“مهرجان لبنان الوطني للمسرح” ضوء في عالم مظلم – دارين حوماني #لبنان

     “المسرح هو علاج لأمراض المجتمع” يقول الكاتب المسرحي جورج برنارد شو، هي جملة تحاكي أهداف “الهيئة العربية للمسرح” التي يترأسها حاكم إمارة الشارقة سلطان بن محمد القاسمي وهو الحاكم الأول والوحيد الذي يترأس هيئة مسرحية في العالم العربي. بدعمٍ كامل من الهيئة وبتعاون مع وزارة الثقافة اللبنانية تم تأسيس “مهرجان لبنان الوطني للمسرح” في العام 2018 بدورته الأولى، وتُقام الدورة الثانية منه على خشبة “مسرح المدينة” في بيروت بين 2 و 8 شباط الجاري. الدورة الثانية للمهرجان التي كانت مقرّرة في تشرين الثاني الماضي تم تأجيلها بناءً لرغبة المشاركين في العروض المسرحية بسبب الظروف التي يمرّ بها لبنان، هي ظروف ليست أكثر من محاولات للانعتاق والتحرّر من وضع محزن قائم في لبنان تراجعت فيه كل أشكال الحياة، “المسرح في مكان والأوضاع في مكان آخر” هكذا عبّر بعض المشاركين في المهرجان كما اطلعنا أمين سر المهرجان الكاتب والناقد المسرحي عبيدو باشا في لقاء مع “ضفة ثالثة” وقد علّق قائلاً: “صحيح أن المشاركين في العروض هم من المشاركين في الحراك لكنني كنت ضد التأجيل، يجب أن يكون المسرح جزءاً من تحديات المجتمع”.

     “الدورة الأولى فيها كل دهشات الاكتشاف، كل دهشات الدخول الى الأماكن التي تكون مغلقة أو مفتوحة جزئياً وقد قامت على مجموعة من المستكشفين، الدورة الثانية هي الدورة الأولى بالنسبة لي، بعد قراءة ما أنجز في الدورة الأولى وعلى ضوء القراءات النقدية تم التطوير والتحسين”، يقول باشا.

     لا تحمل الدورة الثانية من مهرجان المسرح الوطني اللبناني إسم شخصية فنية في حين حملت الدورة الأولى إسم القدير أنطوان كرباج (1935). يدير المهرجان في دورته الثانية الفنان نقولا دانيال والى جانبه في الهيئة العليا للمهرجان مدير عام وزارة الثقافة اللبناني علي الصمد، نقيب ممثلي المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون نعمة بدوي، نقيب الفنانين المحترفين جهاد الأطرش، الممثل بديع أبو شقرا، والناقد عبيدو باشا. اختارت لجنة المشاهدة المؤلفة من الممثلة رندة الأسمر، الاعلامي بيار أبي صعب والسينوغراف وليد دكروب ست مسرحيات للمشاركة في المهرجان كان قد تم عرضها خلال العام 2019، وسوف تُعرض على خشبة مسرح المدينة بالتتالي حسب ذكرها من مساء 2 شباط حتى مساء 7 شباط الجاري على أن يكون ختام المهرجان مساء 8 شباط بتوزيع 9 جوائز مقدّمة باسم “الهيئة العربية للمسرح”، ويتضمن الحفل الختامي مشاركة لمجموعة من الفرق الفنية. وتتألف لجنة التحكيم لاختيار الفائزين من الممثل بطرس روحانا، المخرجة لينا خوري، الممثلة ندى أبو فرحات، المخرج ناجي الصوراتي والشاعر زاهي وهبي، وتتوزع الجوائز على الشكل التالي:

  • أفضل عمل مسرحي (5000 دولار أميركي) – أفضل ممثل دور أول (1500 دولار أميركي) – أفضل ممثلة دور أول (1500 دولار أميركي) – أفضل ممثل دور ثانٍ (1500 دولار أميركي) – أفضل ممثلة دور ثانٍ (1500 دولار أميركي) – أفضل نص مسرحي  (1500 دولار أميركي) – أفضل إخراج مسرحي (1500 دولار أميركي) – أفضل تأليف موسيقي (1000 دولار أميركي) – أفضل مؤثرات صوتية (1000 دولار أميركي) – أفضل سينوغرافيا (1000 دولار أميركي)

والعروض هي كما يلي:

  • “كوميديا العبابيد” من كتابة وإخراج هشام زين الدين، هي كوميديا سوداء تتناول الأزمات الاقتصادية والاجتماعية اليومية وعلاقة الشعوب بحكامها الفاسدين. يؤدي العرض أمل طالب، هشام خداج، إدمون حداد، ربيع أيوب، سالي فواز وبيان ضو.
  • “ما شاء WILL” من كتابة وإخراج غبريال يمين وهي تحكي عن ست شخصيات من أعمال الأديب وليم شكسبير،كليوبترا، لايدي ماكبث، دسدمونا، كاترين وجولييت ومربيتها، أنهن غير راضيات عن أدوارهن، مناخ شكسبيري يؤديه كاتي يونس، نورا جريج، نتالي فريحة، بيرلا حنا، كريستينا نخول، كريستي الخوري، نسيب السبعلي، جان بول الأسطا وعامر فياض.
  • “المعلقتان” من كتابة حسن مخزوم وإخراج لينا عسيران، وتدور قصتها حول امرأتان تستقلان المصعد وتنظران الى الحياة بطريقتين مختلفتين، واحدة منهما تتجه للمشاركة في عملية كاستينغ Casting لمسرحية فيما الثانية التي تواجه العالم بنظرة تشاؤمية تعلق في المصعد، مسرحية تعبّر عن الحالات النفسية للمرأة في عالمنا العربي.
  • “أصل الحكاية” من كتابة وإخراج وأداء أوريان الزوقي وإريك دينيو-مجموعة كهربا، هو عرض يتناول فن الرواية بالرقص وبالطين عن طريق تحريك المنحوتات والمواد والصوت معاً فترسم قصص الناس وأساطيرهم في سلسلة من المشاهد المعدنية.
  • “شاطر فؤاد” من كتابة وإخراج وأداء فؤاد يمين، مونودراما يعرض فيها الممثل الوحيد مراحل من حياته محاولاً أن يجد الأجوبة على الأسئلة التي ليس لها جواب حتى الآن.
  • “مجدرة حمرا” من كتابة وإخراج يحي جابر، مونودراما تتنقل فيها الممثلة أنجو ريحان بين ثلاث شخوص لنساء من الجنوب اللبناني ومعاناتهن مع الزواج، الطلاق، الأولاد، الغربة، وتجارب تصطدم فيها المرأة الجنوبية بالبيئة المحيطة بها.

     يؤكد الناقد عبيدو باشا أن اختيار هذه المسرحيات كان بناءً على احترافية هذه الأعمال وجودتها، “لم نضع مسطرة ونقول للشباب أعطونا أعمالاً على قياسها، بالعكس نحن نستفيد من خبراتهم ومن أكاديميتهم، وكان دور وزارة الثقافة إيجابياً جداً، لم تتدخل الوزارة بوضع أي معايير ولم تعترض على أي عمل مقدّم للمشاركة في المهرجان لأسباب رقابية أو سياسية، أبداً، كانت علاقتنا طوال الوقت مع مدير عام وزارة الثقافة الدكتور علي الصمد الذي هو أيضاً شاب منفتح ويحاول أن ينمّي ثقافة”. ولفت باشا الى أن جمهور المهرجان قائم بكثرة وعلاقته بالمهرجان علاقة شعرية، وقد حزن الكثيرون خلال الدورة الأولى للمهرجان لعدم تمكنهم من مشاهدة أغلب العروض بسبب الازدحام، وهذا مؤشر إيجابي في زمن محاولات التغيير اليائسة.

     يختم باشا أن لا هوة بين المسرح اللبناني والعربي وبين المسرح العالمي، “نهضة المسرح كانت في تاريخ محدّد حين كان العالم يتحرّر ويطرح أفكاراً، كان هناك معسكران اشتراكي ورأسمالي، وكان هناك صدام بين المعسكرين، صدام فكري أولد أفكاراً وكان العالم كله يعمل على ضوء هذه الأفكار، الآن في غياب الأفكار تغيب الأشكال، نحن أمام ما يسمى بالعولمة، أميركا كسحت العالم، الجزء الآخر من هذا العالم مغيّب وبالتالي لا يوجد أفكار جديدة. في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي كان يمكننا أن نتحدّث عن ثلاثين أو أربعين مفكراً، عن مئة مسرحي بارز على الأقل، هل يمكن أن تسمي لي الآن ثلاثة أسماء بارزة.. نحن جزء من العالم وبالتالي العالم يتقدم فنتقدم معه، إنه لا يتأخر الآن لكنه لا يتقدّم، نحن في مرحلة إنصات، العالم يسترجع آليات قديمة حتى يعيد إنتاج مفاهيم الصراع القديمة بين الشمال والجنوب، بين الرأسمالية وبين الناس الداعين الى العدالة والحرية، في غياب الطرف الآخر لا يوجد صراع وبالتالي لا توليد لأفكار، في غياب الأفكار تغيب الأشكال، المسرح الآن في العالم كله لم يعد موجوداً في الواجهة كما كان قبلاً.. وفي لبنان بطبيعة الحال الأمر نفسه”.

      هي مبادرة تاريخية من حاكم الشارقة أراد فيها للبنانيين أن يطرحوا هواجسهم وأن يثيروا النقاشات بشكل مباشر أو غير مباشر عبر المسرح دون أن يعلم أنه بذلك ينقذ قليلاً من لبنان، وهي مبادرة يحتاجها بكثرة محبو الضوء في هذا العالم المظلم.
“مهرجان لبنان الوطني للمسرح” بدءاً من يوم الأحد 2 شباط لغاية 8 منه الساعة الثامنة والنصف مساءً- مسرح المدينة (شارع الحمرا-بيروت). الدعوة عامة والدخول مجاني.

دارين حوماني
صحفية لبنانية

شاهد أيضاً

“أصل الحكاية” يتربع على عرش مهرجان لبنان للمسرح #لبنان