنوانه (فيروز) اخراج علي ابو سيف ، ومسلسل (شناشيل) تأليف باسل الشبيب واخراج السوري ثامر اسحق  ،كما ان وجوده في سورية منحنه فرصة المشاركة في مسلسلين مدبلجين من التركية الى العراقية لصالح قناة السومرية وهما (روابط عائلية) الذي يعد اول مسلسل مدبلج للهجة العراقية ، والثاني (كارمن) واشترك فيه مجموعة من الفنانين العراقيين والسوريين . والراحل يعد مؤسس اول اتحاد في العراق بعد الاحتلال عام 2003 ،وهو اتحاد المسرحيين العراقيين،كما انه مؤسس اذاعة (السومرية) ، وشارك في العديد من لجان فحص النصوص ،وطوال مسيرته كان يرفض ان يشارك في عمل لا يقتنع به من جميع الجوانب، سواء الفنية منها او الاخلاقية، مهما كانت الاجور التي يمكن ان يتقاضاها حتى وان كان في حاجة الى المال، لانه كما يقول (انا كفنان امتلك رأيًا واحمل فكرًا ووعيًا بقضايا الناس والوطن، ولا يمكن ان اجسد شخصية او أن اشارك في عمل يسيء الى الانسان العراقي، او الى الوطن، او يكون اداة لتجريح الاخرين مهما كانت انتماءاتهم وهوياتهم)، وكان يرى ان الجانب المادي ليس مهما بعد هذا العمر بقدر ما يهمه العمل الذي يؤديه. ويحسب له انه قام بتحريض المطرب عامر توفيق على المشاركة في البرنامج المواهب (ذا فويس) والذي كان حضوره مميزا فيه ،كما ان تميز بلحيته التي لم يحلقها الا في مسلسل (فاتنة بغداد/ عفيفغة اسكندر) . وكان الشرقاوي قد اصيب بمرض السرطان في الحنجرة ما ادى الى فقدان صوته تماما، ليغيب عن الوسط الفني لنحو سنتين في رحلة علاج طويلة وفي عدد من المحافظات العراقية ودول الجوار ، ثم عاد عام 2012  لمواصلة مسيرته الفنية بعد تماثله للشفاء .  وكان اخر اعماله المسرحية مسرحية ” لم تر قط عيني ” للمخرج عماد محمد عام 2015 ،اما اخر اعماله التلفزيونية كان  مسلسل بعنوان “دنيا الورد” للمخرج جلال كامل ،وجسد فيه شخصية” السمّاك “، اما اخر افلامه السينمائية الطويلة فهو فيلم المسرات والاوجاع لمحمد شكري جميل ونجم البقال لعامر علوان واما الافلام القصيرة فهو (الفرصة) للمخرج سعد العصامي و(مهرجان البلور) لعمار العرادي انتاج 2015 . كان الراحل وقد بلغ سن الـ 63 يستعد للاحالة على التقاعد .. لكن الموت كان الاقرب اليه ، رحمه الله.

 

 

عبد الجبار العتابي
http://elaph.com/

 

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *