المسرح التفاعلي والقدرات القيادية

 

د.سكينة مراد مع الشيخة انتصار سالم العلي الصباح في ختام الدورة

بقلم: د ..سكينة مراد – أستاذة النقد والأدب المسرحي في المعهد العالي للفنون المسرحية

يعتقد البعض أن المسرح مجرد تسلية، غير أن فن المسرح يمكن توظيفه لما يخدم المجتمع والفرد، بل وصل الأمر لاستخدامه كوسيلة للعلاج فيما يعرف بـ«السايكودراما»، كما استخدم في الكثير من الأحيان للنقد والتعليم، وتنمية القدرات والمهارات الشخصية، وتعديل السلوكيات، وتطوير الذات، والقدرة على التعامل والتواصل مع الآخر، بشكل جمالي يحقق المتعة والتسلية، حيث إن المسرح يعزز الثقة بالنفس، ما ينعكس على قدرات الممارس لهذا الفن من تغيير جذري في شخصيته وفي قدراته القيادية.

هذا ما أدركته «مبادرة النوير» التي أسستها الشيخة انتصار سالم العلي الصباح، حينما أقامت ورش عمل تدريبية تحت شعار «كوني قيادية» بالتعاون مع الهيئة العامة للشباب، وهي دورة خاصة للفئة العمرية للفتيات التي تتراوح أعمارهن بين 14 و17 عاما.

إن دورة «كوني قيادية» تعد ضمن برنامج القيادات النسائية الشابة، الذي يهدف إلى تنشئة جيل من القياديات في الكويت مستقبلا. وتعتمد على برنامج عالمي متكامل ومدروس من خلال أبحاث عديدة، قائم على مهارات التعلم الأربع (التفكير، الإبداع، التعاون، التواصل). ويتضمن هذا البرنامج العديد من التمارين ذات أهداف متعددة، تعمل على تعزيز الثقة بالنفس لدى المتدربات.

استمرت الدورة لمدة شهر، وكان نتاجها ما شهده الحفل الختامي الذي أقيم على مسرح أكاديمية الفنون والشباب في الدعية الأحد الماضي.

حضر الحفل ممثل الهيئة العامة للشباب مشعل رشيد السبيعي، ومؤسس مبادرة النوير الشيخة انتصار الصباح، وفريق العمل، وأولياء أمور المتدربات، وجانب من الحضور.

تضمن الحفل فقرات متنوعة كانت نتاجا لإنجازات المتدربات وحصيلة للتدريبات التي اعتمدت عليها الدورة في تخصصات عديدة، مثل: الدراما، الإلقاء، فن الكتابة، الارتجال والإخراج، الإرشاد الاجتماعي، حيث قدمت المتدربات نتاج هذه الورشة في شكل فني مسرحي، بداية من تقديم فقرات الحفل، مرورا بفقرة التكريم، وصولا إلى العرض المسرحي الذي عبر عن توظيف المسرح في تنمية القدرات القيادية للمتدربات، وجاء الحفل ذات مستوى مبهر يعبر عما اكتسبتهن المتدربات من قدرات جديدة فجّرت مواهبهن الكامنة، حيث تميزت الفقرات المسرحية بسمات «المسرح التفاعلي» التي تتمثل في وجود عرض مسرحي يعتمد على موضوع يحمل المشاكل الأسرية وموضوع التنمر في المدارس بتقنيات المناقشة التفاعلية بين الممثلات والجمهور، وجاءت الفقرات المسرحية بشكل درامي أعدته المتدربات من خلال التدريب على مفاهيم الكتابة المسرحية، ثم تقديمه في شكل فني يحمل جماليات المسرح ومتعته، لقد ترك العرض فرصة للجمهور للتفاعل معه والمشاركة في المناقشات المرتجلة مع المتدربات لوضع حلول متعددة لكل مشكلة على حدة، وهذا ما أظهر قدرات المتدربات في الارتجال والمواجهة.

إن هذا النوع من المسرح يعتمد على كسر الحاجز الوهمي بين الخشبة والجمهور، وإتاحة الفرصة لإيقاظ عقل المتفرج ليكون مشاركا أساسيا في العرض، وهو ما أظهر القدرات القيادية للمتدربات عبر تحكمهن في إدارة النقاش مع الجمهور بأسلوب درامي يحافظ على إيقاع العرض المسرحي ومتعته.

جدير بالذكر، أن الدورة شهدت العديد من المتخصصات بقيادة الشيخة انتصار الصباح، وهم: د.لميس البستان، د.سكينة مراد، د.ريهام العوضي، الاستشارية أنوار الحمد. ولا ننسى جهود فريق العمل المكون من (محمد المزعل، أسرار الأنصاري، علي شلبي، أفراح بهبهاني).

وفي الختام، أتوجه بالشكر للهيئة العامة للشباب ومبادرة النوير على مساهمتهما في إنجاح هذه الدورة وتحقيق أهدافها، وإدخال الفرحة والسرور التي شاهدناها في أعين أولياء أمور المتدربات في الحفل الختامي، نتيجة لما لمسوه في بناتهم من اكتساب قدرات قيادية ومهارات جديدة.

https://www.alanba.com.kw/

شاهد أيضاً

الكتاب المسرحي العربي للمرة الأولى في جيبوتي. اسماعيل عبد الله: حضور منشورات الهيئة العربية للمسرح في معرض كتب جيبوتي حدث مفصلي في توطيد الثقافة العربية.