نقاش واسع يرافق مسرحية “ميت مات” للمخرج العراقي علي الزيدي : وائل بورشاشن

نقاش واسع رافق، مساء أمس الجمعة، الندوة التطبيقية لمسرحية “ميت مات”، لكاتب نصها ومخرجها العراقي علي الزيدي، بعدما عرضت في إطار الدورة الثالثة عشرة من مهرجان المسرح العربي، بالدار البيضاء.
بعد مداخلة الناقد السوداني السر السيد (المنشورة في هذا العدد) تحدثت الناقدة المصرية سامية حبيب قائلة إن العنوان مفتاح العرض، وعنوان المسرحية “ميت مات” حقيقة وتأكيد للحقيقة، وهو ما جعلها “لا تفاجأ بالعرض، فنحن نتفرج على موضوع منتهٍ، لا أمل، ولا انتظارات، ونعيد معايشة أزمة الشخصيات في انتظار ما لا يأتي”، وواصلت معلقة: “هذا أفقدنا متعة الحدث الذي يحصل في المسرح، وكأن المخرج أقفل سبل الاستفادة من ثيمة الانتظار، ولو أن الفكرة في ذاتها في منتهى الخطورة، ولا اعتراض لي عليها، ولكن أعترض على إيقاف أفق التوقعات منذ البداية”.
سعد عزيز ذكر أن ثيمة الانتظار “ليست ثيمة جديدة عند الزيدي، لكنّ هناك تحولا في هذا النص، فهو يقوض ثيمة الانتظار ويفندها، ولا يبحث عن تأكيد الانتظار من أجل الانتظار، ويبحث عن العمل، وتحول الشخصيات باتجاه زمن جديد”.
كاظم النصار دعا إلى عدم إهمال “تجربة الزيدي النصية”، وواصل: “هو في هذا النص يعيد الاعتبار في كل مرة للخطاب النصي الذي يبحث في تحولات الواقع العراقي وحتى العربي، علما أن هناك تحولات سياسية واجتماعية في عراق ما بعد الدخول الأمريكي في 2003 لا نراها، لكن نلمسها في نصوص الزيدي”.
وزاد النصار: “هذا النص لا يحتاج مشهدية بصرية عالية، بتركيباته اللغوية والفكرية. في هذا العرض نسمع جملا كاملة، تتحرك، وفيها بعد فكري. في هذا العرض تركيز عالٍ، ونحن أمام نسق أدائي مختلف قليلا، لا يستند على الحركة والاستعانة بالبصريات، بل يستند على الاشتغال من الداخل ليشد المشاهد، وهو ما أعطانا أداء صوفيا مكثفا، ودالا، وجديدا على الذائقة”.
الكاتب المسرحي سعد سعيد ذكر أن سينوغرافيا المسرحية ثابتة ومملة، لأن “الانتظار ممل”، وأضاف: “الإضاءة والسينوغرافيا وحركة الممثل فيها بطء، والعمل المسرحي يفرض ذلك، مما جعلنا نحس بتحايل المخرج علينا حتى ننتظر غودو أيضا.”
الناقد المغربي إدريس كسرى رأى أن “الموت قرار في هذه المسرحية، وليس قهرا بالمعنى الوجودي، فينبني الموت كقرار على كون الحياة مهزلة. وهو ليس موتا مكرورا، بل موت مبني على تصوُّرٍ للوجود والحياة والله والإنسان”. وأردف قائلا: “ينبني النص على مفهوم الغياب ولم ينه المخرج المسرحية، وتبَنَّى أنها ستستمر ألف عام آخر، عندما أدخَلَ عامل المتحف ليثبّت المسامير؛ إنه استمرار السؤال، استمرار مسمار القلق والانفصال”.
الناقد عبد الستار ناجي تحدث عن عمل “ميت مات” بوصفه مشبعا بـ”كمية غير اعتيادية من الأمل؛ فالتماثيل تحركت وراء الأمل، والأحاسيس كذلك، هذا الأمل في العراق له دلالات ومعانٍ كما في المغرب والصومال وكمبوديا وكل مكان، وهذا العرض حافز على التغيير.”
من جهته، تفاعل المخرج علي الزيدي مع المداخلات قائلا إن هذا النص “أهدأ النصوص التي كتبها على مدى أكثر من ثلاثين عاما”. واسترسل شارحا: “هذا نص يمتلك هدوءًا منطلقا من الصوفيات التي أعشقها، لذلك أميل إلى فكرة الأسئلة داخل النص والعرض، وبالنتيجة فإن الإجابة كمنتج للنص والعرض تذهب إلى أفق ضيق على وجه الدقة. لقد وجدت إجابات أفقها واسع في الطروحات المقدمة الآن”.
وشدد علي الزيدي على أن عرضه “يذهب إلى تقويض الانتظار وهدم فعل الانتظار”، ونبه إلى رسالته المتمثلة في كون “التغيير الحقيقي هو نحن، نحن من يخلق التغيير، ولا يمكن للآخر أن يجعل حياتنا على قدر كبير من الجمال ويغيرها.”

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش