تواصل فعاليات “رم” المسرحي في يومه الثالث مسرحية سلالم يعقوب : صمت يثير الدهشة والالتباس. مسرحية سطح الدار: الإملاء الخارجي مصدرا للصراع الداخلي

 

 

 

 

تواصل فعاليات “رم” المسرحي في يومه الثالث

مسرحية سلالم يعقوب : صمت يثير الدهشة والالتباس.

مسرحية سطح الدار: الإملاء الخارجي مصدرا للصراع الداخلي

خاص – أحمد الطراونة

تواصلت عروض مهرجان (رم) المسرحي في دورته الأولى (نسخة ياسر المصري) في اليوم الثالث من أيام المهرجان حيث عرضت على المسرح الرئيسي مسرحية “سلالم يعقوب” للمخرج د.الحاكم مسعود، وعرضت على المسرح الدائري مسرحية “سطح الدار” للمخرج أحمد عليمات. في العرض الأول “سطح الدار” والذي عرض في السادسة والنصف مساء على المسرح الدائري عالج المخرج أحمد عليمات الصراع القائم بين الإنسان وذاته وبين الإنسان وما يحيط به من واقع يقاومه، ويحاول التمرد عليه من خلال النص الذي كتبه خالد خماش ليؤكد عليمات إن الإنسان يولد ليكون جاهزا للاصطفاف في إحدى حلقات الصراع دونما وعي بذلك، ويمارس الاصطفاف قبل الدخول إلى الحياة. النص الذي يركز على سيكولوجية الإنسان ونفسيته يركز بشكل مباشر الصراع بين الأنا والأخر وبين الأنا والأنا، لتظهر شخصية (أبو الريش) التي يؤديها الفنان أحمد العمري، لتمثل المعطيات الخارجية أو الإملاء الخارجي على الجماعة التي تتخيل نفسها فوق سطح الدار, وهي شخصية ذات نفوذ وتأثير، فهي –الشخصية- التي تضع القوانين لهذه الجماعة، وتتدخل بكل تفاصيل حياتهم ووجودهم، حيث يتم التفاوض معها بأدق الأمور للموافقة على تلبية طلباتهم. وعلى الجهة الأخرى من الفعل الدرامي الذي تتعالق فيه الشخصيات تظهر شخصية (أبو يعقوب) وكيل العمارة التي يجتمع على سطحها أفراد العمل المسرحي وهي شخصية تتسم بالجدية والطيبة من جهة وتمثل الجشع والطمع من جهة أخرى، في تناقض واضح يجسده الفنان حيدر كفوف باقتدار، حيث تظهر تناقضات النفس البشرية في الوقت الذي يجسد شخصية رجل مقعد على كرسي متحرك، بمخيلته المنشقة عن الواقع، ويتولى مهمة استلام أجور شقق العمارة من سكانها ليسلمها لمالك العمارة ويأخذ نسبته من الأجور. يتوه الجميع بين الشخصيات الرئيسية ليقع الجميع فريسة الإملاء الخارجي، ليعبّر سطح الدار المكان التي تسير فيه أحداث القصة عن الوطن المستعار، أو خارج الوطن، أو المكان الموارب بين الوطن الحقيقية والوطن الوهم. يتكئ العرض على قدرات الممثلين، احمد العمري، حيدر كفوف، فيما يبدو النص اقرب إلى البساطة رغم وضوح المقاصد والرسائل الأولى له. ولعب حيدر كفوف مع وليد الشافعي دورًا موسيقيًا مهما في تجلية مقاصد العرض من خلال تأدية مقطوعات موسيقية خلال أحداث المسرحية، ترافقت مع السينوغرافيا على بساطتها، والأزياء والديكور والإضاءة في تعرية نفسيات بعض الشخوص لتبدو أكثر وضوحا

سلالم يعقوب

وعلى المسرح الرئيسي عرضت في الثامنة من مساء اليوم الثالث مسرحية “سلالم يعقوب”، للمخرج د.الحاكم مسعود، ومن إعداده، وبطولة الفنان عماد الشاعر، والفنان نبيل كوني ونبال العوضي، وياسمين مروم، وابراهيم عشا، وداليا الحاج، ومحمود جلال، ولطفي فحماوي. العمل الذي بدا ملتبسا انطلاقا من عنوانه وحتى لحظاته الأخيرة استند على الإيحاءات لبث رسائله الفكرية والمعرفية، فكان النص بصري بامتياز لغياب الحوارات والاستناد على لغة الجسد بشكل مباشر. في فكرة العرض الرئيسية والتي تتكئ على جذر الصراع بين الخير والشر، أو صراع الحياة والمادة، أنانية التفكير، الحلم بحياة أفضل، التحول من حال إلى حال، التطوير، الاختراع لصالح الخير، أو الابتكار من أجل الشر، كما يرى معد النص ومخرجه يحاول المخرج من خلال الجهد الحقيقي الذي وظف في السينوغرافيا التي استخدمت استخداما عاليا في خدمت العرض، يحاول المخرج ان قول ما يريده وان يوصل رسائل عرضه بشكل يكاد يكون غريبا على جمهور المسرح من غير النخب. تتوالى قصة العرض بين نصوص الضوء وحركات الممثلين، وتقاطعات الأزياء والمكياجات الصارخة لتؤكد جميعها أن هنالك أنماطا مختلفة من السلوك البشري، مع وجود قوى الشد العكسي التي تحاول إعاقة أي تطور أو تقدم، وهذا يمثله الصراع بين (يعقوب) الشخصية الرئيسية وبين (الزوجة) نبال العوضي، ليظهر نبيل كوني كشخصية مؤثرة في فعلها وحركاتها التي توجه دفة الصراع بين طرفي المعادلة. اعتمد مسعود على الصورة البصرية غير الاعتيادية بحوار شحيح حاول من خلاله أن يبرر بعض الأفكار الملتبسة أو الحركات غير المعروفة، ليجسد بصعوبة المعاني التي يبحث عنها في ظل غياب الحوار، وتبدو الدلالات أكثر اتساعا. دهشة واسعة تبدو على وجه بطل العمل الذي تدور حوله الأحداث، وتثير هذه الدهشة تساؤلات أكثر دهشة عندما تتقاطع مع الموسيقى والإضاءة والمكياج لترسم حركة إنسان اقرب إلى الإلية منه إلى الإنسانية في إشارة واضحة إلى غياب الإنسانية وتواريها خلف هذا العالم الذي يبدو أكثر آلية من غيره، ويظهر ذلك جوهر الشخصيات التي بدت أكثر تسلطا ونزوعا إلى الشر، فقدم فريق العمل جهدًا واضحًا لإيصال هذه الفكرة

. ندوة تعقيبية عن “النافذة”.. تكامل الأدوات

عقدت في الساعة الرابعة من مساء اليوم الثالث ندوة تعقيبية حول مسرحية “النافذة” تحدث فيها د.علي الشوابكة إلى جانب مخرجة العرض د.مجد القصص، وأدارتها سهاد الزعبي. في الندوة التي أثنى فيها الدكتور علي الشوابكة على إصرار المخرجة مجد القصص لإعادة التأكيد على قيمة الحرية للإنسان، والتي يتم انتزاعها منه في مجتمعات تفعم بالسلطوية بأشكالها كافة، دار نقاش موسع حول العمل الذي أثار جدلا مهما لجهة التقنيات والنص والرؤية الإخراجية. وقال الشوابكة: إن ما دفع المخرجة على حمل هذه الرسالة الإنسانية في كل تجاربها المسرحية، وتوظيف أدواتها المسرحي: (الممثلين والديكور والإكسسوار والمواد الفلمية والموسيقى والإضاءة )، هو تقديم حكاية الصراع بين القيد والحرية، وإعلاء قيم الحرية للإنسان في أعلى درجات التجلي المسرحي . وأشاد الشوابكة بنص العمل “النافذة”، كما أشاد بمهارة المخرجة في اختيار النص للكاتب العراقي مجد قاسم والذي حاز قبل سنوات على المرتبة الأولى بجائزة الهيئة العربية للمسرح في التأليف المسرحي والذي عمل على إعداده المخرج زيد خليل، وإعادة بناءه دراميا في المشهديات المتلاحقة المكتنزة بالثنائيات التي أوحت للمتلقي بالصراع الوجودي العميق كالداخل والخارج والواقع والافتراض والحاضر والذاكرة والقيد والحرية والحب والكره والحرب والسلام، إضافة إلى التكثيف الثقافي اللغوي للنص من خلال (الفصيح والمحكي) الذي حمل جملة من الرسائل البلاغية التي تضمنها النص الأصلي، لافتًا أن إجادة إعداد النص ظهرت بشكل ملحوظ في ضبط إيقاع العرض وشد انتباه المتلقي، مستدركًا أن هناك بعض الهفوات التي ظهرت من خلال تكرار بعض الكلمات، وهي بحسب الشوابكة لا تنتقص من وضوح الرؤية الإبداعية لدى المخرجة ولم تنل من جماليات العرض . أما عن العرض ذاته، فقال د.الشوابكة إن المخرجة استطاعت أن تقدم فرضية للمكان الذي انطلقت منه جميع الأحداث في مشهديات ولوحات مسرحية غاية في الإتقان، وامتازت مشهديات “النافذة” برشاقة الحركة والأداء التي أكدها اللاعبون في العرض المسرحي من خلال التوافقية التي أبدوها بين لغة الجسد والحوار المعبر عن المقولة الأساسية في المسرحية، ومقولات فرعية أخرى لا تقل أهمية. وختم الشوابكة بالثناء على شكل العرض الذي تمثل بالسينوغرافيا الرفيعة، إذ اعتمدت المخرجة لإظهاره تكنيك التناوب بين خيال الظل واستخدام المائدة الفيلمية المعبرة الداعمة للثنائيات الواضحة في العرض المسرحي. إلى ذلك تخللت الندوة التقييمية مجموعة من المداخلات لمحمد أبو عويمر الذي أثنى على قدرات المخرجة ووصفها بأنها ليست بالسهلة وعبر عن إعجابه بالتناغم بين مفردات العمل، أما على مستوى الإخراج أشار إلى أنها كسرت توقعه لأنه كان يتوقع أن يشاهد رؤية إخراجية مختلفة عن سابقاتها. الصحفي محمود الداوود أشاد بعمق وكثافة النص، وأداء الفنان حمد نجم وإياد الريموني اللذان اظهرا طاقة درامية إبداعية على المسرح. ومن ناحية الإخراج قال الداوود انه كان واضح السيطرة على العمل منذ البداية وحتى النهاية. من جانبها قالت مخرجة العمل مجد القصص انه لا يوجد عمل مكتمل مئة بالمئة، ولكنها تجربة، وكان لا بد من أن أخوضها لأصل لأفضل النتائج من خلال مسرحية النافذة. وعبرت د.مجد القصص عن إعجابها واعتزازها بأداء الممثلين جميعا في المسرحية، وهي سعيدة بجميع الممثلين في العمل وأنها استطاعت أن تحمل من خلال العرض الرسالة التي تصبو لها دوما ألا وهي الحرية.

وتتواصل فعاليات المهرجان في اليوم الرابع حيث سيعاد في السادسة والنصف عرض “سطح الدار” للمخرج احمد عليمات، ويعرض في الثامنة مساء على المسرح الرئيسي مسرحية “أزمنة الحلم القزحي” للمخرج عصمت فاروق.

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *