عزلة المسرح في زمن كورونا (49) هل ستأتر جائحة كورونا على انحسار المسرح عالميا..! د.عزة القصابي

عزلة المسرح في زمن كورونا (49)

المسرح فن جماعي، وطبيعة جسد الفرجة المسرحية لا يتحقق جوهرها الا بالجماعة وفي الجماعة.. سواء على مستوى التشكل الابداعي من خلال التداريب والتحضير أو على مستوى التلقي والتفاعل الجماهيري الحي.

فماذا عن “عزلة المسرح في زمن كورونا”؟ وهل ما عرفته المنصات الوسائطية الالكترونية من مبادرات واسهامات “مسرحية الكترونية” قدم لهذا الفن الجماعي الحي والعابر، ما كسر شيئا من عزلته وانكماش فعله وفاعليته وتفاعله؟ هل تلبى رغبة الفرجة الحية بكبسولات فيديو ؟ وما تأثير الافكار المبتكرة الكترونيا على الفرجة المسرحية؟ المسرح وعاء ابداعي يحتضن الفنون جميعها.. فما تاثيرها على قواعده الثابتة والمتغيرة ؟ وما الفواصل بين التأثير الحقيقي والتاثير المزيف الزائل؟

ملف تشارك فيه مجموعة من الأسماء المسرحية العربية لإبداء الراي ومناقشة حاضر المسرح في الزمن المرتبط باكراهات الظروف المعطاة التي فرضتها الجائحة على الجميع… وما طبيعة النشاط المسرحي الإلكتروني الذي عرفه الظرف “الكروني”…

إعداد: عبد الجبار خمران 

هل ستأتر جائحة كورونا على انحسار المسرح عالميا..!

د.عزة القصابي (سلطنة عمان)

     تنتشر جائحة كورونا في العالم مثل انتشار النار في الهشيم، لتؤكد أن العالم يعيش في نطاق محيط واحد، وكوكب واحد! وأن الإنسان بتكوينه البيولوجي يتشابه مع نظيره الموجود في كل بقاع العالم.

ومن المؤكد بأن فشل البشرية في القرن 21 في محاربة هذا الكائن الميكروبي-كوفيد 19 دلالة على عجزها في التوصل لحلول تقضي على الكوارث الطبيعية.. متضادات ومتناقضات حول ظاهرة انتشار فيروس كورونا في العالم قاطبة، هذا الفيروس الذي يسبب شللا في الاقتصاد والسياسية والثقافة والفنون، تدهوره بفعله البورصات العالمية، وانخفض سعر النفط، وطمست إمبراطوريات وشركات عالمية بعد افلاسها، وهناك مئات من الموظفين والعاملين حول العالم أصبحوا بلا دخل!

يا الهول! حول ما يحدث في عالمنا أنه اشبه بمقدمة فيلم سينمائي مرعب، لا يزال العالم يعيشه دون تحديد نهاية له. أصبح الناس حول العالم ينتظرون افول عام 2020م بفارغ الصبر، والمسرح هو جزء لا يتجزأ من ذلك المشهد، وهو منتج إنساني يتفاعل مع بقية الأنشطة الاقتصادية والثقافية، ويعيش على التغذية الرجعية للعاملين فيه، والذين يشاركون ويتفاعلون.. ويتفرجون على خشبته الحية.

وفي ظل جائحة كورونا، العالم أسدل الستار على الكثير من المسارح العالمية التي كانت لا تقفل أبوابها على مدار الساعة، وهناك مئات من العروض التي كانت تقدم للزائرين يوميا. كان ذلك ظلالا لتداعيات كثيرة، أولها التوجيهات القاضية بإغلاق دور المسرح، خوفا من انتقال العدوى، وتفشي المرض بين مرتديه، إضافة إلى ضعف التمويل نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي العالمي.

جميع ذلك ساهم في إغلاق المسارح والصالات العالمية التي قوامها الجمهور الحي، الذي كان يحرص على التواجد والمشاركة، وهذا حد من الحراك الفني المسرح، وتنحى الممثلون والفنانون والمخرجون والكتاب قليلا…ريثما يهدأ الوضع!

     ومع توقف الحياة في ظل استفحال الجائحة، جعل الكثير من الأنشطة تلجأ للوسيط الافتراضي، بغية التواصل مع الجمهور، وكان المسرح الافتراضي حاضرا في العديد من الدول. وقدمت الكثير من العروض المسرحية الافتراضية عبر شبكات الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. وهذا تسبب في تعليب معظم الأنشطة وتحويلها إلى برامج الكترونية يعلن عنها عبر الوسيط، ويتابعها الآلف عبر الفضاء السيبراني، ويتفاعل معها البعض عبر الوسيط نفسه. 

هذا التحول الالكتروني الافتراضي للمسرح ومحاولة كسر عزلته في ظل الجائحة، حقق حضورا ولكنه افتقد إلى التفاعل الحي بين الخشبة والجمهور، وظلت العزلة تلاحقه حتى وقتنا الحالي، كون المسرح فن حي، ومتفاعل، وجمالي ينتقل إلى الجمهور مباشرة، وهذا يتوفر في المسرح الافتراضي في زمن كورونا.

لا يزال كورونا يسبب شللا للكثير من الفعاليات والأنشطة الفنية ومن ضمنها المسرح، وهو لا يزال يستميت في معركة البقاء بمعية وسائل التواصل الاجتماعي، وتميز المسرح عن باقي الفنون التي تتصالح مع واقع العزلة الكورونية، بأنه لا يحتاج إلى خشبة مسرح وجمهور.

ونتساءل في ظل التغيرات الطارئة بفعل انتشار جائحة كورونا، هل سيؤثر ذلك على انحسار المسرح عالميا؟  خاصة بعد التحول التقني لهذه المواقع الالكترونية والحسابات الرسمية في الشبكة العالمية، والتي اعتاد الجمهور على التواصل معهم عبر هذه الحسابات …

فماذا لو كسرت عزلة كورونا وعادت الحياة إلى طبيعتها، فهل ستعود الحياة للمسرح والكثير من المناشط الفنية إلى سابق عهدها؟ أم سيكون هناك بديلا خلفته جائحة كورونا أو ما يسمى (الجيل الخامس)، الذي بشر به هذا الوباء الفيروسي للسيطرة على اقتصاد العالم، وتوجهات الإنسان في ظل التطور الصناعي أو ما يسمى بالذكاء الصناعي الذي سيختصر ويقلص العالم ويجعل كوكب الأرض يتقلص مساحة وبشرا!

د.عزة القصابي – سلطنة عمان

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …