أخبارنا

الفائزون المصريون بجوائز نصوص الطفل.. الهيئة العربية للمسرح منحتنا إحساسا بالانتماء ا

الفائزون المصريون بجوائز نصوص الطفل.. الهيئة العربية للمسرح منحتنا إحساسا بالانتماء ا

أعلنت الهيئة العربية للمسرح بأمانة الكاتب إسماعيل عبدالله أسماء الفائزين بجوائز مسابقة التأليف المسرحى الموجه للطفل والتى تم تخصيصها هذا العام لعنوان «أطفالنا أبطال جدد فى حكاياتنا الشعبية، وقد حصدت مصر المراكز الثلاثة للمسابقة، والتى من المنتظر تسليم جوائزها خلال فاعليات الدورة الـ16 التى تستضيفها مصر يناير 2026. وجهنا للمتسابقين الثلاثة أربعة أسئلة محددة، الأول يخص الجزء الذى شعر بأنه مقدس فى الحكاية الشعبية ولايجب كسره أو إعادة ابتكاره ليناسب طفل اليوم، الثانى عن الفارق بين الراوى والمستمع للحكاية قديما وحديثا، الثالث عن مفهوم البطل فى ذهن طفل القرن الـ21 هل هو الانتصار على التنين أم على الخوف بداخله؟ أما الرابع فهو عن اللحظة الخفية التى شعر المؤلف بأن النص تحول فيها من مجرد فكرة إلى عالم يعيشه الأطفال ويتنفسونه.. وجاءت إجابات الفائزين الثلاثة كالتالى..

بدأ عبد الحكيم محمود الفائز بالمركز الأول عن نص «محاكاة سيرة الزير» قائلا: الجزء الذى شعرت بأنه «مقدّس» ولا يمكن المساس به هو جوهر المأساة الإنسانية فى الحكاية.. قدسية القصة تكمن فى ألمها الحقيقى.. الحب الأخوى العميق بين الزير وكُليب، فجيعة الفقد، صراع الشرف، والمأزق المستحيل الذى وُضع فيه كل فرد.. هذا الألم هو ما جعل الحكاية تعيش لقرون، وتغييره يعنى تفريغها من روحها.. أما الجزء الذى كان يجب كسره فهو منطق «الحتمية» الذى يسود الحكاية التقليدية.. يبدو الثأر كأنه قدر محتوم لا فكاك منه، وهو الطريق الوحيد الممكن.. هذا ما أردت كسره لزرع فكرة «الاختيار» من خلال حوارات الطلاب، وتقديم مفاهيم مثل القصاص والدية والعفو، أن أقول لطفل اليوم إن هناك دائمًا أبوابًا أخرى يمكن فتحها.. ما أعيد ابتكاره هو الوعى الذى ننظر به إلى الأمور.

وأضاف: صوت الجد أو الجدة هو صوت الحكمة الآتية من الماضى، صوت يروى الحكاية كسلطة معرفية لا تُناقَش غالبًا.. أما المسرح، فهو فن الحوار والمواجهة.. استبدلت الراوى الواحد «الجد» بمجموعة رواة متصارعين «الطلاب».. لم يعد هناك راوٍ واحد يمتلك الحقيقة، بل أصبح كل طالب على الخشبة راويًا من وجهة نظره.. «سامى» يروى القصة من منظور الزير، و»كريم» يرويها من منظور جساس، و»دينا» ترويها من قلب جليلة الممزق.. أما المتلقى الطفل فقد أصبح القاضى.. يرى الصراع المتجسد أمامه، ويتحمل عبء التفكير وتكوين رأيه الخاص.

وعن مفهوم البطل قال: أعتقد أن الطفل يحتاج إلى كليهما، لكن البطل الذى يقتل التنين يمنحه متعة لحظية، بينما البطل الذى ينتصر على «التنين الداخلى» ــ خوف، غضب، كراهية ــ يمنحه أداة ليعيش بها حياته كلها.. فى نصى، الزير سالم هو نموذج للبطل الذى انتصر على كل التنانين الخارجية، لكنه هُزم هزيمة ساحقة أمام تنينه الداخلى.. فكرة الثأر التى استعبدت روحه.. البطل الغائب الذى أشار إليه الطلاب فى النهاية.. من يملك الشجاعة ليغفر، لينتصر على رغبته فى الانتقام، إنها دعوة للبحث عن شجاعة الانتصار على الذات.

وختم: لكل نص لحظة «سرية».. فى نصى تمثلت فى كتابة مشهد مواجهة الزير مع أخته.. من قبل كان الزير مجرد فكرة عن المنتقم الجبار، لكن فى تلك المواجهة، شعرت به لأول مرة كإنسان حقيقى.. لحظة تجمده، وعجزه عن قتلها، فى تلك اللحظة، ظهر الرجل المعذب تحت قناع الأسطورة.. تحول النص من مجرد بناء فكرى إلى عالم ينبض بالصراع والألم الحقيقى.

أما عن نص مسرحية «الهلالى الصغير» للكاتب محمد سرور الفائز بالمركز الثانى فى نفس المسابقة فقال: المقدس فى الحكاية الشعبية هنا ليس الحدث، وإنما أبطال السيرة الهلالية، وقيمتهم التاريخية والتراثية كرموز للفروسية العربية.. كان يجب أن يظل أبو زيد ودياب حاضرين بمهابتهما وشجاعتهما كأعمدة للنص، فى الحكاية الأصلية ينتهى الأمر بقتل البطل على يد صديقه بسبب الأطماع والفتنة، ورأيت أن ذلك أفضل جزء يجب كسره، وإعادة صياغته من مجرد صراع وجودى بين صديقين إلى مؤامرة خارجية تحاك من «ست الغرب»، وست الغرب هنا شخصية حقيقية فى الحكاية الأصلية ولعبت دورًا فعليًا فى الفتنة، ولكن السيرة لم تبلور ذلك الدور، وكان على بطلنا زيد الانتباه والالتفات إلى تلك التفصيلة والتى أعادت صياغة الجزء الأخير من الحكاية.

وعن التحول فى فكرة الراوى أضاف: تعاملت مع الراوى كجسر بين زمنين، ففى نص الهلالى الصغير الراوى ليس شيخًا حكاءً، بل كائن يعيش داخل الحكاية وخارجها فى الوقت نفسه.. يخاطب الطفل كندٍ، لا كمتلقٍ صغير، وأصبح المستمع (الطفل زيد) هو البطل والمحفز.. زيد هو طفل لديه ما يقوله ولا يعجبه ما يقرأ، فتم تحويله إلى بطل يقتحم القصة القديمة، وهنا يمكن أن نرسل رسالة إلى جمهورنا الصغير بأن دورهم ليس التلقى فحسب بل المشاركة والتساؤل والنقد، وأن قصصهم الشخصية لا تقل أهمية عن القصص القديمة.

أما مفهوم البطل فيقول عنه: فى رأيى الطفل العربى يعيش تحديات عصرية ضخمة، ويحتاج إلى بطل ينتصر على الأفكار الداخلية العميقة، فالتنين اليوم ليس كائنًا أسطوريًا، وإنما أصبح كائنا هلاميا من الأفكار الضبابية التى تواجهه مثل الخوف من التعبير عن الرأى والجمود والعنف، وتجسد ذلك فى النص من خلال السيف مقابل الذكاء، فبطلنا زيد هنا لايحمل سيفًا وأداته هى الذكاء وشجاعة التحدي، فى إثبات على انتصار العقل والتكنولوجيا على القوة العضلية المجردة.

ربما السر الصغير فى التحول الدرامى هو اللحظة التى استطعت فيها تجسيد صراع بين شخصيتين متعارضتين: دنيا زاد وحارسة الكتب، وبين كل ما يمثلان من رموز كصوت المستقبل وصوت الماضي، فدنيا زاد قررت ألا تكون مجرد أخت لشهرزاد وإنما راوية للحكايات التى ولدت من خيال الأطفال، هذا جعلها حافزًا حقيقيا يمنح زيد خيال المغامرة، وقتها شعرت بأن النص اكتسب جناحين، وأن لديه محركًا للطاقة الايجابية والتغيير.

وعن الفوز بالجائزة للمرة الثانية يختتم: حصلت على الجائزة المرة الأولى 2023 فرع الكبار عن «الفردوس الأحمر» وهذا العام فزت عن نص للأطفال؛ إنها علامة استمرارية ومسئولية، كما أنها دليل على شفافية ونزاهة الجائزة، أن تفوز بها مرة ثانية يعنى أن صوتك أصبح مسموعًا فى وجدان المسرح العربي.. الهيئة العربية للمسرح منحتنى إحساس الانتماء إلى مشروع عربى كبير يؤمن بأن المسرح هو بيت الإنسان الأول.

من جهته يقول هانى قدرى عن نصه «علاء الدين ومصباح صنع فى الصين» صاحب المركز الثالث: أنا لا أحبذ وجود الراوي، فالطفل مشارك فى الحدوتة وهو من يصنع التغيير، فالبطل هنا يسعى لحل أزمة النص بشكل مغاير عن الحكاية الأصلية فى «الف ليلة وليلة»، وهو أمر محبب لتلك المرة العمرية، وبالتالى لست فى حاجة إلى راوِ بل إلى بطل يتفاعل معه المتفرج الطفل ويصدقه، كما أنها تمنح الطفل فرصة للتأمل وسؤال نفسه: ماذا لو كنت مكان هذا البطل الصغير فى العرض؟

الجزء المقدس فى النص هو الصورة النمطية لأبطال القصص الشعبية مثل على بابا، سندباد، شهريار وغيرها، فهى محفورة فى أذهاننا من سنين طويلة، ولكن ما تم كسره بعض السلوكيات والمفاهيم الخاطئة مثل التواكل والاعتماد على السحر فى تحقيق الأهداف، والقتل.

أرى أن الأزمة ليست فيمن سينتصر عليه الطفل من كائنات خارقة ولكن الأهم هو كيف سيتحقق الانتصار؟ على التنين أو الخوف أو سلطة المجتمع بما يعوق تعبير الطفل عن أفكاره، فى ظل السوشيال ميديا، والمهم أن الانتصار يكون بالفكر وليس بالسيف فليست كل الحروب تدار بالسيوف، كما لابد أن تكون طريقة الانتصار مناسبة لبيئة الطفل ومعطيات عالمه.

فى معظم نصوصى لاتوجد لحظة تتحول إلى عالم حقيقى يعيش فيه الأطفال، لأنه من اللحظة الأولى للكتابة يكون النص قريبا من عالم الطفل من خلال صفات بطل النص الطفل وأن يشعر المتفرج بأنه يشبه البطل المحب للألعاب الالكترونية، والأخت المشاركة فى مسابقة المخترع الصغير وأجواء شهر رمضان وما إلى ذلك، فلو لم يشعر الطفل بذلك من أول لحظة لانفصل عنه. سعيد للغاية بفوزى بهذه الجائزة التى سعيت لها منذ عام 2018 عن نص محاكمة جدتي، فكل الشكر للهيئة العربية للمسرح.

 

 

إيمان إمبابى ــ نهلة عابدين
https://gate.ahram.org.eg/

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى