«فلايت».. قصة حزينة على مسرح دون خشبة وممثلين

 

في عرض أول بمنطقة الشرق الأوسط؛ استضاف مركز الفنون في جامعة نيويورك أبوظبي، أول من أمس، عرض مسرحية فلايت، من تأليف كارولين براذر، وإخراج أوليفر إيمانويل، والتي تستمر إلى 21 من الشهر الجاري.

وكلمة «مسرحية» لا تنطبق بشكلها المعروف على العرض الاستثنائي، ومدته 45 دقيقة، إذ لا توجد خشبة مسرح ولا ممثلون، بل المُشاهد وحده في مواجهة شيء يشبه الصندوق، وإضاءة سفلية تنعكس على شخصيات العمل المصنوعة من الطين والسيراميك، تتحرك وفقاً لموسيقى تصويرية من خلال سماعات أذن يصحبها صوت الراوي، لتُشعر المشاهد بأنه عرض سينمائي أكثر منه مسرحي.

لجوء

يجسّد العرض قصة لجوء طفلين من أفغانستان، يمكن إسقاطها على كل من هرب من الموت والقهر، ليخرج المتلقي من العرض وهو في قمة الحزن، وفي الوقت نفسه في قمة الامتنان لكل نوع من الفنون يستطيع نقل حكايات الناس.

في العرض – الذي يتماشى مع عام التسامح – ثمة تحضيرات مسبقة للجمهور، إذ يتم تقسيم الجمهور إلى ثلاث مجموعات تدخل كل واحدة منها ليجد أفرادها أنهم باتوا وحدهم في غرفة شديدة العتمة، يجلس المتفرج فيها على كرسي، أمام صندوق أشبه بلوحة مفرغة فيها شخصيات تتحرك وفقاً لموسيقى وصوت راوٍ يسمعه من خلال سماعة أذن، وهنا يبدأ المتفرج بالدخول إلى هذا العالم المصغر والكبير في حكايته وطريقة عرضه.

منذ المشهد الأول الذي يمر كشريط سينمائي، يبدأ المشاهد رؤية عائلة سعيدة تجتمع على مائدة طعام مليئة بالخيرات لأم وأب وطفلين صغيرين، وبعدها يأتي صوت قصف ورحلة هروب وفقدان الطفلين لأبويهما. وهنا تبدأ الحكاية ورحلة اللجوء.

تمزج المسرحية بين الرواية المصورة وفن مجسمات الديوراما والوسائط السمعية، حيث تجمع بين موضوعات درامية والصورة البصرية الساحرة. ويشاهد كل فرد من الحضور من جناحهم الشخصي في المسرح القصة التي تتكشّف أمامهم على شكل صور ونماذج متحركة بوتيرة بطيئة تتماشى مع الصوت والموسيقى التي يسمعونها عبر سماعاتهم.

إصرار

تنقل «فلايت» مفهوم الهجرة واللاجئين، من خلال قصة معبّرة حول شقيقين يتيمين من أفغانستان (أريان وكبير) يذهبان في رحلة من كابول والهدف الوصول إلى لندن، إذ يمران بدول عدة، ويتعرضان لكل أنواع التنكيل والاستغلال كان أبشعها استغلال الطفل كبير وتعرضه للاغتصاب من قبل أحد المزارعين الأوروبيين.

يحاول الأخ الأكبر بشتى الطرق إعادة أخيه المنتهك إلى التركيز في حلم الوصول إلى لندن حيث تقطن عائلة والدتهما الراحلة، ويعلمه كيف يطير وهو على الأرض يحتضنه طوال الوقت، ويخاف عليه، يتعرضان لقسوة بشر لا يمكن تحملها، لكن الإصرار هو الذي يخلق القوة في قلبيهما. رحلة قاسية، بتفاصيل بشعة، لكن الإصرار على البقاء يمنح الصغيرين القوة وتحدي كل الظلم الذي يحوم حولهما.

نقطة الوصول

بعد كل ما يتعرض له الشقيقان.. تقترب النهاية غير السعيدة في «فلايت»، إذ يتسللان إلى شاحنة لحوم مبردة، ولا يكتمل الفرح، إذ يموت الأخ الأكبر من شدة البرد في الشاحنة، لكنه على الأقل وفّى بوعده لشقيقه الصغير، وأوصله إلى لندن، ليدرك بعدها المشاهد أن صوت الراوي هو لـ«كبير»، وقد بات شاباً، إذ يؤكد أن كوابيس انتهاكه مازالت تلاحقه، لكن حلم الطيران – الذي كان أخوه يحثه عليه – هو السبب في منح الحياة فرصة للتصالح.

 

https://www.emaratalyoum.com

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …