ألبير كامو ومسرحه العابث

وضاء قحطان حميد – مجلة الفنون المسرحية

 

حياته *

“ولد عام 1913 في الجزائر وتوفي في 4 كانون الثاني عام 1960 في حادث سيارة “(1) .ولد في عائلة غنية ومع  ذلك فلم يحصل على تعليم ممتاز . طور مبكراً اهتمامه  في المسرح  وفي سن الثانية والعشرين عمل مع فرقة الهواة , وفي بداية الحرب عمل بمختلف الاعمال بما فيها الصحافة ” (2) .

كما هوى الرياضة  فلعب كحارس مرمى  للمنتخب  الفرنسي  , كما انه  اعجب بالافكار الماركسية  فانتمى فترة من الفترات الى الحزب الشيوعي في فرنسا وتركه

بصورة سريعة . ” ذهب الى باريس خلال احتلال فرنسا للجزائر حيث ولد في مدينة

قسطنطينة الجزائرية ” (3) .

وبدأ في  الكتابة في اواخر الثلاثينات وفي الحرب برز في روايته  الغريب عام ( 1942) بمقالة( اسطورة سيزيف ) . “وفي عام  (1942) مهدت هذه الاسطورة 

لللامعقول كمصطلح استخدم أخيراً لوصف مدرسة كاملة من الدراميين هي مسرح 

أو مدرسة اللامعقول ” (4) .

اسطورة سيزيف * 

“تتلخص اسطورة سيزيف  بوجود رجل يدعى سيزيف يدخل الى مكان مغلق  بواسطة

حجارة , وهو يحاول دفع الحجارة كل يوم حتى يخرج كعقوبة من الالهة , وكلما يدفع

الحجارة تعود لمكانها  , وتتمثل هذه الاسطورة ( اسطورة سيزيف ) وفكرتها بالبحث

عن بارقة أمل من أجل العودة الى الحياة وممارسة العمل  وممارسة الحياة اليومية 

الاعتيادية  والتمسك بالامل مهما كان الامل ضعيفاً  , فربما يكون هناك ضوء في نهاية

النفق ” (5) .

فلسفته  * 

ان فلسفة (ألبير كامو) تتضح من خلال مسرحياته وهو لم يكتب طيلة حياته الا أربع 

مسرحيات ورواية واحدة , ومسرحياته ( سوء التفاهم ) عام 1944 و ( كاليجولا )

عام 1938 و(حالة طوارىء ) 1948 المأخوذة من روايته  ( حالة حصار ) و

( العادلون ) عام 1949″  وقام بأعداد الكثير من الاعمال ومع ان كامو اختلف مع 

(سارتر ) في تسميته  وجودياً فقد بقى رديفاً لسارتر “(6) .

ان الانسان بالنسبة له يعيش في عالم غير معقول ” فالعالم الذي لا يمكن تفسيره 

حتى مع الاسباب السيئة عالم مألوف , ومن جهة ثانية ان الانسان يعيش في عالم

تسكنه الاوهام ويشعر بأنه مغرب وغريب , وان عزلته بلا علاج طالما انه محروم

من ذكريات الوطن الضائع أو أمل الارض الموعودة ” (7) .

هذا الطلاق بين الانسان وحياته هو الشعور بالعبث واللامعقولية .

ويوضح ( كامو ) “بأن اللامعقولية تنتج من الهوة بين الرغبة الانسانية الكامنة نحو الوضوح والنظام من جهة ولامعقولية الذي يعيش فيه الانسان مع غيره ” (8) .

فما هو اللامعقول ممهد للمواجهة بين حاجة الانسان وصمت العالم غير المنطقي 

والتطلع الى الوضوح اللامعقول وهو مولود من هذه المواجهة  بين حاجات الانسان

والصمت اللامبرر للعالم ” (9) .

ويرفض ( كامو ) الانتحار كأجابة ويناقش بحيث ان الشوق للحياة هو في حد ذاته

جدل في ان للحياة قيمة .

” ثم يناقش بانه طالما للحياة ذات قيمة على الانسان ان لا يذعن للامعقول بل ان 

يتجاوزه لخلق نظامه الخاص داخل فوضى محيطه , فهو مثل( سارتر ) يصل الى

نتيجة هي : ليس هناك من مطلق وعلى الانسان ان يضع مصيره بالاختيار والفعل

ففي مسرحيته الاولى ( كاليجولا ) والثانية ( سوء التفاهم ) فقد حول الوضع اللامعقول

والانسان اللامعقول الى دراما ” (10) .

بعد ان اكتشف ( كامو ) ان البشر يموتون وهم غير سعداء , فان ( كاليجولا) لا ييأس

بشأن الحاجة الى شيء من المطلق ويقرر ان ينشده بواسطة القوة وهي مشابهة لفلسفة الالماني ( نيتشة ) ارادة القوة , ان عدم الامان هو الذي يقود للتفكير , فعندما يعيد 

الناس تقويم وجودهم يمكن أن يقرروا قيمة الحياة أو الموت فليس لهم اختيار كفلسفة

شكسبير في ( هاملت ) حينما يقول أكون أو لا أكون أو كائن انا ام غير كائن , ففي

مسرحية ( العادلون ) تتشكل أفكار ( كامو ) عند حدود الثورة اساسا لموضوع 

المسرحية . “اذ يستخدم ( كامو ) أمثلة حقيقية أصلية لنشاطات الثوريين الروس عام 

1905 , عندما يفشل البطل في مسرحية ( العادلون ) ( كالييف ) في القاء قنبلة على

عربة الدوق الكبير ( سيرج ) خشية ان يقتل معه طفلين فانه يعاقب من قبل الثوري

المتطرف ( ستيفان ) حيث يقول : ( ما قيمة ابناء اخ الدوق الكبير تجاه ملايين من 

الاطفال الروس الذين يموتون في الايام القادمة وعندما ننسى الاطفال عند ذلك سنصبح

سادة العالم وستنتصر الثورة ويوضح ( كالييف ) ان سبب العدالة يعرف بوسائل 

العدالة , واخيراً فهو يقتل الدوق ويتحمل المسؤولية والنتيجة على فعلته هذه ” (11).

كما ان فلسفة ( كامو ) بان السعادة لا تتحقق الا بالموت وان اركان العالم هي الموت

والقتل والاخطاء المؤلمة . اذن المسرح الوجودي حيث انه استقى مسرح اللامعقول 

بعض مصادره وظهرت بدايات هذا المسرح في فرنسا وانتقلت الى باقي انحاء العالم

ومن أشهر كتابها ( بيكيت ويونسكو وجينيه واداموف وآلبي ).

تحليل أحد مسرحيات ( كامو ) مسرحية ( سوء التفاهم ) 

ملخص المسرحية أن هناك ام وابنتها  وابنها , الام والبنت تسافران من اجل العمل 

ليفتحا فندقاً , لكن الام والبنت عندما ترى شخصاً يرتاد الفندق وهو شخص يمتلك مالاً وفيراً فان الام والبنت يعمد لقتله واخذ ماله وهكذا استمر القتل للضيوف النازلين في هذا الفندق وكانتا عندما تقتلان الشخص تتخلصا من الجثة بالقاءها في النهر , وفي أحد

الايام اتى شخص شاب ذو هيئة يبدو عليه انه من الاغنياء الى الفندق, فتقرران الام والبنت  بان تقتلا هذا الشاب وتأخذا ماله ولكن عندما فتشتا ملابسه  وجدا ورقة باسمه

وعمله وهنا حدثت الصدمة والمفاجأة للام والبنت وعندما قرأتا اسمه اكتشفوا بان هذا

الشخص هو ابن هذه المراءة وان المراءة الاخرى هي اخته فتندما على فعلتهما وهكذا

تنتهي هذه المسرحية بهذه النهاية المأساوية .”فلسفة ( كامو ) تتلخص بانه كان يكتب

مسرحيات لا معقولة ومسرحيات اخرى عبثية , وعاش كامو حياة قصيرة فقد توفي

في حادث سيارة وهو لم يتجاوز الخمسين من العمر”(12) . 

مسرحياته *

1_ مسرحية  كاليجولا ( 1938) مسرح عبث .

2_ مسرحية سوء التفاهم ( 1944) مسرح عبث .

3_ مسرحية حالة طوارىء أو تسمى حالة حصار ( 1948) مسرح لا معقول .

4_ مسرحية العادلون ( 1949) مسرح لا معقول .

” حيث ان النمط الاول من مسرحياته ينتمي لمسرح العبث والنمط الثاني من مسرحياته

تنتمي لمسرح اللامعقول ” (13) .

ان ( كامو ) تتارجح كتاباته بين عبث الاسطورة واسطورة العبث .

رواياته * 

ان اهم رواية له هي ( الطاعون ) وحولها الى مسرحية  (حالة طوارىء ) التي تحكي

هذه المسرحية عن وباء الطاعون الذي يصيب المدينة , فيلجأ السكان الى البحر وعن 

طريق البحر يأتي المرض عن طريق الجرذان الموجودة في السفن , فيظهر شاب يصيبه الوباء لكنه لا يستسلم ويحاول انقاذ المدينة فيمتلك هذا الشاب اصرار وقوة

وعزيمة من اجل انقاذ المدينة .

اما مقالاته فهي : 

1_ اسطورة سيزيف ( 1942) .

2_ رسالة الى صديق الماني ( 1943) .

السقطة ( 1956) .

4_ المنفى والملكوت ( 1957) ” (14) .

قائمة المصادر 

1_ مقدمة مسرحية سوء التفاهم , كامو , ترجمة : د. سامية أحمد

2_ د. سامي عبد الحميد , اكتشافات المسرحيين في القرن العشرين , ص240.

3_ مقدمة مسرحية كاليجولا , ترجمة : علي عطية , ص15 .

4_ مقدمة مسرحية كاليجولا , المصدر نفسه , ص17 .

5_ د. سامي عبد الحميد , المصدر نفسه , ص 240.

6_ يوسف عبد المسيح ثروت , دراسات في المسرح المعاصر , ط2, 1985,ص5.

7_د. سامي عبد الحميد , المصدر نفسه , ص240.

8_ المصدر نفسه  , ص241 .

9_ المصدر نفسه , ص241

10_المصدر نفسه , ص242.

11_ مقدمة مسرحية العادلون , كامو , ترجمة : عبد المنهم حنفي , ص13 .

12_دز نزار عيون السود , دراسات في الادب والمسرح , ط2, 1988, ص205_208.

13_ مقدمة مسرحية حالة طوارىء , كامو , ترجمة : د. كوثر عبد السلام ص9_ص11.

14_ ينظر : د. نزار عيون السود , المصدر نفسه , ص205_206.

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *