المعابد الفرعونية حاضنة المسرح في مصر القديمة

355

هذا الكتاب الذي أصدره «إتيين دريوتون» تحت عنوان «المسرح المصري القديم» وترجمه إلى العربية د. ثروت عكاشة ، حصيلة لبحوث من سبقوا من علماء الآثار المصرية، وكلها يثبت أن المصريين القدماء عرفوا الدراما بمعاييرها التي يجب أن تتوافر في العمل الدرامي، فهناك كراسات خاصة بالمخرجين المسرحيين منذ الدولة القديمة، تشرح بالتفصيل الخطوط الرئيسية للعمل الدرامي في شكل سرد للأحداث مع ملاحظات عملية وضعت إلى جوار موجزات لحوارات الممثلين.
وقد شهدت مصر آنذاك نوعين من العروض المسرحية، اتخذا سبيلين مختلفين لا يمكن الخلط بينهما، هما الحفلات الطقسية، والدراما الدينية، وكانت الأولى يقيمها الكهنة في المعابد، وقد يشارك فيها النظارة، ولم يكن لها من الدراما إلا الأداء، وما بعد هذا فإيماءات وحركات شعائرية، تصاحب المشاهد المسرحية في تسلسلها، وأقوال تضفي على هذه الطقوس ثوباً أسطورياً، تصلح لأن تكون دراما فكرية .
أما المسرحية الدينية فكانت مسرحية حقاً بمدلولها الذي نعرفه اليوم، تحاكي فيها المحاكاة كلها أحداث الماضي بصورها أو كما تتخيل، كما يعتمد فيها على الأشخاص والحركات والحوار، وليس ثمة رموز يقصد بها إثارة إيحاءات معينة، لهذا كانت عرضا مسرحياً لا عرضاً طقسياً.كتب «دريوتون» هذا الكتاب لصفوة من علماء الآثار، وقد تأثر فيه بمذهبه الكاثوليكي بشكل كبير، لذا اصطبغ الجانب الأكبر من الكتاب بصبغة دينية، وتتصل جميع المصطلحات بالشعائر والطقوس، والمسرحيات الدينية تكاد تكون هي المصطلحات نفسها المتصلة بالاحتفالات وفروض العبادات الكاثوليكية، وهنا يقول د. عكاشة: «لعل من بين الأمور التي تجعلنا نشك في وجود مسرح في مصر القديمة هو صمت النصوص المعاصرة في ذلك العهد عن هذا، ثم خلو اللغة المصرية القديمة من كلمات ذات دلالة على التمثيل والمحاكاة، هذا إلى جانب أنه ليست بين تلك الإشارات الخاصة بأصحاب المهن، سواء منها المنقوشة على النصب أو المدونة في البرديات الرسمية، إشارة إلى الفنانين الذين يتصلون بهذه المهنة».
لعل فقداننا مثل هذه الإشارات مرده إلى أن الكشف لم يستوعب بعد، فكم من أشياء ذهبت بها الأيام، وكم من أشياء لم يهتد إليها، أو لعل مرده إلى أن بعض الممثلين في مصر القديمة كانوا جماعات من الدهماء، حظهم مثل حظ المهرجين والراقصين والموسيقيين وغيرهم ممن عاشوا على ترفيه الناس والترويح عنهم، ولم تكن لهم مكانة مرموقة، وقد وجد في «إدفو» نصب صغير، يرجع تاريخه إلى أوائل الأسرة الثامنة عشرة، وكان هذا النصب لواحد من أولئك الممثلين، دفن هناك، وعليه حياة صاحب المسرحية. –

http://www.alkhaleej.ae/

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *