عين على المسرح -المهرجان الدولي لمسرح الطفل بأم العرائس في دورته السابعة عروض تنافسية وتجارب متباينة – بـقــلـم : عـبـــاســيــة مـــدونـــي-ســيــدي بلعــبــاس- الـجــزائــر

ما تزال فعاليات العرس الثقافي الدولي لمسرح الطفل بأم العرائس –قفصة –تونس متواصلة ، وفي جوّها التنافسي عرفت سلسلة من العروض المسرحية المتنافسة للوفود العربية المشاركة ، حيث احتضنت دار الثقافة أم العرائس جل التجارب العربية المتنافسة ، وقد كانت أولى العروض المتنافسة ” خطة الهنود” لجمعية مسرح االشباب والطفل من سيدي لحسن-سيدي بلعباس-الجزائى  ، من تأليف ” ناصر هـشام” وإخراج ” بن الحسين زواوي  ” ، عرض مسرحي جمع بين أصول وخصوصية مسرح الطفل وما بين الماريونيت التي تجسدت في بعض الشخصيات التي واكبت بقية الشخصيات من العمل المسرحي في ظل تجسيد الخط الدرامي للعمل المسرحي الذي مزج ما بين الحكاية والصراع الدرامي وخط الفعل المتواصل ليحمل جمهور الأطفال نحو الفرجة والمتعة  وتحقيق غائية العرض من خلال البعد التربوي الهادف .

خطة الهنود “ التي جسّد أدوراها ثلّة من الممثلين باحترافية عالية جمعت ما بين مرونة الجسد ودقّة الأداء من حيث إدارة الممثل والتناسق ما بين المجموعة فوق الركح المسرحي وهم           ” زواوي بن الحسين ” في دور الراوي والبومة ورئيس قبيلة الهنود ، ” طلحة صديق ” في دور الصياد “فوفو “ ، “سمير بوبركة ” في دور الزهرة وياشي ، و” درويش محمد ” في دور شوشي من قبيلة الهنود ، والممثل ” رزوق رياض ” في دور الفراشة ، و” طاهر بوزيان عبد الرحيم ” في دور الزهرة  ، عمل مسرحي جسّد قوى الخير والشر في عالم الإنسان ، حيث يكون الصياد ” فوفو ” مصدرا للخراب والدمار ، لكن بفضل حنكة كل من البومة والفراشة يتفقان مع قائد قبيلة الهنود وزعيمها أن يكون سندا في تنفيذ خطة محكمة التفاصيل لإنقاذ الغابة ، بمساعدة أفراد من قبيلته أين يعمل الجميع يدا في يد لأجل إنقاذ الغابة وإعادة بهائها باعتبارها المكان الأكثر أمانا واحتواء لجميع الحيوانات .

سينوغرافيا العرض كشفت عن تناسق في العمل الدرامي من حيث الديكور المجسد الذي كان وظيفيا بحتا ، مع حرفيّة في ملابس الممثلين من الفراشة إلى الراوي ، وصولا إلى الصياد وتجسيد الممثلين إلى الزهرتين وأفراد قبيلة الهنود ،  ناهيك عن تجسيد الماريونيت في شكل شخصيات لتكون امتدادا نحو اكتمال درامية العمل المسرحي ، حيث كان على عارضة الصوت ” عباسية مدوني ” في توظيف للموسيقى التي واكبت لوحات العرض من حيث الحوار حتى الأغاني المجسّدة وفق مشهدية كل لوحة من العرض المسرحي ، وفي تقنية الإضاءة ” برمانة سامية ”  التي واكبت هي الأخرى لوحات العرض المسرحي وفق وعي ورؤية كلغة فنية تماشت وتفاصيل العمل المسرحي  في ضوء رؤية المخرج ، لتكون جميعها أدوات مساهمة في تعزيز توجهات العرض ، أين كانت كل من الموسيقى والإضاءة متوازية وروح العمل المسرحي شكلا ومضمونا ، وفق إيقاع درامي حقّق الفرجة للجمهور الذي تجاوب واستمتع بالعمل المسرحي .

ثاني العروض المسرحية المبرمجة ضمن رزنامة المنافسة في فعاليات الدورة السابعة للمهرجان الدولي لأم العرائس كان للوفد العراقي ممثلا بفرقة الننجا والفنون للأطفال بمسرحية  ” في كل عصر وأوان ” من تأليف وإخراج ” ناجد جباري” ، عرض مسرحي استخدم تقنية الإضاءة  البديلة الرقمية  الحديثة التي تعتمد التصميم وتجسيد أفكار السينوغرافيا المعتمدة ،  حيث كان ” عماد هادي” مساعد مخرج ومنفذ الإضاءة الرقمية ، و” محمد مهدي “على العارضة التقنية عمل مسرحي جسّد صراعا بين ثنائية الخير والشر على لسان الراوية ومحركة الدمى ” هند عماد” ، أين كان القط ومحرك الدمى ” علي مجيد” على وفاق مع الفار” الطيب ناجد” وفاق تمّ على أساس الصداقة ، لكن الشرير ” وئام وافي” لم يرضه الأمر ، فسعى بألف وسيلة إلى فكّ تلكم الرابطة من الصداقة ، كما تم اعتماد تحريك الدمى والماريونيت من طرف   ” ناجد جباري” ، أما التسجيل الصوتي بتقنية البلاي باك “play back”  كان لكل من ” مسا”و” ناجد” .

العرض المسرحي ” في كل عصر وأوان ” قد غاب فيه الفعل الدرامي الذي من أولوياته تحقيق الفرجة والمتعة للمتلقي ، كما أن الممثلين استخدموا الدمى الضخمة لتجسيد كل من دور ” القط والفأر والراوية” الأمر الذي حدّ من امكانيات الممثل ولم يكشف عن قدراته كممثل بتغييب الملامح والإيماءات والانفعالات ، وحتى الشرير تمّ تجسيد دوره سينوغرافيا بارتداء القناع ممّا غيّب الممثلين على الركح أداء واحترافية ، ناهيك عن تقنية البلاي باك طيلة العرض المسرحي والتي هي الأخرى ألغت جمالية النص والحوار والتواصل ما بين الممثلين .

قوى الخير والشر تجسّدت في العمل من خلال النص وانتصار قوى الخير في آخر المطاف ، لكن مجمل المعوقات بداية من تجسيد الممثلين لأدوارهم بالدمى والأقنعة قد حدّ من جمالية ومتعة العرض الذي كان من المفترض أن يرتقي إلى مستوى افضل بفضل تقنية الإضاءة الرقمية .

ثالث العروض المتنافسة كان من تونس وتحديدا من انتاج شركة جوكر  تحت مسمى ” عالم السيرك ” ، نص” دنيا مناصرية ” وإخراج ” حاتم الحشيشة ” وسينوغرافيا لــ” بلال بن سليمان” ، العرض المسرحي عرض استعراضي حاكى قضية فنان مشوه الوجه الذي يطرد من سيرك المسرح  بسبب التشوه الحاصل معه ، وبعد مغادرته وبحكم قدراته الإبداعية الهائلة تتقلص أهمية السيرك بعده وتتضاءل قيمة وعدد الوافدين إليه ، فيتم البحث عن المبدع في رحلة شاقة لتتوالى المغامرات وتتصاعد ضمن لوحات فنية استعراضية تشي بعالم السيرك في عرضه المسرحي السيركوي ، كان عرضا مسرحيا جمع ما بين المسرح وما بين عروض السيرك والتكنولوجيات الحديثة ، قد نسميه سيرك مسرحي حقق المتعة البصرية للمتلقي من حيث الاستعراض والحكاية التي تمّ الانطلاق منها .

ومن السعودية الحاضرة ضمن فعاليات العرس المسرحي الدولي للأطفال ، كانت ممثلة بفرقة بريدة والتي قدّمت عرضها المسرحي التنافسي المعنون بـ” الطفل والدمى الثلاثة ” من تأليف وإخراج ” أحمد الحسن ” ، العمل المسرحي تمحورت قصته حول ثنائية الخير والشر ، والتي جسّدت من خلالها حلم طفل متعلّق بأن يصبح من الشخصيات الكرتونية التي هو متأثر بها أيّما تأثر ، ناهيك عن أبطاله من الشخصيات الكرتونية الأخرى ، سرالحكاية يكمن في ضرورة أن يتخلى الطفل عن كل شخصياته الكرتونية مقابل تحقيق حلمه .

ومن تونس دائما ، عرض ” وحش الممالك ” لشركة الحب المجنون للإنتاج ، نص ” سوسن الداودي” وإخراج ” محسن الأدب”  مع تجسيد للشخصيات لكل من ” سوسن الداودي” ،         ” إيمان العضيمي” و” هاجر قديدة”  ، وسينوغرافيا لـ” إيمان العضيمي”.

 ” وحش الممالك” اعتمد سرد حكاية الحقل والفزاعة ، مع اعتماد سينوغرافيا بسيطة جسّدت حشرات الحقل من النمل الى الديدان ، والحيوانات التي يؤمها من فأر الحقل إلى الطيور والفراشات والنحل ، إلا أن الفزاعة التي تعدّ وحش الممالك ، تتّحد لتنقذ  الحقل ، العرض سار في وتيرة بطيئة باعتماد السرد من أول العرض إلى آخره ، دونما خط فعل درامي متواصل وحبكة فنية ، الأمر الذي غيّب دوما المتعة والفرجة .

آخر العروض المتنافسة ضمن برنامج المهرجان الدولي لمسرح الطفل كان للوفد المغربي ، ممثلا بمعهد طنجة لمسرح الطفل بعنوان ” الـكــنـز” من تأليف وإخراج ” يونس العلوي الدويري ” ، العرض المسرحي الذي تناول موضوع الحفاظ على البيئة ، وعكس أهمية الحفاظ على المحيط ، ورحلة اكتشاف ” الكنز” التي اتّخذت كذا منعرج .

العرض المسرحي اعتمد هو الآخر سرد حكاية غيّبت الصراع الدرامي ، واعتمد تقنية البلاي باك ” play back” وموسيقى من الريبرتوار العالمي ، وإطناب في لوحات ومشاهد العرض غاب من خلالها اللعب الدرامي ، الذي كان ذا وتيرة بطيئة أضعفت من قيمته في بعض اللوحات ليتم الكشف عن الكنز المتمثل في الحفاظ على البيئة .

العروض المتنافسة كانت تحت أعين لجنة التحكيم المكونة من السادة :

الأستاذ ” الهادي عباس “ من تونس ، الدكتورة ” شوق النكلاوي” من مصر ،الدكتور ” هيثم يحي خواجة ” من سوريا والدكتور ” جودت توت ” من الأردن ، فلمن سيبتسم الحظ يا ترى ؟ في افتكاك جائزة الرابطة الوطنية الفلسطينية ، وبقية التتويجات .

وعليه ، جل العروض المتنافسة كشفت عن عديد التجارب المسرحية المتباينة من حيث الطرح والموضوع ، كما اتّخذت رؤى وأبعادا متعددة كل وفق تصوره وحنكته وبعده ، وهدفه في محاولة الرفع من مستوى مسرح الطفل واحتواء شتى جمالياته نصا وإبداعا وسينوغرافيا وقدرة على تحقيق المتعة والفرجة التي يحتاجها جمهور الغد .

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …