الفنان “حسن يوسف” مدير المسرح القومي للأطفال:مسرح الطفل يحتاج إلى نوعية خاصة من المبدعين.. والإدارة حرمتني من التمثيل والإخراج/ صفاء البيلي ـ مصر

 

لاشك أن لمسرح الطفل أهمية خاصة في توجيه الأطفال وتعليمهم العديد من القيّم التربوية والأخلاقية من خلال تقديم ذلك فى صورة عرض درامي تمثيلي يستطيع جذب الطفل -الذي يرفض بطبعه طريقة النصح المباشر- من خلال شخصيات نابضة بالحياة مما يجعله من أهم الوسائل التى تساهم فى تنمية ذكاء الطفل وبناء شخصيته ، خاصة وأن الطفل مرتبط بشكل المسرح منذ سنوات عمره الأولى حيث يحول لعبه وعرائسه إلى ممثلون يقدم من خلالهم عرضا يكون هو مؤلفه ومخرجه ، وهنا تكمن علاقة الطفل المبكرة بالمسرح ، وتكمن أهمية مسرح الطفل.

وقد بدأ مسرح الأطفال فى مصر عام 1964متأخرا بسنوات عن نظيره فى أميركا وأوروبا والذى بدأ عام 1922 ، وقد حظىّ مسرح الأطفال بمكانة كبيرة ضمن أدب الأطفال فى مصر ومن أشهر المؤلفين الذي خصص عددا لا بأس به من مسرحياته للطفل هو الأديب كامل كيلانى وهو كاتب وأديب مصري اشتهر بأعماله الموجهة للأطفال وأطلق عليه النقاد لقب رائد أدب الطفل ويعد أحد أهم كًتاب هذا اللون الأدبي على المستوى العالمي، حيث تمت ترجمة قصصه الموجهة إلى الأطفال إلى العديد من اللغات الحية منها الإنجليزية والفرنسية والإسبانية بجانب اللغتين الروسية والصينية، وقد ألهمت مؤلفات كيلاني عدد غير قليل من كتاب أدب الطفل حول العالم..

ويعد الفنان حسن يوسف مدير عام المسرح القومى للأطفال واحدا ممن حملوا على عاتقهم تقديم عروض مسرحية ترقى بثقافة الطفل سواء أكان ممثلا أو مخرجا أو مديرا ..

* كيف بدأت تجربتك مع مسرح الطفل؟

** تجربتى مع مسرح الطفل بدأت قبل تخرجى من المعهد حيث كنت أقدم عرضا بعنوان “طقطق طاقية” مع الفنان الراحل سيد راضى ومن وقتها أصبحت عاشقا لهذا المسرح ، خاصة وأننى كنت أقوم بإخراج عروض أطفال لمركز شباب الساحل ، وظللت لأكثر من ثلاثون عاما أقدم تلك العروض وكنت أحصل دائما على المركز الأول على مستوى الجمهورية من خلال تلك العروض ، ومن خلالها أيضا أخرجت لمسرح الطفل عندا شاهدنى الفنان محمود الحدينى والدكتور محمد أبو الخير مدير مسرح الطفل فى هذا الوقت وكانا ضمن لجنة تحكيم فى مسابقة حصلت فيها على المركز الأول ، فسألنى الفنان محمود الحدينى أين أنت من مسرح الدولة فقلت له أننى معين فى مسرح الطفل فقال للدكتور أبو الخير هذه طاقة إخراجية هامة يجب استغلالها لديكم ، ومن وقتها أصبحت مخرجا محترفا من خلال عروض الهواة التى كانت كلها مع الأطفال.

* ماهى الشروط الواجب توافرها فيمن يقدمون عروض مسرح الطفل ؟

** مسرح الطفل يحتاج إلى نوعية خاصة لكل من يعملون به بدءا من المؤلف إلى المخرج إلى الممثل ومرورا بجميع صناعه من فنانين وفنيين ، فالطفل عالم يختلف عن عالم الكبار ، ولابد أن نكون دارسين لكل ما يحبه الطفل وما يقبل عليه ، ألوانه المفضلة ، طريقة الكتابة له حيث يفضل الطفل الجمل القصيرة ، ويحب وجود الأغاني والاستعراضات بكثرة في عروضه ، والطفل رأيه قاطع عندما يعجبه عرض أو لا يعجبه ، وصانع مسرح الطفل مثله مثل طبيب الأطفال وطبيب الكبار ، فالكبير يخبر الطبيب بشكواه ، أما الطفل فيكتشف الطبيب مرضه بنفسه.

* كيف استطعت التغلب على مشكلة التسويق والإقبال الجماهيري؟

** استعنت بقسم العلاقات العامة فى التواصل مع الجمهور ولجأت إلى أخذ أرقام تليفونات أولياء الأمور ، وعندما يكون هناك عرض جديد نقوم بالاتصال بهم واخبارهم بمواعيد العرض وهم فرحوا جدا بتلك الخدمة ، وأصبح لدينا جمهور دائم وهناك من يأتي لمشاهدة العرض أكثر من مرة ، والحمد لله لدى 1000 اسم أصبحوا أحد أهم مصادر التسويق والدعاية للعروض.

* ماهو الفارق بين مسرح الطفل ومسرح العرائس وهل توجد منافسة بينكما؟

** الفارق هو أن معظم عروض مسرح العرائس تعتمد على “الماسكات” والدمى ، أما عروض مسرح الطفل فتعتمد بشكل أكبر على العنصر البشرى ، وأحيانا قليلة نلجأ للماسكات أو خيال الظل ، ولكن الأساس لدى هو التمثيل البشرى ، ولا توجد أى منافسة بين المسرحين فهما يحققا نجاحا جماهيريا ، والميزة أن تذاكرهما أقل من المسارح الأخرى ، وما يهمنى هو أن مسرحى يحقق “كامل العدد” يوميا ، وأضطر أحيانا للاستعانة بمقاعد اضافية نظرا للإقبال الشديد ، فأنا لا أنافس سوى نفسى.

* تجربة عرض “سنو وايت” الذى يعرض حاليا .. كيف بدأت؟

** الفكرة بدأت عندما عرض علىّ المخرج محسن رزق النص ، وقال لي أن الفنانة مروة عبد المنعم ستكون بطلته وكنت قد تعاملت معها من قبل من خلال عرض “الجميلة والوحش” ، وقرأت الورق وأعجبني فاتصلت بالأستاذ إسماعيل مختار رئيس البيت الفني للمسرح وحدثته عن العرض وفكرته وكان هو يريد أن نقدم عرضا من هذه النوعية ، فطلب منى أن نبدأ فى إعداد الميزانية وكان هذا أسرع عرض تمت الموافقة عليه منذ أن توليت إدارة المسرح ، والحمد لله نجح العرض كثيرا وحقق أعلى الإيرادات .

* أيهما يهمك أكثر الإنتاج بشكل دورى أم تقديم عروض جيدة تعيش مع الطفل؟

** لا يهمنى على الإطلاق تقديم رواية كل شهر بدليل أننى فى احدى السنوات قدمت عرضا بعنوان “أكشن” إخراج عادل الكومى وظل موجودا طوال العام تقريبا ونستعد لإعادة عرضه خلال الفترة القادمة، فطالما أن العرض ناجح والجمهور مقبل عليه ويحضرون لمشاهدته أكثر من مرة فلماذا أنهى

* عملك كمدير لمسرح الطفل .. هل عطلك عن التمثيل والإخراج؟

** عطلني كثيرا ، وهذا ضايقني لأنني أولا وأخيرا فنان متعتي الحقيقية لا أجدها سوى في الوقوف على خشبة المسرح ، لكن هذا المكان أعطاني الكثير وتبناني بعد تخرجي من المعهد، وأرى أن له حق علىّ يجب أن أرده.

* ما هي أبرز العقبات التي تواجهك كمدير لمسرح الطفل؟

** العقبات الإدارية .. وكذلك النظرة المحدودة لمسرح الطفل ، واستكثار ميزانيات العروض على مسرح الأطفال ، مع أننى يجب أن تكون ميزانيتي أكبر من ميزانيات المسارح الأخرى ، فأنا لدى عنصر الإبهار شيء أساسى ، فلا يصح أن أقدم عرضا عن الفضاء بينما الديكور ضعيف ولا يفي بالغرض ، فعنصر الإيهام والإبهار ضروري جدا فى عروضي وهذا مكلف ، ويكفى أننى لا أمتلك الأجهزة المتطورة والحديثة ، فعلى الأقل لا يكون هناك بخل فى الميزانية ، ونحن نتكلم دائما عن أهمية مسرح الطفل والمفترض أن ينفذ ذلك على أرض الواقع ، فأنا المكان الوحيد الذى يتعامل مع الأطفال وتنمية مهاراتهم وقد حرصت على إقامة ورشة لتعليم الأطفال فنون المسرح ، فنحن فى حاجة إلى اهتمام أكبر وإلقاء الضوء من خلال الصحافة والإعلام والنقاد ، فكما نعلم أن الحركة النقدية يجب أن تكون مواكبة للمسرح ، فأنا أرى أن إثراء الحركة النقدية لعروضنا ستكون سببا فى إنعاش المسرح القومي للأطفال.

* لماذا لم يعد هناك استعانة بنجوم الصف الأول فى عروض مسرح الطفل ؟

** هذا راجع إلى النظرة المحدودة من بعض الفنانين بأنه لو مثل للطفل فإن ذلك إقلال من شأنه ويحضرنى هنا موقف لأحد النجوم الذى كنا نستضيف عرضه لدينا ولم تكن من إنتاجنا ، وفوجئت برئيس البيت الفني للمسرح يطلب من الموظفون إزالة اسم المسرح أو تغطيته لحين انتهاء عرض ذلك النجم ، فأبديت اعتراضي الشديد وأبلغت رئيس البيت بأنني لن أمحو هويتي من أجل عرض أستضيفه وهو شرف له أن يعرض لدى فقد عرض لدى عبد المنعم مدبولى ومحمد عوض وسعيد صالح وأمين الهنيدى ولبلبة وصفاء أبو السعود وأخرج لى عمالقة ، وأصررت على عدم رفع اللافتة من على المسرح.

* كيف رأيت مسألة حجب جائزة أفضل مؤلف فى منافسات المهرجان القومي للمسرح؟

** هذا الأمر لم يكن صحيحا بالمرة ، فإذا كانت اللجنة قد رأت أن الجميع سيئون فعلى الأقل أمنح الجائزة لأفضلهم بدلا من حجبها ، لأن الحجب عملية قاسية جدا لأنها تؤثر في نفسية الكتاب الشباب ، فكيف لعرض أن يتم منحه عدة جوائز ولا يمنع جائزة أفضل نص ، فهل كل شيء بالعرض جيد والورق سيئ ! ، هذا أمر غير موضوعي ، فأنا أعرف المخرج المتميز من خلال اختياره لورق جيد .. على الأقل كان يتم منحهم شهادات تقدير ، فكيف يكون هناك مؤلف جيد جدا ومشارك بعرضين وعروضه حازت جوائز بينما لا يمنح جائزة التأليف ، على أقل تقدير كان يجب أن ينال جائزة عن فكرة عرض “سينما 30” فهى فكرة رائعة وغير مسبوقة فى أن تقدم عرضا على المسرح أبيض واسود وينال إعجاب الجمهور والنقاد ثم لا ينال جائزة فهذا ما لا استطيع استيعابه.

* وأخيرا ماهى أمنياتك لمسرح الطفل؟

** أتمنى له التطور والازدهار ، وأتمنى إقامة مهرجان أو أكثر لعروض الأطفال ، فمن العيب أن تسبقنا الدول العربية فى ذلك ونحن أصل المسرح ، وأتمنى أن يتم تصوير عروض مسرح الطفل وعرضها تلفزيونيا، فهذه هى الطريقة الوحيدة لنشر مسرح الطفل ، ومن ضمن أمنياتي أيضا إصدار كتاب عن المسرح القومي للأطفال يجمع أسماء المديرين والعروض وأبطالها وتاريخ إنتاجها ومدد عرضها وأحاول أن أنجز هذا الكتاب قبل خروجي للمعاش.

موقع: المسرح نيوز

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *