الفنان المسرحي الكويتي عبد الله التركماني: المسرح هو السؤال الأكبر الذي نقدمه للجمهور

 

 

 

 

بضحكته الواسعة التي تملأ المكان بأي مهرجان مسرحي يتواجد فيه، ندرك مباشرة بأن هناك مسرحاً كبيراً داخل روحه الخفيفة، وحين نرى ما يقدمه على الخشبة، إن كان ممثلاً أو مخرجاً، ندرك من أين أتت هذه الضحكة الواسعة. عبد الله التركماني، الممثل والمخرج الكويتي، أبهر الجميع داخل الكويت وخارجها، بإبداعه المسرحي، ونال العديد من الجوائز مخرجًا كان أم ممثلًا، آخرها الجائزة الذهبية لأفضل عرض مسرحي في مهرجان الأردن الدولي، عن مسرحية “عطسة” التي كان مخرجًا لها.
وتعاون مع خريجين جدد من كليات الفنون، وشارك بها في مهرجانات محلية ودولية عديدة.

“سيدتي نت” التقى التركماني، وأجرى معه هذا الحوار، الذي حدثنا فيه عن علاقته بالمسرح “أبو الفنون”، وعن رؤيته الخاصة للخشبة.

* أين ترى المسرح الكويتي عمومًا في السنوات الأخيرة، وإلى أين تراه يمضي بتطوره؟
المسرح الكويتي حاليًا يعيش واحدة من أفضل مراحله وحالاته، وفي السنوات الأخيرة كنا موفقين بتقديم تجارب مختلفة تحتاج إلى وقفة مطولة، وليس فقط في مجال المسرح، إنما في مختلف المجالات الفنية، من الدراما والتلفزيون والسينما والفن التشكيلي، وعلى وجه الخصوص على صعيد المسرح الذي يشهد تطورًا واضحًا.

ويُحسب لبلدي الكويت أن هناك مهرجانات مسرحية على طوال العام، نرى خلالها العديد من التجارب المختلفة، ونرى العديد من الفنانين الشباب القادرين على صنع نقلات نوعية في المسرح المحلي والعربي، وتطور المسرح الكويتي يسير بشكل متصاعد وسريع، وأنا شخصيًا أتمنى أن يظل هذا التطور مستمرًا، وقد يتمنى الفنان أن يمتلك الدعم الكافي مثل دور العرض والمسارح، ولكن بالمقابل من المهم أن لا نمتلك هذه المسارح ولا نمتلك فنانين.

ومن الأدلة على هذا التطور المسرحي، أنه في مسرح الطفل مثلًا، يتم تقديم أكثر من 25 عملًا مسرحيًا تلقى جميعها نجاحًا جماهيريًا، بالإضافة إلى أن المعهد العالي للفنون المسرحية يقدم في كل عام أعدادًا جديدة من الخريجين في مختلف مجالات المسرح والسينما والتلفزيون.

* هل مسرحية “عطسة” تجربتك الإخراجية الأولى، وكيف تصفها، خاصة العمل مع ممثلين شباب تجربتهم المسرحية متواضعة؟
مسرحية “عطسة” هي التجربة الإخراجية الثالثة لي على المستوى الشخصي، أولى هذه التجارب كانت مسرحية “مندلي” تأليف المسرحي جواد الأسدي، والتي شاركت بها في مهرجان الهيئة العربية للمسرح بدورته الثامنة، والثانية كانت مسرحية “شياطين ماكبث” والنص الأصلي لويليام شكسبير، وكانت من إعدادي وإخراجي الخاص، وشاركت بهذين العملين بمهرجان الشباب المسرحي في الكويت.

أما بالنسبة لمسرحية “عطسة” فأصفها بأنها تجربة جنونية، كنت أحاول من خلالها أن أتحدى فكرة الإختلاف وأبحث فيها عن التجدد والحل السهل البسيط والمبتكر الذي يترك تغييرًا صوريًا بين ثانية وأخرى، يجعل الجمهور متعلقًا ذهنيًا وبصريًا بما يحدث أمامه على خشبة المسرح.

زدّ على ذلك أنها تُعَد العمل الأول لمجموعة الممثلين الشباب الذين لديهم تجارب بسيطة سابقًا، باستثناء عبد العزيز النصار، الذي أتنبأ له بمستقبل باهر بالمسرح والتلفزيون، والذي له تجربته الخاصة في المسرح الكويتي، إذ تمكن من أن يضع اسمه في الوسط المسرحي بشكل واضح، وأنا راهنت على هؤلاء الشباب، وقدمتهم بهذا العمل، وأرى بأنني كسبت الرهان بهم، لما قدموه من أداء مميز في العرض.

هذه التجربة، كانت مختلفة وعصارة أعوام من التفكير والكتابة والعمل، والبحث والنقاش الدائم مع المؤلف محمد المسلم، الذي ساعدني للغاية في حل شيفرات البحث عن شكل ومضمون العمل حتى خرج كما تم تقديمه على خشبات المسارح.

* ما الذي يميز هذه التجربة الجديدة عن سابقاتها؟
برأيي هناك الكثير من الأمور التي تميز مسرحية “عطسة”، أولًا طابعها الكوميدي، فأنا من خلال مشاركاتي السابقة في المهرجانات المسرحية، عُرف عني الطابع الجدي المخالف لما قدمته بهذا العرض، وكانت المفاجأة في مهرجان الشباب المسرحي في الكويت والذي قدمت فيه العرض الأول من مسرحية “عطسة”، أن التركماني يقدم عرضًا كوميديًا بعكس عادته، عرضٌ يعتمد على النكتة والموقف والكوميديا السوداء التي تحتوي على عمق درامي ومعاناة إنسانية بالوقت نفسه، أما الأمر الآخر الذي يميز هذه المسرحية أنه يشاركني بها ممثلون شباب لديهم تجربة بسيطة، ويبحثون عن الفرصة المناسبة حتى يُظهِروا مواهبهم وإمكانياتهم، فأحببت أن أقيم رهاني على هذه المجموعة من الشباب، وليس على ممثلين محترفين ومتمكنين.

على جانب آخر هذه التجربة بالتحديد كانت حلماً لديّ، وكانت نتاج ورشة كتابة نصّ في المجلس الوطني الثقافي للفنون والآداب، بيني وبين الدكتور حمدي الجابري.

* حدثنا عن تجربتك بمسرحية “عطسة” وعن شعورك بالفوز بالجائزة الذهبية؟
مسرحية “عطسة” تجربة ملامسة للغاية للواقع الذي نعيشه، حيث أننا قد نصل بمرحلة ما، أن تكون حاجاتنا اليومية محكومة من أيدي أخرى، مثلًا من المدير أو رب العمل أو المسؤول، من أحد آخر متسلط قد يصل إلى مرحلة يقتل فينا طبيعتنا وفطرتنا التي تتجاوز الحاجات اليومية، وصولًا للصدق والحب والأمانة والقيم الأخرى المشابهة، والتي تُقتل داخلنا بسبب هذه الأيادي التي تطال الروح الإنسانية فينا.

أما بالنسبة إلى شعور الفوز بالجائزة الذهبية في مهرجان الأردن المسرحي، فقد كان غامرًا بالفرح، لكنه بالوقت نفسه كان شعورًا بالمسؤولية الكبيرة، لأنني لا أمثل نفسي فقط، فأنا أمثل وطني، أمثل الكويت، والحمد لله، فهذا الفوز لم يأتِ من فراغ، بل أتى من جهد طويل ودؤوب مع الممثلين الشباب الذين عملوا معي على العرض، فلقد عملنا معًا طوال 48 بروفة، بما فيها العروض الرئيسية للمسرحية في الكويت وخارجها، ومشاعر الفوز هذه تجعلني أحترم جميع فريق العمل، وأحترم الجهد الذي بذلوه معي.

هو شعور رائع أن يحصل المرء على هذا التقدير، والذي تراه وتتلمسه من جميع الفنانين والحضور، خصوصًا بأن هذا العرض، كان أقرب إلى الجمهور البسيط الذي يبحث عن المتعة والتأثير حتى نصل إلى مرحلة “الفرجة”.

* إلى أي مدى ترى بأن المهرجانات المسرحية العربية والدولية قد تضيف إلى تجربة الفنان المسرحي؟
المهرجانات العربية والدولية كثيرة ومختلفة في جميع الدول، ومن بينها الدول الخليجية، وأرى بأن الأمر الرئيسي الذي تضيفه هذه المهرجانات للفنان، هو التعرف على معالم وأفكار وحلول جديدة، والإحتكاك مع الفنانين الآخرين، وخلق مساحة تنافس مختلفة بينهم، وصنع أصدقاء قد يكونون شركاء محتملين في أعمال مسرحية قادمة، بالإضافة إلى التبادل الثقافي والتعرف على الثقافات المختلفة.

هذا الأمر يصل بالفنان إلى مرحلة النضج والعمق الفكري، ويترك مساحة شاسعة للتفكير والتجوال في الخيال، وبهذا البحر الكبير الذي لا ينضب من الفن، ونحن نسمي المسرح بـ”أبو الفنون”، لأنه شامل لكل الفنون التي نعرفها، لذلك هذه التجارب مهمة للفنان المسرحي، لأنها تُنمي تجربته الخاصة، وتترك عمقًا كبيرًا بداخله.

* هل قدم المسرح العربي أي اقتراحات إبداعية جديدة ومبتكرة في تجربته المعاصرة؟
نحن كفنانين مسرحيين عرب، نسعى لأن يقدم مسرحنا اقتراحات إبداعية جديدة، وقد نلاحظ هذا الأمر بالهيئة العربية للمسرح في إمارة الشارقة، بأنها دائمًا ما تبحث عن التجدد والمختلف، حتى يكون هناك تجربة عربية معاصرة، ويمكن أن نلمس ذلك بالأنشطة التي تقيمها الهيئة، إن كان على نطاق المسابقات أو المهرجانات أو ورش العمل أو الدراسات والأبحاث أو غيرها، ونتمنى تنفيذ هذه الإقتراحات على أرض الواقع، وتطبيقها بالمهرجانات المقبلة.

* هل أجابك المسرح عن أسئتك في الحياة… ؟
بالتأكيد، تمكن المسرح من أن يجيبني عن الكثير من الأسئلة، وبالنسبة لي، فإن المسرح بحد ذاته هو السؤال الأكبر الذي نقدمه للجمهور أو للمتلقي، وحالي كحال الجمهور، أبحث عن الأسئلة التي تستفزني للبحث عن الحلّ، فالمسرح عالم بحد ذاته، ولا يمكن تخيل حجم التغيير في المفهوم والثقافة الذي يمكن أن يحدثه المسرح، ومن الممكن أن نقوم بثورة على الظلم من خلال عرض مسرحي، فالمسرح سلاح كبير، وكما يُقال “أعطني مسرحًا أعطيك حضارة”، وبالنسبة إلى تجربتي الخاصة، فأنا دائم البحث عن أمور موجودة في حياتي حتى أقدمها على الخشبة بشكل فني راقي.

عبد الله التركماني في سطور
• حاصل على 15 جائزة بالتمثيل المسرحي.
• حاصل على جائزتين بالإخراج المسرحي.
• حاصل على جائزة بالإخراج السينمائي.
• حاصل على جائزة الدولة التشجيعية في مجال الفنون/ التمثيل التلفزيوني والسينمائي في الكويت.
• حاصل على امتياز بمرتبة الشرف بمجاليّ التمثيل والإخراج.
• تم اختياره ليكون من بين أفضل 8 مخرجين مسرحيين في العالم العربي بمهرجان المسرح العربي بدورته الخامسة.
• تم اختياره من بين أهم 16 شخصية في مجال الثقافة والفنون والآداب في الكويت ما بين العامين 2012 – 2014.

 

محمد المعايطة- http://www.sayidaty.net/

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *