«العربي للدمى».. دعوة لإنشاء دليل لتوثيق فنون العرائس

اختلف الباحثون المشاركون في ندوات المؤتمر الفكري المصاحب للملتقى العربي لفنون الدمى وخيال الظل، الذي نظمته بالقاهرة الهيئة العربية للمسرح، بالتعاون مع وزارة الثقافة المصرية، من 29 أكتوبر لـ4 نوفمبر، على حسم الخلاف حول المصطلحات المتداولة في فنون العرائس، وكشفوا عن معاناتهم بسبب ضحالة الدراسات المتخصصة في تاريخ وفنون العرائس في عالمنا العربي.

ناقش الباحثون في المؤتمر قضايا فن الدمى في 6 أبحاث تناولت عدة محاور: نشأة فن العرائس في ##مصر وبلاد المغرب العربي، وضبط المصطلحات ومفاهيم فنون العرائس، وتجارب عملية عن تحرير فضاء العرض، وجلسة خاصة مع رائد فن العرائس الدكتور ناجي شاكر، حول التصميم الفني والتقني في عالم العرائس، تحدث فيها عن تجربته، واسترجع بعض ذكرياته مع الراحلين الشاعر صلاح جاهين والموسيقار سيد مكاوي، خلال إعدادهم «الليلة الكبيرة»، ومرحلة نشأة مسرح العرائس المصري في بداية الستينيات.

كشف الدكتور سيد إسماعيل، أستاذ المسرح بكلية الآداب بجامعة حلوان، والرئيس السابق للمركز القومي للمسرح، في دراسته أن القاهرة عرفت فن عرائس الماريونت في مرحلة مبكرة للفكرة السائدة التي ترجعها إلى خمسينيات القرن الماضي مع زيارة فرقة (سانداريكا) الرومانية عام 1958، ثم تأسيس مسرح القاهرة للعرائس بمعاونة خبيرتين من هذه الفرقة.

ففي بحث بعنوان “البدايات المجهولة لمسرح العرائس في ##مصر” استبعد الجذور الأولى لفنون العرائس المصرية في العصر الفرعوني، وكشف أن القاهرة عرفت مسرح العرائس قبل الخمسينيات بعقود طويلة، موضحًا أن العروض الأولى لهذا الفن قدمتها 4 فرق أجنبية زارت ##مصر، وقدمت عروضها خلال القرن الـ19، وهي فرقة المستر هولدن الأميريكية عام 1890، التي قدمت عرضًا للعرائس الخشبية بدار الأوبرا الخديوية، شاهده الخديوي توفيق. ثم فرقة إخوان براندي عام 1897، وقدمت فقرات فنية على مسرح حديقة الأزبكية.

وأكد أثر هاتين الفرقتين في ظهور هذا الفن محليًّا، الذي انعكس في تقديم عروض محلية تحاكيها، ليظهر مسرح العرائس في ##مصر في هذه الفترة، ففي عام 1899، نشرت أخبار عن عرض تماثيل خشبية في تياترو أبي خليل القباني، على طريقة هولدن. وفي عام 1900، زارت ##مصر ثالث فرقة عرائسية اعتبرها الباحث الأهم ووصفتها الصحف حينها بالجوق الجديد السيموغرافي؛ لأنها كانت تُقدم مناظر سينمائية وفقرات الفنطوط -أي المساخيط الخشبية- قدمت أعمالها في تياترو السكاتنج رنج بالأزبكية. وفي عام 1929، زارت فرقة الجران جينيول الفرنسية القاهرة، وقدمت عروضها على مسرح الكورسال. وأوضح أن غالبية عناوين المسرحيات التي قدمتها تلك الفرق تشير بوضوح إلى توجه فن العرائس للكبار وليس للأطفال كما هو معتاد حاليًا.

ومن ##مصر إلى المغرب، استعرض الباحث المغربي رشيد المحجور، تاريخ فنون العرائس في بلدان المغرب العربي وليبيا وموريتانيا، مشيرًا إلى تشابه أوضاع فنون العرائس في بلدان المغرب العربي، وتعاني من عدم توفر الاهتمام الكافي بها، فيما عدا تونس التي اعتبرها النموذج والمثال.

 وقال: إن مسرح العرائس في موريتانيا مازال حديث النشأة لا يتعدى 15 عامًا ويعاني ما يعانيه المسرح عمومًا من عدم الاهتمام به، وهو ما يصح أيضًا على حال فنون العرائس والمسرح في ليبيا. أما في المغرب فتعود نشأته إلى الخمسينيات بالتزامن مع نشأة مسرح العرائس المصري، إذ تأسست أول فرقة وأول مدرسة للتمثيل تابعة لوزارة الشبيبة والرياضة سنة 1959، وقامت بجولات في شمال وجنوب المغرب، لكن نشاطها لم يزدهر بما يكفي؛ بسبب تأرجح اهتمام الدولة بدعم ودور فن العرائس.

وفي الجزائرارتبطت نشأة مسرح العرائس بمقاومة الاحتلال في فترة الاستعمار الفرنسي، وساهم في نشر الوعي الوطني في الأسواق والأماكن العامة، لكنه حوصر من سلطة الاحتلال لأكثر من خمسة عشر عامًا. وفي 1963 مع إنشاء المسرح الوطني الجزائري ظهر الاهتمام بمسرح العرائس، من خلال الورش التدريبية والعروض، وتذكر بعض الوثائق أن مهرجانًا انطلق في العاصمة الجزائرية شاركت فيه بعض الفرق من بينها “أصدقاء العرائس” التي تأسست عام 1964 من قِبَل مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الجزائري، وفرقة الشبيبة والرياضة التي تأسست سنة 1970.

أما في تونس فانطلقت منذ الستينيات أنشطة الفرق والمهرجانات، تدعمها وتشرف على رعايتها الدولة باعتبارها أحد آليات التنمية الثقافية، لتنبثق عنها في يناير 1967 منظمة مسرح الأطفال والدمى المتحركة وإرسال بعثات دراسية إلى تشيكوسلوفاكيا، ثم تأسيس فرقة مسرح العرائس 1977، وتواصل الاهتمام بإقامة المهرجانات وإنتاج العروض، وتأسست فرق عديدة لتمثل أحد عناصر نهوض الحركة المسرحية بشكل عام في تونس.

وفي جلسة تقييم ختامية قدم المخرج الدكتور عمرو دوارة، رؤية نقدية للأبحاث التي قدمت في المؤتمر وعدة توصيات، منها تنظيم مهرجانات وطنية لمسرح العرائس في كل دولة وتنظيم مهرجان عربي أكبر، ودعم إنشاء فرق محترفة في فن العرائس في كل الدول العربية، دعم البحث والنشر في مجال فنون العرائس وإصدار مجلة متخصصة. وأشار إلى ضرورة الاهتمام بالنظرة المستقبلية في الأبحاث التي تتناول فن العرائس، وطالب الهيئة العربية للمسرح الاهتمام بتبني مشروع دليل مصطلحات فن العرائس عربيًّا وإنشاء لجنة لإنجاز هذا العمل التوثيقي المهم.

انتصار صالح

http://www.elhadas.com/

 

شاهد أيضاً

وادي الذئاب تعيد للمسرح الصومالي حياته بعد ثلاثة عقود من التوقف

        وادي الذئاب تعيد للمسرح الصومالي حياته بعد ثلاثة عقود من التوقف …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *