«تخاريف» مسرحية عبثية تهجو العنف

مشهد من المسرحية

جمال عياد 
 

من النصوص المسرحية الجاذبة لتناولات المخرجين، ما كتبه يوجين يونسكو (1909-1994)، أحد أبرز رموز مسرح اللامعقول»تخريف ثنائي»، والذي مسرحه مؤخراً كاشف سميح بعنوان «تخاريف» على مسرح جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا، المسرحية الكوميدية.

أفاد سميح من الأسلوب البسيط المفعم به تكنيك يونسكو العبثي في السخرية من الأحداث المعاشة، ومن الوحدة التي بدأت مع جريان الأيام تتعمق أكثر في حياة الإنسان المعاصر، لا بل لتغدو مصيره المحتوم وفق آليات النمط الرأسمالي السلعي في الإستهلاك، التي تفرض على الإنسان المستهلك، ليغدو هو نفسه في النهاية سلعة تتحدد قيمته بالسوق.

يونسكو في «تخاريف ثنائي» كما في سائر أعماله، يسخر من النظام العام للرأسمالية وبخاصة من بنيته الفوقية، بقيمها التي تقسم المجتمع إلى طبقتين، إحداها وهي الأقلية، وتمتلك جُل ثروات المجتمع، وأخرى الأكثرية وهي الأكثر عطاءً، لا تمتلك شيئاً من ثرواته، وبالتالي يجيء الفرد في هذه الطبقة الأخيرة ضحية للأخرى في مختلف فضاءات حياته.

فتغدو الشرائح الأكثر فقراً في هذه الطبقة، الأكثر جهلا، والأقل حظاً في التعلم، لذا تغدو تائهة ليس لديها القدرة على إحداث اي تواصل اجتماعي إيجابي تنموي، في ظل الحروب غير العادلة التي تفتعلها الطبقة القليلة للسيطرة على الثروات، أوفي سياسات الإفقار التي تكون الشرائح الفقيرة ضحية لها؛ وهذا ما حاولت مجريات مسرحية سميح من أن تطرحه في أحداثها.

وتدور أحداث هذه المسرحية، التي يشرف على نشاطها الفني عز الدين العيسى، أداءً حوارياً وتمثيلياً بين زوجين محتجزين في إحدى المناطق الجغرافية، يمضيان وقتهما في جدل حواري عقيم، لاجدوى منه، تؤشر دلالاته إلى اللاجدوى من مقترحاتهما لكيفية إمضاء حياتهما معاً.

كما حاكى المخرج سميح، في لوحات هذه المسرحية، تقنيات مسرح العبث لدى يونسكو، بابتعاده عن الحبكة المسرحية الواحدة التقليدية من تمهيد وتطور وصولاً للحبكة والنهاية، مستعيضاً عنها بحبكة ناتجة عن الإيقاعات المتسارعة، والتكرارات الدورية، غير المترابطة، فظهرت الشخوص كالدمى التي تنطق بلغة ركيكة وبلا منطق.

مما راكم ذلك الجهد إنشاء فضاء عبثي، يهجو الواقع المعاش، الوالغة جغرافيته بحروب داخلية، فضلاً عن تعرض إنسانه إلى انتهاك دائم لحقوقه التي كفلتها الشرائع السماوية، من قبل القوانين الاقتصادية والسياسية والاجتماية السائدة.

برع الطلبة: ليان كوساية، ورامي الناصر، ومحمد خبازة، في تقديم ذلك النمط العبثي من الشخوص المسرحية.

يذكر أن فرقة جامعة الأميرة سمية تأسست العام 2005، وعرضت ما يزيد على 25 عرضًا، وحازت على جوائز قيمة من خلال مشاركتها الدورية في مهرجان فيلادلفيا للمسرح العربي.

————————————————

المصدر : مجلة الفنون المسرحية – الرأي 

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *