غواية المجاورة والمحو لسردية الانتظار في مسرحية YES GODOT – نورس عادل هادي

 

غواية المجاورة والمحو لسردية الانتظار

في مسرحية YES GODOT

* نورس عادل هادي

لم يكن مقترح الجسد الانساني وتوصيفاته النصية في خطاب المسرح المعاصر سوى حالة تمسرح خصخصتها نوايا فكر المابعديات وعشقتّها في المتون المعرفية المتواطئة وادبياتها..واكثر من ذلك نُمّط هاجسنا على الاعتياد في انتخاب فضاءً موضوعياً راديكالياً يجذّر مركزية الجسد ويدفع بعجلة تأرخته المحدثة في يومياتنا، وبتلك البساطة المشددة تتم عملية الاستفراغ الجمالي بوصفها ممارسة احتيال لاسترجاعات فرجوية تعيد علينا سؤال الوظيفة الجنسانية ذات المآخذ المجتمعية – والتي لم تزل تابويةفي اغلب المجتمعات من ذوات الاحتباس الديني_ او تفرده بوصفه فرداً تقتصر وظائفه على اليومي الذي لا يشكل فارقا دينامياً.. وبالخروج على ما تقدم اعلاه يمكن أن تنبني كل الاطروحات المغايرة على استشكالات خلاقة في مستوى التعاط وبشكل متفوق ، اي ان هذه الاطروحات المتفوقة تمثل استثناءات منعشة تعمل على الإزاحة الجزئية لتستعيد ذاكرة الجسد بتلك الازاحة بعض من تاريخها وتجربتها وارتباطاتها بسؤال انطولوجي محتمل.. ،وعلى هذه الحال يصارع الجسد الانساني موجهات ما بعد الحضارة ايضاً ودأبها منقطع النظير نحو قطع الطريق على كل من ينوي استعادة دور المؤلف/الخالق فيما توطن ذات الموجهات بدائلها الممثلة بوسيط مطواع وجاهز مُمَثَل بالادلجةالتي تملئ مستوعباتنا المعرفية وتمرر يومياتنا (بمراجعات) دائبة لا تعمل على تهميش (مرجعياتنا) كما توهمنا بقدر انها تجتاز تلك المرجعيات بفعل المراجعة ذاته ..  

وعلى وفق هيكل هذا المنطلق اعلاه لا غير امركز موجهاتي القرائية لتؤسس مهادها في الكشف عن قيم الجمالي والفني والتي يتمثل على وفق معدلاتها معيار المنطق النقدي الذي يمكن بوساطته الحد من مزاجيات الذائقة والذات واعلاء سلطة الاداة النقدية للاشتباك بموضوعية على قدر مستطاع وخطاب مسرحية (YES GODOT) اعداد واخراج(أنس عبد الصمد) تمثيل( أنس عبد الصمد، محمد عمر، صادق عبد الرضا، اليسار الربيعي، فاطمة ابو هارون) وهي من نتاجات فرقة مسرح (المستحيل) عن خطاب نص (في انتظار غودو) ل(صموئيل بكت) ..

فضاء الاشتغال الموضوعي ..

يتكشف الفضاء الموضوعي لما ينطوي عليه جوهر خطاب العرض المسرحي عن مراجعات مفتعلة لعقيدة الجدل الفلسفي التي رجرجها تيار العبث بوصفه منطقة متطرفة ومتقدمة على ماديات الفلسفة الوجودية وادبيات اللامعقول ومرتكز رئيس اسهم في انتاج عديد النسخ المعرفية السبّاقة بفرض مشغلاتها ،وانتاج عوالم منغلقة تفترض صدامات عدمية وخلاص زائف ولا نهايات مكررة وتقذف بها كمفاهيم متصلبة تسد عنق الزجاجة ، سيما وان التقارب في أنساق هذه الرؤية عضدته عوارض ما بعد الصدمة (التروما) التي اصابت وتصيب مجتمعات ما بعد الحروب، اذ جرى تسريب هذا العارض في الحقول المختلفة….

على ما تقدم تشف لنا اجابة محتملة حول سؤال ال(لماذا) لماذا اطروحة(صمويل بيكيت) تتفرد بمستوى ايقوني من الجمال المُعَزِز لعديد التساؤلات الفكرية التي تؤثث نحو اسئلة الوجود والعدم وتطرح ارتباطاتها الانطولوجية وحضورها المنفعل في ازمنة سابقة كما في اللحظة التو، ضمن متوالية ثقافية لم تستنفذ مؤثراتها بعد على الاقل بالنسبة للعديد من الكيانات الثقافيةالاممية، ذلك انها مثلت نسخة أولية لجوهر التساؤل العظيم حول سردية الخلاص.. ،الامر الذي دفع صانع العرض نحو استقدام تلك النسخة المؤسسة بوصفها بؤرة مركزية خلاقة على المستوى المعرفي لتاريخٍ عضوي قد يتفكك بالدك على ارتباطات اسئلته المصنعية كخطوة اولى، ومن ثم لفت النظر الى اهمية فك الارتباط المرضي المزمن بالأجوبة (القطيعية )التي فقدت دهشتها كما افقدتنا شهية العود الابدي للبحث عن مرجعيات لا مراجعات  ،وبذلك الهاجس شكل خطاب العرض بادرة ترصد حالة الاشتباك مع مفهوم الاستهلاك لتاريخ الافكار الذي عارضته رؤية (بيكيت) ذاتها قبل عقود مضت، ومن ثم يرصد كيف أقفلت تلك الرؤية واجهزت على محاولات انتاج المعنى من خارج اشتراطها، فيما يعزز خطاب العرض فواعله في الكشف عن ذلك الاستهلاك بذاته وبوصفه سبباً ادى الى تحول ذواتنا الانسانية نحو كيانات مادية ومن ثم الى مكونات شيئية تدفع بها وتعمل على توظيفها الارادات الموجهة لسياسات حياتية نفعية خاضعة لمفاهيم التسليع (بحسب فوكو) ، وهو ما سعى لبثه الفضاء الموضوعي لنسخة خطاب العرض في انشاءه بيئة مشهدية موازية للبيئة المشهدية السابقة عليه الخاصة بجدلية نص(في انتظار غودو) ل(بيكيت) على ان انشائية البيئة المشهدية النصية ل(بيكيت) ذاتها كانت هي الاخرى استحضاراً رمزياً واشتباكاً مجاوراً لخصيصة البنية النصية التي تبنتها الرؤى الميتافيزيقة السابقة عليها وحققتها ادبيات الديانات فيما بعد لترصنها الثقافات الشعبية في الوعي الجمعي،.. فيما تجدر الاشارة الى ان فعل التوازي ونواياه الاشتغالية، هو فعل مخاتل تعارضي في مضامينه المضمرة وتشابهي في سياقاته العامة، ففيما يمهد فعل المجاورة (السابق عليه) نحو ازاحة وحرف المعنى الى معنى مقارب بالتشبه، يتخذ فعل التوازي المنشق بعداً تدميرياً مفارقاً لمركزية المعنى الاول..بالمغادرة والمحو، فالنص الاصلي الميتافيزيقي يحتوي على فضاء علاماتي عبر مخيال المكان الذي سَيُهجر بعود ممكن، أي ان العلامة الفارقة لخصيصة المكان في النصي الميتافيزيقي تنبني على اساس جدلية (المفارقه/العودة).. بوصفه محطة فعلت فعلها في خيارات الذات الانسانية وتمركزت حول اثارها الماضوية ذاكرة بقابلية عضوية، وكذلك الحال بالنسبة لرمزية الاداة المادية التي مثلتها الشجرة المقدسة وثنائيتي الخير/ الشر الممثلتين بالإنسانوالغواية، وقد عكس(بيكيت) تلك البيئة عبر استحضار مجاورلرمزية العناصر ضمن جدلية خطاب(في انتظار غودو) بما حققتهالدالة المكانية للمفارقة…/المغادرة/العودة.. وما رمزت اليه الشجرة الذابلة من تمثلات للمادية المجردة من القداسة، فيما بداواضحاً ان (بيكيت) حقق معادل موضوعي للثنائية السابقة الخير/ الشر بمقترح دينامي اعاد بوساطته انتاج مفهوم الشر على انه فكرة مجردة تماثل فعل الانتظار لمن قد لا يأتي، وبهذا الفهم للمرجعية تتضح قراءة متوازية (YES GODOY )والسبب من وراء اعتمادها على رص فضاءها بإنشائية تراجعقراءة الفوضى العبثية النصية السابقة ل(بيكيت)..ولكن.. بفوضى فرجوية خلاقة متوازية تنطلق من مرتكزات القراءة في( الان وهنا )فتعيد انتاج الجانب المادي المتعالق مع الشجرة المقدسة بإظهارحقيقتها الخاالية الا من مستواها الوظيفي الاكثر استثماراً من قبل السلطة على مر العصور فينتخبها خطاب العرض على انها مكمن لإنتاج ادوات اللعبة القمعية التي مورست على الفكر الانساني، موضحاً ذلك برمزية الشجرة التي أنتج معناها الشكل الوظيفي الذي صادرته موجودات عناصر القوة/السلطة(مضرب البيسبول) بوصفه تمثلاً للقوة ووظي

 

نورس عادل هادي

 

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش