المسرح الأوروبي الحديث ومسرح بريخت ادراك متأخر لفك القيود علي الخشبة / عصمان فارس

الفنان والكاتب والذي يرزح تحت حكم استبدادي وشمولي ، في ظل الانظمة الفاشية والنازية , يكون في القائمة السوداء مطارد ومكبل وضياع حريته وحقوقه ومسلوب الارادة ، وهذا ماحصل مع برتولد بريشت واحرقت كتبه مع مجموعة من الادباء وكانت الشرارة الاولي لهروبه خارج المانيا . المخرج وفريق العمل في المسرح الاوروبي يعمل بحرية بلا رقيب داخلي اوخارجي ، ويفكر بحرية وينطق آراءه الجمالية والمعرفية، يناقش ويتحاور مع الآخر بحرية. ان العمل لا يبدأ من أشياء مسلمة ومألوفة ، انما يبدأ بالاجتهاد والحفر في ذاكرة المجتمع وفي فن الممثل ، والحفر في تغيير ذهنية وعقلية المشاهد، لأن المسرح الغربي ينظر الي المشاهد كمبدع اساسي للمسرح لانه هو الذي يتلقي ابداع الممثل أولاً، ومن ورائه الكاتب والمخرج والتقنيات وغيرها من مكونات العرض المسرحي ، لا توجد قواعد جامدة ثابتة ، وان البحث والاجتهاد والتجريب يقود الي معطيات جديدة لايوجد شيئ اسمه التابوات او المحرمات في المسرح السويدي بشكل خاص تُختبر وتقدم علي المسرح، ولا تحرّم بشكل مسبق، أي أنك تجرب الشيء وبعدها تفكر اذا كنت تريد الغاءه أو إزاحته، فتعمل عندئذ علي مبدأ التكثيف والارتجال. وللدراماتورج في المسرح الاوروبي دور كبير ومهم في نضوج المسرحية. الدراماتورج وهو الناقد والمنظر، وهو الذي ينبه جميع العاملين الي سير العمل والي سير وبناء الفكرة، والي وسائل تجسيد الموضوع ، واذا ما وجد خللاً في الفهم والادراك يعيد تفكيك النص من جديد. وطريقة فهم وتفسير ومعالجة مسرحيات بريخت استعمال ديكور بسيط يكون من الواقع ولا نجعل من المتلقي يغرق في التفاصيل اما التمثيل وهو قد وضحه بريشت في مسرحه الملحمي وفي الاورجانون الصغير وطرق الاداء في المسرح الديالكتيكي علي مستوي الكتابة والتكنيك والاخراج والتمثيل وكل مكونات العرض المسرحي. المخرج الاوروبي يقدم النمودج البريختي في مسرحه ويبعد الرتابة والملل في اداء الممثل ،طبعت السياسة معظم أعمال بريخت المسرحية والأدبية. وكان لكتابات ماركس وهيجل التحليلية بالغ الأثر عليه، فحاول بريخت خلال مسيرته الفنية مخاطبة أكبر عدد من الجمهور، لإقناعهم بأهمية تحرير أدوات إنتاجهم من سيطرة رأس المال. مسرحياته التي لاقت نجاحاً كبيراً كانت أوبرا “القروش الثلاثة”، وتضمنت المسرحية نقداً لاذعاً لأوضاع النظام البرجوازي أيام جمهورية فايمر. وكان من الطريف أن تلقي المسرحية هذا النجاح والإعجاب من قبل من تعمد بريخت انتقادهم. مسرحية “أوبرا القروش الثلاثة” هي واحدة من أمهات الأعمال في المسرح الحديث، ويندر أن يوجد مسرح في العالم لم يقدم صياغة لها بشكل من الأشكال قيمة وجمال الفكر لدي برتولد بريخت، يعتبر بريخت من المبدعبن الذين تناولوا في مسرحهم وغطى نتاجهم العديد من المجالات، المسرح الملحمي وظيفته التوعية والتنوير وعملية المزج مابين التحريض والتسلية من خلال ادخال الاغنية اوالراوي وكسر حالة الاندماج لدي الممثل وتحرير المتلقي من حالة التعاطف والاندماج. الممثل له الدور الأساسي في إدارة اللعبة المسرحية وتسييرها لخلق جدلية فضاء ومكونات العرض المسرحي،فالفضاء السينوغرافي عند بريخت فضاء فارغ “يغير شروط ممارسة الرؤية، ويبني عالماً مسرحياً لا يقلد العالم الخارجي ولكنه يستقل عنه”. استعمال المسرح الملحمي لتقنيات الخط والفلم والصورة من خلال استعمال اللافتات واستعمال الوثائق المصورة والفوتو مونتاج .تشكل الاغاني والفرقة الموسيقية واللافتات والسلايدات والافلام تلعب دوراً تغريبياً مهماً لا ينفك يذكر المتفرج بوجوده داخل المسرح
ويمنع اندماجه مع الاحداث كل هذه الاقتراحات الجمالية كانت تروم تحقيق هدف أسمى : أن يقدم الممثل دوره من دون أن يبرز اندماجه فيه، وأن يكشف عن هويته المسرحية ، وأن تكون كل مكونات الخشبة رهن إشارته لأداء هذه المهمة لأنها الشرط الأساسي لتحقيق التغريب. ولكن وللأسف سيفهم البعض من اقتراح بريخت حول الممثل أن يعتمد هذا الأخير علي اللعب المسرحي بطريقة باردة من دون حياة تذكر. وقد عبر بريخت نفسه عن تذمره من هذا الفهم القاصر. ذلك أن الاندماج شرط أساسي للممثل المسرحي، يكون خطوته الأولي لبناء دوره وفهم الشخصية المسرحية، وبعدها تحل مرحلة الانفصال عن الشخصية وأدائها بطريقة بارعة تراوح بين تمكن الممثل من الاندماج فيها، ثم الابتعاد عنها كأنه يحكيها فقط أو يعرضها بأمانة. ربما يختلف النقاد والمخرجين حول طريقة تفسير ومعالجة مسرحيات بريخت وهل مازال منهج بريخت صالح لكل العصور؟ ربما لان ثيمة العدالة تتحقق في مسرحياته وتجعل المتلقي في موضع المفكر والمتأمل وان كسر الايهام ومحاولة إحداث صدمة تلقي بظلالها علي الاخراج والتمثيل وكذلك المتلقي وجماليات العرض المسرحي . شهدت مسارح اوروبا خلال السنين الاخيرة تقديم مسرحيات بريخت وبطرق جديدة والحفاظ علي تراثه المسرحي والالتزام بمسرحه التعليمي والملحمي وطبيعة التغيير في كل تناقضات المجتمع فمثلآ مسرحية اوبرا القروش الثلاثة والتي كتبها بريخت سنة ١٩٢٨ ولكنه بعد الحرب العالمية الثانية اضاف اليها الكثير وعدل بنائها المسرحي وعرضت المسرحية بطريقة التجريب حسب طبيعة المجتمعات المختلفة والظروف السياسية بعمق الم وثراء ، فبريخت شاعر وكاتب ومخرج مسرحي وله نشاطات عديدة في القصة والشعر والنقد والسينما وصاحب مدرسة ونظرية المسرح الملحمي، وجسد فلسفته في الاورجانون الصغير وهو يغاير ويرد علي المدرسة الارسطية ,واوجد بريخت مفهوم مختلف للدراما عن الدراما الارسطية وفكر بريشت يستند علي اهمية المسرح ودوره في التحولات الاجتماعية ,ومساهمة المسرح في تحرير الوعي من الافكار المحافظة وعملية الوعي تساهم في تغيير الواقع الاجتماعي وقدم مسرحيات جسدت افكاره في الاورجانون الصغير وتطبيقآ لوجهة نظره دخل في نقاش وسجال في نشر فكره الجمالي واختلف مع علماء الجمال مثل جورج لوكاتش وفند اهمية ودور الفن المسرحي ودوره في تحريك وتغيير الواقع الاجتماعي، من خلال التأكيد علي النظرية السياسية وكل المساهمات الادبية والعلاقة الجدلية مابين الاثنين ودور الفنان وعلاقته بالواقع السياسي والاجتماعي،يتجلي ذلك من خلال وعي الفنان ونتاجه الفني.ويعتبر بريخت المسرح الملحمي بديلآ مهمآ عن المسرح الدرامي، فبريخت لايجسد في مسرحه الحالة النفسية والذاتية لكنه جسد حالة العالم لذلك كانت اهمية بريخت محليآ وعالميآ كفكر ونظرية حديثة في المسرح الملحمي، برغم الطابع السياسي لأعمال بريخت نجت هذه الأعمال من الفجاجة والمباشرة التي تعيب عادةً المسرحيات السياسية. حتي بريخت نفسه كان ينحي بنفسه جانبا عن الأيديولوجيات في أعماله الادبية ولم يعرف عنه القيام بتعليقات مباشرة صادمة، فقد كان يفضل تجنب المواجهات الانتحارية مع الأنظمة التي كان يعيش في كنفها، كما يلمح المرء عنده محاولة مستمرة لمراجعة وتنقيح أفكاره وعدم الارتكان علي فكرة واحدة منتهية. مسرحياته الملحمية تسعي إلي تحفيز الجمهور علي إمعان التفكير حتي يُكوّن وعياً خاصاً به تجاه ما يراه، وذلك علي العكس من المسرح الدرامي أو الآرسطي حيث يكتفي الجمهور بدور المتابع السلبي. كما تمتد أفكار المسرح الملحمي إلي دور الممثل علي خشبة المسرح، محاولة تغير طابع وظيفة الممثل من مؤدٍ إلي عنصر إيجابي في المسرحية، حيث كان بريخت يدعو ممثليه إلي جعل قدر من المسافة بينهم وبين النصوص واتخاذ مواقف نقدية منها أثناء أداءها وليس فقط تكرارها بشكل ميكانيكي عكست مسيرة الكاتب والشاعر الألماني بيرتولت بريخت الفكرية الأحداث المتلاطمة التي شهدها النصف الأول من القرن العشرين في أوروبا. ففي ظل الفساد السياسي وغياب الوعي الشعبي في ألمانيا أيام الحكم النازي بلور بريخت فكرته عن المسرح الملحمي كمقابل للمسرح الدرامي المعتاد. وسعي من خلال هذا اللون المسرحي أن يخلق جمهوراً يستطيع التفاعل مع الأحداث ليتحرر من دوره كمشاهد سلبي.هل ما زال من الممكن الحديث عن مسرح سياسي أو ذي تأثير سياسي بشكل يتطابق مع مفهوم بريخت؟ المسرح يرتبط في الواقع بموقف سياسي ويمثل أراء سياسية. من الطبيعي ان تكون هماك صعوبة في معرفة ان كان المسرح مرأة يعكس الواقع – وهذا ينطبق أيضا علي مسرح بريخت- يتمتع بقدرة علي تغيير المجتمع بشكل مباشر، ولكن ما قيمة العالم بدون مسرح ؟ لا يمكنني ان أتصور عالماً بدون مسرح.” بريخت هو مسرحي كبير من وزن شيلر وليسنغ في هذا التقليد. فقد طمح دائماً إلي انشاء مسرح تنويري، كما أراد ان يفضح الأقوياء ويسقط أقنعتهم. لقد كان في داخله حب كبير للعدالة، كما انه شعر بنفسه مسئولا دوماً عن مصلحة المظلومين. أعتقد ان هذا الموقف مازال حتي اليوم في صميم توجهات العدبد من كتاب ومخرجي وممثلي المسرح المعاصر”. أن الشخصيات الرائعة التي أوجدها بريخت، وبشكل خاص بالنساء العظيمات: كغروشه في مسرحية “دائرة الطباشير القوقازية” وكذلك الأم شجاعة والقديسة يوهانا (أو جان دارك) في قديسة المسالخ. إنهن النساء اللواتي يتمتعن بالفتنة الروحية التي يحلم كل كاتب ومخرج ان تكون من صميم افكاره وكل ممثلة تحلم في تقليد هيلينا فايجل. اعتقد ان بريخت قد خلق أجمل الأدوار النسائية في تاريخ المسرح الألماني “. يتخذ مسرح بريخت الملحمي أبعاده الكاملة اذ فيما بعد امتزج نقد الفرد بنقد البنية البرجوازية. فالنقد الاجتماعي يتطلّب نقداً للفرد وهذا ينقلب بدوره الي نقد للمجتمع بحيث لا يمكن الفصل بين الاثنين ضمن العملية الجدلية، والتي كانت الاساس والمنهج المتكامل لمسرح بريخت في قمة مسرحه المسرح الجدلي لذا كان المسرح التعليمي ذي اهمية في تطور اعمال بريخت وكما يقول رولان بارت عن خطاب تلك المرحلة انه يأخذ طابع احيائي ، يبني نقداً يهدف الي الحد من حركة حتمية الاستلاب الاجتماعي أو ابطال الايمان بهذه الحتمية فالامور الباطلة في هذا العالم كالحرب والاستغلال ، يمكن علاجها وزمن الشفاء يمكن ادراكه.
عاد بريخت إلي برلين عام ١٩٤٩ وشارك في تأسيس المسرح البرليني أو “برلينير انسامبل”. واصطدمت بعض أعماله مع العقلية البيروقراطية لموظفي الهيئات الثقافية ، حتي أن بعض أعماله رفضت. في آواخر حياته استطاع تأسيس مسرحه الخاص، وفضل استثمار معظم وقته في التركيز علي كتابة أعمال جديدة وإخراجها للمسرح . وفي تلك الفترة نجح بريخت في اجتذاب عدد كبير من المواهب إلي مسرحه، فأصبح المسرح مصنعاً للأفكار الجديدة المتلقي يطور امكاناته وأدواته الثقافية لكي يتواصل مع التطور الفكري والتقني في المسارح الحديثة،وظيفة المسرح الملحمي هي التوعية والتنوير وعملية المزج مابين التحريض والتسلية بطريقة ادخال الاغنية والراوي وكسر الايهام والاندماج لدي الممثل وتحرير المتلقي من حالة الاندماج،ويعتبر منهج بريخت صالحآ لكل العصور والازمنة لكونه يطرح ثيمة العدالةالاجتماعية ويجعل المتلقي في موقع المفكر والمتأمل،وطريقة كسر الايهام ومحاولة احداث صدمة تلقي بظلالها علي الاخراج والتمثيل وكذلك المتلقي وجماليات العرض المسرحي ولكي يتم وتبقي وشائج التواصل مابين المرسل والمتلقي لأن المسرح لم يعد مكانآ للتسلية والترفيه وتضييع الوقت.وعملية فهم ومتابعة المعاني في العروض المسرحية والتجارب الحديثة وذلك لتعدد العلامات والاشارات والدلالات السمعية والمرئية،عندما تنتهي مهمة المؤلف كما يؤكد رولان بارث تبدأ مهمة القارئ في تفسير وتأويل كل الدلالات النائمة في سرير النص المسرحي وياتي دور المخرج لكي يفكك ويعرف الكلمة وطياتها بأوكسجين الحياة واستراتيجية التلقي واهمية ودور المتلقي في كسر رتابة الحياة والتحليق في فضاء حميمي مابين المرسل والمتلقي الغاء كافة الحواجزبعض المسرحيات فيها نكهة وخصوصية مابعد الحداثة مثلآ يكون العرض في حجرة او لوكال لم يعد هناك مكان لخشبة المسرح.في الطقس المسرحي الحديث يبقي المتلقي علي صلة دائمة مع الثقافة ويجد المتلقي نفسه مبهورآ امام مشجب هائل من الارساليات والرموز والدلالات يتوجب علية استيعابها ودوره الفاعل في فهم كل الخطاباتالفنية والجمالية ومحاولة تحليل كل الشفرات التي اختارها المخرج في عملية الاكتشاف والاختراع والابداع في فلسفة العرض وثقافة المخرج وفريق العمل والجمهور، المشروع المسرحي يتطلب تجاوز الركود والاحادية والخوض في روي،وطرح شفرات وأسئلة تحمل بعدها الكوني واسئلة جوهرية تساهم في تغيير الواقع دون أن ننتظر التعليمات من احد فعملية التحرر والتعبير تعطي الحياة معني ودلالة تحفز المتلقي وتطلعاته الي غايات ارحب واوسع فتنمية الخيال تحتاج الي الحرية، وبوابات الفعل المسرحي تحتاج الي أسئلة متعددة ودراسة مستنيرة تلامس عصب الحياة، فيشكل المتلقي في المسرح الحديث اهمية في قلب الاحداث ومشارك مهم في العرض المسرحي،وان قسوة الحدث في مسرح انتونان ارتو يصل فزعها وصدماتها الكهربائية الي قلب ونبض المتلقي فيجعله جزء من الحدث، فالمسرح الحديث يتجاوز الركود والخمول فشكسبير يكتب مسرحياته وهو مرتبط بروحية مجتمعه الانكليزي وعليه عندما يقدم مخرج علي اخراج اي مسرحية لشكسبير وسوفوكليس ان يراعي سياقات مهمة وعلاقتها بموضوعات وفهم بنية المجتمع المعاصر والا سيتحول ويصبح العرض المسرحي مجرد موضوع هامشي وتسود حالة النفور من العروض المسرحية وتحول المسرحيات الي جمهور النخبة،ويصبح العرض المسرحي بعيد عن حيثيات التلقي من الجمهور.فالمعالجة الاخراجية واختيار المكان وكذلك التفسير والتأويل في تجسيد الصورة الفنية اي اللوحة البصرية والحركية تغدي جسد العرض المسرحي وتحرك الخلايا الميتة فيه، ويأتي دور الناقد في مد جسور الاتصال مابين العرض وعملية الابداع الفني والتلقي.فالمخرج هو المحرك والذي يقوم بتفعيل ذلك التلقي من خلال فهمه للبنية الاجتماعية والسياسية والثقافية والفكرية ولكل مايخص مجتمعه ويشكل الفكر النقدي اهمية كبري في كل منظومة العلاقات الموجودة مابين نظرية العرض المسرحي واستراتيجية التلقي،وتأتي اهمية الناقد في ملامسة العرض المسرحي وخلق اهمية التركيز علي بنية العرض والربط بين اي مسرحية والواقع المعاصر من خلال بعض الاستدلالات اللغوية ولغة الاشارات، فبنية النص تتحكم بها مقص المخرج المعاصر بفك كل العقد قيها وتحيل شرايين النص الي بنية العرض الفني،احيانآ تقودنا فانتازية ورؤية المخرج السحرية الي خلق طقوس وفضاءات سحرية. جماعية العمل المسرحي تتجسد من خلال النص المسرحي ورؤية المخرج ومساعدة الممثلين واضافات الدراماتوج السينوغراف وتحديد الزمان والمكان المناسب واستكمال بنية العرض،المسرحي اما ان يكون العرض المسرحي هو الركيزة الاساسية لأي نشاط مسرحي،ولايشكل النص سوي عنصر ثانوي كبقية العناصر الاخري التي يحتاجها العرض، وغير ممكن اعداد النص مسرحيآ الا عندما تتوفر فيه شروط العرض المسرحي
واي عندما ينجز فعل الفرجة، وراح بعض المخرجين الي الحكم
بقسوة علي النص ,حيث رفضوا التعامل مع النص المكتوب علي اساس ان المسرح هو مجرد هذه الاحتفالية الحية وحالة الارتجال, والفعل مابين الممثلين والمتفرجين والشاهد علي ذلك هو تعريف انتونان ارتو للمسرح واهمية المسرح في في تحريك المتفرج ويؤثر فيه كما يؤثر الطاعون في جسم الانسان ، المسرح المنشود هو المسرح التواصلي معد ويؤثر ولايتقيد بنص
مكتوب ويهتم بجانب اللغة المسرحية التي تراعي الافكار ووسائل التعبير عنها اكثر من المكتوبة.ربما تكون فكرة ارتو للمسرح قريبة من مسوغات اللسانيون في تحليل اللغة واهمال الكلام،واعتبار اللغة هي قانون ونظام من العلامات والتي تشكل بلاغآ انسانيآ ضمن المجاميع البشرية، والكلام غير قابل للتحليل وتجسيد اللغة، واللغة المنطوقة تعبر عن الفكر علي عكس اللغةالمكتوبة..ارتو اراد لغة قادرة عن التعبير بكل علاماتها المرئية والمنطوقة والمسموعة،اللغة المسرحية بالنسبة لاارتو هي لغة الشعر المسرحي اي صعبة ومعقدة تحوي كل عناصر الموسيقى والرقص والايماء والرسم والحركة والسنوغراف. حتي الكاتب المسرحي أداموف اكدعلي اهمية العلامات في العرض المسرحي، المسرح مرتبط بالعرض المسرحي وبشكل وثيق اي اسقاط حالات انسانية وصور ضمن عالم محسوس وتقديم المضامين الخفية في المسرحية بحيث تتطابق شكلآ وقالبآ مع المضمون الواقعي الجميع ويؤكد هونزل واحد مشاهير المدرسة البنيوية والسيميائية”أن كل شيئ موجود علي خشبة المسرح هو اشارة لشيئ اخر، الاشارة في المسرح تختلف عن الفنون الاخري بتعدديتها الوطيفية والقدرة علي التحول، الموسيقى تعتمد علي عنصر النغم وكذلك السم علي اللون الشعر علي اللغة والرقص علي الحركة ويتميز المسرح في اعتماده علي كل هذه العناصر وتوحيدها في خصائص مسرحية وتحريرها من كل القيود ولاتكون ذاث قوالب جامدة وثابتة.فالفعل المسرحي يشبه التيار الكهربائي والعناصر الدرامية عبارة عن موصلات لنقل التيار مابين الاخر،الاظاءة المسرحية والسينوغراف تشكل رمز للعرض المسرحي، فجمالية الفن الدرامي هو من خلال الجانب البصري وفن الصور، فنوع الاظاءة الشمسية والمشعة ترمز الي النهار والاضاءة المعتمة ترمز الي الليل وكذلك الموسيقي بايقاعها ونغمها ترمز الي حالة ما، وكل تشكيل علي خشبة المسرح يمثل ويشير الي الوظيفة الصورية والبنيان المعماري، والمكان الذي يؤدي فيه الممثل يشكل بعدآ دراميآ ويقتضي تحرير المسرح من صفة البناء وتحرير الممثل من الجنس البشري فكل شيئ يتحرك يشكل يتحرك يشكل الشخصية الدرامية علي سبيل المثال مسرح الدمي وخيال الظل والاراجوز وكذلك الاشارات الصوتية والضحكات والصراخ من خلال الراديو، الاشارة والفعل الدرامي تحرر من صندوق وعلبة ومعمار خشبة المسرح وخرج الي الشارع والي الساحات العامة والملاعب.

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش